ترجمة: نجاح الجبيلي أطلق فيلم”إلى العجب”بعد أقل من سنتين من فيلم”شجرة الحياة”وهو ملحمة بدأت بالديناصورات وتوغلت عميقاً في مستقبل غير أكيد أما فيلم”إلى العجب”فهو يحتوي فقط على حفنة من الشخصيات المهمة وق
ترجمة: نجاح الجبيلي
أطلق فيلم”إلى العجب”بعد أقل من سنتين من فيلم”شجرة الحياة”وهو ملحمة بدأت بالديناصورات وتوغلت عميقاً في مستقبل غير أكيد أما فيلم”إلى العجب”فهو يحتوي فقط على حفنة من الشخصيات المهمة وقلة من اللحظات الحاسمة في حياتها. وعلى الرغم من أنه يستعمل الحوار إلا أنه غامض ولا يمكن سماعه إلا قليلاً وأساساً يمكن أن يكون هذا فيلماً صامتاً – عدا موسيقاه الكئيبة على الأغلب.
يعطي الفيلم النجومية لبن أفليك وأولغا كورلينكو كزوجين يقعان في الحب بشكل عميق ورقيق ومتسام في فرنسا. يفتتح الفيلم بينما يزوران كاتدارئية”مونت سان ميشيل”التي تجثم على قمة صخرية على الساحل الفرنسي وتتحرك إلى ضفاف السين لكن طبيعته هي الأرض وهذان الجسدان والطرق المبجلة التي يقترب بها كل منهما للآخر. نتف من الحوار والضحكة والأفكار المشتركة تمر بنا سريعاً.لا شيء من أجل التأثير الدرامي.
مارينا امرأة منفصلة تقرر الانتقال مع طفلتها”تاتيانا”إلى أميركا مع”نيل”ويصبح مكان الحدث فجأة الأراضي المنبسطة في أوكلاهوما وهي الأراضي التي ترى هنا كونها غير مأهولة تقريباً. أوه، ثمة ناس هنا لكن نرى القلة منهم وننشغل مع حفنة منهم فقط. مرة أخرى هنا الصفاء والهدوء كما في فرنسا لكن الاختلافات تنشأ بينهما وثمة غضب في بعض كلماتهما.
يعيد”نيل”العلاقة مع”جين”(راشيل مكادم) وهي فتاة أمريكية كان يعشقها سابقاً ويبدو أن الكمال الرومانسي بينه وبين مارينا قد بدأ ينزلق بعيداً.
في أوكلاهوما نلتقي بالأب”كوينتانا”(خافيير بارديم) وهو كاهن من أوربا كنيسته جديدة ومشرقة بالأنوار. نستطيع تقريباً أن نشم رائحة صبغ الأثاث. يجري اختبار عقيدته وعدد من عباراته موجهة إلى يسوع المسيح كنوع من العشيق السابق. يزور كوينتانا السجناء والمرضى والفقراء والأميين الذين بالكاد يمكن فهم حواراتهم حتى من قبلهم.
وبينما تتضافر كل هذه العلاقات يقوم”ترنس مالك”بوصفها بالجمال المدروس وعناية الرسام. إن المزاج غالباً مشابه للإحساس في مشاهد البلدة الصغيرة المبكرة من فيلم”شجرة الحياة". يمتلك مالك ذخيرة من الصور الأساسية التي يرسم عليها.
وبينما يفتتح الفيلم تساءلت إن كنت أفتقد شيئاً ما. وبينما يستمر الفيلم أدركتُ أن الفيلم ربما يفتقد الكثير. على الرغم من أنه يستعمل نجوماً راسخين، إلا إن مالك يوظفهم بالمعنى الذي يقصده المخرج الفرنسي”روبرت بريسون”حين يسمي الممثلين”نماذج- موديلات". إن بن أفلك في هذا الفيلم رجل صامت في غالب الأحيان يسكره الحب والفقدان فيما بعد. وباردم كونه كاهناً بعيداً عن الوطن، جعلني أدرك عزلة الكهنة غير المتزوجين. يتجول في كنيسته الفارغة في منتصف النهار وهو شخص محروم يبكي في دعائه ويحتاج إلى مطارحة أفكار مع يسوع.
إن فيلماً تقليدياً سوف يضع حبكة لهذه الشخصيات ويجعل من دوافعها أكثر وضوحاً. يظهر مالك، وهو من أشد صناع الأفلام رومانسية وروحية، عارياً هنا تقريباً أمام جمهوره وهو الرجل غير القادر على إخفاء عمق رؤيته.
سألت نفسي:”حسن. ولِمَ لا؟ لما يتوجب على كل فيلم أن يوضح كل شيء؟ ولماذا يتوجب التعبير عن كل دافع؟ أليس العديد من الأفلام هي نفس الفيلم مع تغير الخصائص فقط؟ أليس العديد منها تحكي القصة نفسها؟ حين نبحث عن الكمال نرى ماذا تشبه أحلامنا وآمالنا. ندرك أنها تأتي كهدية من خلال لا سلطة من عندنا وإذا ما نفقدها أليس ذلك أسوأ تقريباً من حيازتها في المقام الأول؟
سيكون ثمة العديد من الذين يجدون فيلم”إلى العجب”مراوغاً وفائراً. سيكونون غير واثقين من فيلم سيثير بدلاً من أن يشبع رغبة. أفهم ذلك واعتقد أن ترنس مالك فعل ذلك أيضاً. لكن هنا حاول أن يصل إلى أعمق من ذلك: أن يصل تحت السطح ويعثر على الروح في حال العوز.