TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تمام سلام.. مكانك سر

تمام سلام.. مكانك سر

نشر في: 14 مايو, 2013: 09:01 م

منذ فوجئنا بسرعة التوافق على تكليف تمام سلام بتشكيل الحكومة اللبنانية، قلنا إن سرعة التكليف لاتعني سرعة التأليف، وها قد مضى أزيد من شهر، والرجل يصارع حيتان السياسة اللبنانية، ويغوص في رمال شواطئها، دون أن يتمكن من بلوغ الماء، وهاهو وطن الأرز يتجه نحو أزمة سياسية شاملة، مصحوبة بمخاوف حقيقية، من تحولها إلى أزمة وطنية أكثر شمولاً وجذرية.
اليوم ينعقد مجلس النواب، على وقع حملة ترهيب، شنتها قوى الثامن من آذار ضد سلام ورئيس الجمهورية ميشال سليمان ووليد جنبلاط ، بهدف البت في مصير قانون الانتخاب، وفي ظل تلويح العديد من القوى السياسية بمقاطعة الجلسة، لرفضها أن يكون مشروع "اللقاء الارثوذكسي" البند الوحيد على جدول أعمالها، وهي اعتبرت ذلك استفزازاً غير مبرر، ودليلاً على عقلية الاستقواء التي تحكمه.
سلام في ورطته، يراهن على مزيد من المشاورات، تفضي إلى "تشكيل حكومة تريح البلاد وتنتقل بها نحو الأفضل على كل صعيد"، بعد أن صرف النظر عن حكومة الأمر الواقع، المشكلة من 14 وزيراً من المحايدين، أو حكومة 8+8+8 ، فيما يناور الحليفان القديمان الجديدان جنبلاط والحريري في السعودية للعودة إلى مقترحات رفضها وما يزال، فريق 8 آذار متمسكاً بالثلث المعطل.
ربما كانت معضلة سلام تكمن في الجدل حول قانون الانتخاب، وهو جدل يطال جذر الوضع السياسي في لبنان، ويشهد تجاذبات عميقة الجذور، والوضع الإقليمي غير المستقر، بتأثيراته في الساحة اللبنانية، وربما يكون المخرج الوحيد من الأزمة، هو تشكيل حكومة تكنوقراط بالكامل، ليتفرغ السياسيون لصراعاتهم، المعطلة لعجلة الحياة السياسية، فيما تتوالد الأزمات بشكل قد يقود إلى الانفجار.   
حزب الله يستقوي، ويهدد الموافقين على حكومة لاتحظى برضاه، يهدد أيضاً بالعصيان المدني، وعدم تسليم الوزارات التي يشغلها مؤيدوه في حكومة ميقاتي، التي تقوم بتصريف الاعمال، أي احتلالها بالقوة، التي امتهن التلويح بها، منذ تحول من قوة للمقاومة، إلى حزب منخرط في ألاعيب السياسة، مع ثباته موالياً لسياسات المرشد الأعلى في طهران.
الأزمة حاضرة بقوة، سواء تشكلت الحكومة أو تاجلت، تم التوافق على قانون الانتخاب أم تعثر، جرت الانتخابات أو تم التمديد للبرلمان الحالي، والسبب كما يقول العارفون، هو ميوعة الحوار بين النخبة السياسية التي ظلت تؤجل الحسم في الكثير من القضايا، بانتظار جود،و حتى وصلت الأمور إلى حافة الوقوع في مأزق الفراغ الدستوري، وعلى كل مستويات الدولة، فيما الخلافات المستعرة لاتتوقف عند حدود فريقي الصراع، وهي تمتد داخل كل القوى السياسية، التي كانت متحالفة، خصوصاً بالنسبة لقانون الانتخاب، فيما تؤكد المصادر العليمة بالخفايا أن الحكومة لن تؤلّف، إلا بتوافق سياسي غير متوافر حالياً.
هل فوّت سلام فرصة كانت متوفرة لتشكيل حكومته العتيدة، وهو يقف اليوم عاجزاً، بعد تراجع جنبلاط عن منحه الأكثرية المطلوبة، بسبب الترهيب الممارس عليه من حزب الله والذين معه، وبسبب التحفظات التي برزت اليوم، على أسلوبه في المشاورات، وتحفظ البعض على السعودية، وهي من أهم داعميه، بسبب قصر تشاورها على حليفيها الحريري وجنبلاط، متجاهلة بقية الحلفاء التقليديين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram