تلعب المبادئ دورا مهما في اعمال الكاتب الدرامية. ومن ينسى دور (طه السماحي) (عبد العزيز مخيون) في مسلسل (ليالي الحلمية)، البطل المبدئي والمضحي في سبيل مبادئه. فقد استمر تأثيره في احداث المسلسل حتى بعد اختفائه من خ
احمد الحسن
(2-2)
تلعب المبادئ دورا مهما في اعمال الكاتب الدرامية. ومن ينسى دور (طه السماحي) (عبد العزيز مخيون) في مسلسل (ليالي الحلمية)، البطل المبدئي والمضحي في سبيل مبادئه. فقد استمر تأثيره في احداث المسلسل حتى بعد اختفائه من خلال زوجته (دلال عبد العزيز) وابنه (شريف منير). ويأتي اهتمامه بالمباديء، كونه كاتبا ملتزما على مستوى عال من الوعي بمسؤوليته الاجتماعية، موقنا ومؤمنا بدور الفن في التغيير والتوعية. لذا تميزت اعماله بالعمق والالتزام بالمبادئ وحتمية تطور المجتمع وفق منظور فكري واضح.
الى جانب ذلك نلاحظ ان كاتبنا يؤكد على جانب الخير عند شخصياته، مهما بلغت من القبح او الشر في مسيرتها، فهو يلتقط نقاطا مضيئة في مسيرتها، تعكس نظرته الانسانية والمبدئية، في ان الانسان قيمة عليا لا تخلو من الخير. واحد الامثلة على ذلك، مانراه عند زيارة) حافظ(لبيت اخيه ومشاركته لهم طعامهم ومعيشتهم في مسلسل (الشهد والدموع)، في ساعة صفاء خارج سياق ماعرف عنه من موقف تجاه عائلة اخيه.
اذا كان بالامكان القول ان هناك بطلا واحدا في دراما (اسامة انور عكاشة)، فيمكن القول باطمئنان انها (المرأة)، ليست امراة واحدة بعينها، وانما مجمل ادوار المرأة في اعماله كلها.
فاديبنا ينظر الى المراة ودورها في المجتمع نظرة حضارية انسانية تقدمية، كونها نصف المجتمع. ولايمكن لهذا المجتمع ان يتحرك او يتقدم بكامله مالم يكن نصفه الجميل سائرا في ركبه.
وعند تامل الادوار التي كتبها للمراة يلاحظ،الاحترام البالغ لها ولكينونتها، كبر دورها في العمل ام صغر، قوية كانت ام ضعيفة، غنية ام فقيرة.
فالمراة عنده قيمة انسانية عالية/. لم يتجاوها كاتبناعند معالجة اي موضوع في اعماله، فهي عنده القلب النابض الذي يفيض حبا وحنانا ورحمة، وحتى في بعض ادوار المراة التي قد تثير بعض الجدل حولها كدور (نازك السلحدار) (صفية العمري) نراه يتعامل معها بما لا يتعارض مع نظرته الانسانية للمراة.
ونظرة الى دور (عفاف شعيب) في) الشهد والدموع) كامراة فقدت زوجها وامواله، لم تنكسر، ووقفت شامخة في مواجهة المجتمع وتجاه عم اولادها (حافظ) (يوسف شعبان) او زوجته المتعجرفة (نوال ابو الفتوح). وادت رسالتها في الحفاظ على اولادها كمثل رائع لاي امراة مصرية.
واعتزاز كاتبنا الكبير بالمراة يبدو واضحا في ان عددا من اعماله تحمل اسم المراة كـ (ضمير ابلة حكمت) و (امراة في عابدين) و(امراة من زمن الحب) و (المصراوية) حيث المرأة هي محور المسلسل.
واذا كانت هناك اعمال تلفزيونية او سينمائية، يحشر فيها دور المراة لاسباب جمالية، يمكن الاستغناء عنه دون اي تاثيرعلى الاحداث، الاانها في اعمال (اسامة انور عكاشة) هي المحور الرئيس والمهم فيها. وحتى في الاعمال التي يلعب فيها الرجل الدور الرئيس، فالمرأة تشاركه في صنع الاحداث ولا يمكن باية حال من الاحوال الغاء دورها في ذلك العمل.
ولنظرة الكاتب المتميزة الى المراة، يلاحظ تعامله مع دور زوجة الاب على خلاف الصيغة المتعارف عليها في الدراما المصرية، كونها ظالمة ومتكبرة وتذيق اولاد زوجها مر العذاب، لكنه على العكس من ذلك جعلها في منتهى الرحمة والرقة، كما في دور (انعام سالوسة) مع زهرة (اثار الحكيم) في (ليالي الحلمية) وكذلك في (زيزينيا) فهي صدر رحب مفتوح لكل ابناء زوجها قربوا منها ام بعدوا.
الرجل هو البطل في كل الاعمال السينمائية او المسرحية او التلفزيونية في مصر، بل في جميع انحاء العالم الا ماندر. ولا تشذ اعمال كاتبنا عن هذه القاعدة ولكن اي رجل هو البطل؟ لقد مر بنا سابقا ان (اسامة انور عكاشة) قد خرج عن الصيغة التقليدية بالتركيز على البطل او البطلة بل عد جميع العاملين في العمل ابطالا واقعيين وليسوا مغرقين في اوهام ساذجة او افكار هائمة.
لذا فانه يمكن القول بانه لايوجد بطل واحد في العمل الدرامي، بل ان الجميع ابطال مهما كانت ادوارهم. ففي (ليالي الحلمية) مثل، نجد الى (جانب البدري والغانم) هناك المعلم (زينهم السماحي وبسة والخمس جامع اعقاب السيكاير وسماسم) والبقية الرائعة. كلهم ابطال في مسيرة الاحداث.
ومن البديهي ان هذا المفهوم (مفهوم البطولة الجماعية) ناتج عن جودة العمل الدرامي وحرفيته، فـ (اسامة انور عكاشة)عندما يكتب العمل الدرامي، فانه يكتب الحياة دون ان يقتطع منها او يبتسرها. فالحياة تتسع للجميع وكل يؤدي دوره الذي كتب له او عليه.
بعد استعراض اركان العمل الدرامي، ناتي الى الركن المهم الذي اعده البطل الرئيس، ان لم يكن الوحيد، الا هو النص. وذلك لان كاتبنا الكبيرلايؤمن بالنجوم، ويرفض اي عمل في ظلهم. فهم لا يتحكمون في اعماله اطلاقا.لذا فهو كما قال: يحب ان يكون حاكم الورقة الوحيد، وليس (ترزيا) يفصل الأدوار حسب اهواء النجوم، لذلك فان ابطاله مهما كانوا مشهورين، يبقى الدور اكبر منهم. ودليل ذلك، انه عندما تحكم الظروف بان يستبدل بطل المسلسل باخر، كما في مطولاته – وحدث ذلك مرات عديدة – حيث استبدلت (محسنة توفيق) بـ (فردوس عبد الحميد) في ليالي الحلمية و (هالة صدقي) بـ (اثار الحكيم) بالاضافة الى 8 ممثلين اخرين في (زيزينيا) استمر المسلسل بنفس الجودة والزخم والايقاع في العمل الدرامي دون اي تاثير يذكر مما يدل على سيطرة النص على العمل الدرامي.
وعلى الرغم من ان ابطال مسلسلات اعمال الكاتب الكبير هم من كبار الفنانين كـ (فاتن حمامة)و(حسن يوسف) و (محمود مرسي)و (جميل راتب) و (يحيى الفخراني) و (صلاح السعدني) و (سناء جميل) وغيرهم، الا ان ادوارهم في اعماله قد اضافت لهم الشيء الكثير على الرغم من خبرتهم وشهرتهم السابقة ونراهم يشيدون بها وباهميتها دائما.
وهناك مجموعة من الفنانين المعروفين وجدوا انفسهم في اعمال الكاتب الكبير. وقد برزوا وعرفوا من خلالها مثل (سيد عبد الكريم) و (شامخ شوقي) و (محمد متولي) وغيرهم الكثير وربما لم يبدعوا في الاعمال الاخرى كابداعهم في اعماله
امتازت اعمال (اسامة انور عكاشة بمقدماتها الغنائية الرائعة كمقدمة (الشهد والدموع) و (ليالي الحلمية) و (زيزينيا) وغيرها، التي الفها ولحنها واداها كبار الشعراء والفنانين. وما زالت ذكراها تتردد في الذاكرة على الرغم من مرور زمن ليس بالقليل عليها. وبالتاكيد ان تلك الاعمال كانت صدى للنص، حيث يمكن القول انها اصبحت جزءا من النص. ومما لا غبار عليه ان جودتها استمدت من جودته.
ومن لا يتذكر الدور الذي لعبه (البلدوزر) في مسلسل (الراية البيضاء) كرمز للسلطة الغاشمة والمفاهيم النفعية التي سيطرت على الساحة السياسية حيث التحدي الكبير الذي قام به الدكتور(مفيد الغار) (جميل راتب) وجماعته ذلك التحدي الرائع.وكذلك دور (النار) (في مسلسل عصفور النار) و(الطقس) في مسلسل (النوة) وغيرها
اقول ان تلك الرموزتؤكد ان البطولة لا تقتصر على الشخصيات الانسانية في النص الراقي المقتدر كنصوص (اسامة انور عكاشة) وانما تتعداها الى اشياء اخرى.