TOP

جريدة المدى > عام > المدى في مهرجان "كان" السينمائي الدولي..تكرار العنف وعرضه يتحولان إلى مانيفيستو ضد الإجرام المنظّم

المدى في مهرجان "كان" السينمائي الدولي..تكرار العنف وعرضه يتحولان إلى مانيفيستو ضد الإجرام المنظّم

نشر في: 17 مايو, 2013: 09:01 م

رغم مرور يومين فحسب على بدء الدورة السادسة والستين من مهرجان "كان" السينمائي الدولي، تبدو مفردة العنف، متكرّرة الافلام التي اختارها المدير الفني تييري فريمو لبرنامج المسابقة الرسمية في المهرجان، ففيما يملأ المخرج الصيني جيا جانكيي، على غير ديدنه، الش

رغم مرور يومين فحسب على بدء الدورة السادسة والستين من مهرجان "كان" السينمائي الدولي، تبدو مفردة العنف، متكرّرة الافلام التي اختارها المدير الفني تييري فريمو لبرنامج المسابقة الرسمية في المهرجان، ففيما يملأ المخرج الصيني جيا جانكيي، على غير ديدنه، الشاشة بالدماء عبر عمليات قتل بالجملة، ويُبرز حالة عنف خطيرة عبر فيلمه "لمسة خطيئة"، يعمد المكسيكي الشاب آمات إيسكالانتي إلى تقديم العنف بشكل فاضح ومثير للألم والتقزّز، في بعض الحالات. في فيلمه "هيلي".

ويبدو المشهد الأول في هذا الفيلم وكأن الأحداث تدور في بغداد عام 2006 و 2007 أو في بقعة من بقاع سوريا التي تشهد حربها الأهلية الطاحنة منذ ما يربو على سنتين. عربة حمولة متوسطة الحجم ( بيك آب) تحمل على متن جزئها الخلفي المفتوح رجلين مُكبّلين تسيل الدماء من أجسادهما. الرجلان ما يزالان على قيد الحياة، إذ يعمد المخرج على تحريك جفني أحدهما وقدمي الآخر، في لقطة توحي بأن نهايتهما وخيمة، من خلال بسطال رجل مسلّح على رأس أحد الراقدَين على أرضية الحافلة وفوهة البندقية الرشّاش السوداء التي تُنبئ بما هو أسوأ.
هكذا يولج آمات إيسكالانتي متفرّجه إلى أجواء " هيلي" الذي تدور أحداثه في إحدى مناطق المكسيك التي تهيمن عليها كارتيلات تهريب المخدّرات العنيفة والخطيرة. نكتشف فيما بعد أنّ "هيلي" هو اسم شاب في مقتبل العمر يشتغل عاملاً في مصنع لأجزاء السيارات وهو متزوّج وله طفل صغير ويعاني من مصاعب في الآصرة الجنسية مع زوجته الشابة.
يعيش في المنزل مع هيلي والده الكهل الذي يشتغل هو أيضاً في ذات المصنع، وشقيقته الصغيرة ذات ال12 ربيعاً، والمغرمة بمراهق يكبرها بخمس سنوات، ويحلمان بالهرب معاً إلى مكان بعيد.
تدور أحداث الفيلم في غضون ايام قليلة، وتكفي فعلة من خطيب الأخت لتقلب حياته وحياة عائلة هيلي إلى مأساة لا نهائية. فحين يُقدم الشاب، الجندي المتدرّب على سرقة رزمتي كوكائين من مدخر سرّي لإحدى العصابات، يدخل هو وعائلة حبيبته في دوّامة مرعبة، نكتشف في النهاية كنه المشهد العنيف الدامي الأول في الفيلم، ونلمس الوحشية التي تتعامل بها عصابات المافيا مع من يجروء على الاقتراب من مصالحها، أو ارتكاب ما تُطلق عليه المافيا الصقلّية بمفردة "سغارّو"، أي النقيصة التي تكون خاتمتها الموت المحتّم، بطرائق وعلامات واضحة على نوع ال"سغارّو" الذي ارتكبه القتيل، كأن توضع في فمه تفاحة، لأنه أفشى سراً، أو أن تُقلع عيناه، لأنه شاهد ما لم يكن مسموحاً له، أو أن تُقلع أعضاؤه التناسلية، لكونه تحرّش بإحدى نساء المافيا أو اعتدى عليها. وهذا بالذات سيكون عقاب الجسدي للشاب، كونه سعى إلى الحصول على المال من خلال سرقة رزمتي الكوكائين ليتمكّن من الهرب من القرية بصحبة حبيبته الصغيرة.
موسيقى الطبيعة
يخلو الفيلم على الاطلاق من أية نغمة موسيقية، والمؤثرات الوحيدة فيه هي اصوات الطبيعة التي ابقاها المخرج على طبيعيّتها المطلقة في سعي صوب واقعية كاملة تقرب من التوثيق للأحداث والشخصيات.
الأداء في الفيلم كورالي سعى المخرج من خلاله إلى التأكيد على حياتية ويومية الأحداث التي تمرّ على الشاشة وبإمكان "هيلي" أن يكون أي شاب يجلس إلى جوارك في المقهى، والعائلة أية عائلة اعتيادية، ويُسرف في الواقعية حين يُدخل مشهداً لموظفة استقصاء المعلومات الإحصائية السكانية، إذ يبدو المشهد مُقحماً، لكنك تُدرك، في خاتمة المطاف أهميّته لتحديد كنه الشخصيات والأحداث التي تواجهها فيما بعد.
اعترض الكثيرون على مقدار العنف الذي ضمّنه إيسكالانتي في الفيلم، بالذات مشاهد تعذيب الخطيب الشاب و "هيلي" لكن المخرج أكد بأن الواقع في المكسيك وفي هذه المناطق أكثر عنفاً، ممّا عرض، وربما لم يكن بمقدور مجرّد التلميح بالعنف والوحشية، التعبير عن جسامة ذلك العنف وتلك الوحشية. وقد حوّل ذلك العنف، الفيلم إلى مانيفيستو ضد عصابات المافيا والإجرام المنظّم والإرهاب أيضاً. وكم حفلت مدن عربية ومشرقية، وتحفل حتى الآن، بروايات عن العنف ألذي مورس ويُمارس ضد المختطفين والمعتقلين والمناهضين. وبرغم ذلك يقول إيسكالانتي " لم يكن هدفي تقديم رسالة أو تطوير نظرية ما، فأنا مأخوذ من الحالة الخاصة التي تخلقها إدارتي للأحداث، ولأنني لم أواجه الأوضاع التي تعيشها شخصيات الفيلم، فقد أطلقت العنان لخيالي" ويُضيف " ما يُهّمني، هو البعد السايكولوجي للأحداث، أكثر من تفصيلات الأحداث ذاتها. وكان سؤالي المتواصل هو :" كيف بمقدور المرء أن يعيش في ظل أجواء الرعب المتواصلة؟" ويُجيب قوله " إن أبطالي يواجهون العنف، وبالتالي فهم يحيون في حالة التوتر المتواصلة، وهو التوتّر الذي أحاول عرضه للمشاهد".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مدخل لدراسة الوعي

شخصيات أغنت عصرنا .. المعمار الدنماركي أوتسن

موسيقى الاحد: الدرّ النقيّ في الفنّ الموسيقي

د. صبيح كلش: لوحاتي تجسّد آلام الإنسان العراقي وتستحضر قضاياه

في مديح الكُتب المملة

مقالات ذات صلة

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع
عام

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع

علي بدركانت مارلين مونرو، رمزاَ أبدياً لجمال غريب وأنوثة لا تقهر، لكن حياتها الشخصية قصة مختلفة تمامًا. في العام 1956، قررت مارلين أن تبتعد عن عالم هوليوود قليلاً، وتتزوج من آرثر ميلر، الكاتب المسرحي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram