ماذا لو نشبت حرب إقليمية أو دولية، لحسم الأمور في سوريا؟ سؤال ينتظر الإجابة من بغداد، في ظل التعثر المؤكد لمؤتمر جنيف 2 ، حيث تتباين النظرة إليه من كل المتوقع مشاركتهم فيه، خصوصاً لجهة إطاحة الأسد، أو استمراره رئيساً بصلاحيات أو منزوع المخالب، فالتحالف الغربي، إن صحّت التسمية، يؤكد ضرورة تنحيه، وتحوّل سوريا إلى بلد حر وديمقراطي، لا يدعم القوى المتطرفة، بينما المعسكر المؤيد للنظام يسعى لتقوية صفوفه، فتدعو موسكو إلى وجوب مشاركة إيران في المؤتمر، وهي الداعم الرئيس للأسد، وفي الأثناء، فإن المجتمع الدولي، ممثلاً بالجمعية العامة للأمم المتحدة، قرر الترحيب بإنشاء ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية، ووصفه بأنه محاور فعلي، ضروري لعملية الانتقال السياسي في البلاد، ودعا مجلس الأمن الدولي إلى التدخل، لوضع حد للأزمة في سوريا، ودان تصعيد النظام لهجماته.
على هذه الخلفيات ورفض النظام والمعارضة للمشاركة، دون الإطلاع على كل التفاصيل، التي يحرص الداعيان للمؤتمر أن تظل سرية ومكتومة، فإن المتوقع أن ينجح جنيف2 في إطالة أمد الأزمة، ويفشل في حلها، والنتيجة المنتظرة الفشل في الحسم عسكرياً، ما يستدعي تدخلاً خارجياً، ستكون إيران طرفاً مؤكداً فيه، وتتورط مرغمةً في تداعياته دول الجوار، ومن بينها العراق، الذي سيكون مطالباً بتوفير المناخ المناسب للتدخل الإيراني، سواء بفتح ممر جوي عسكري بين طهران ودمشق، أو السماح للقوات البرية الإيرانية، بالعبور من محافظة ديالى إلى الطريق الدولي، الممتد إلى الرطبة عند الحدود السورية، معروف أن العراق، لايمتلك القدرة ولا المعدات اللازمة، للتصدي للممر الجوي، وأن القوات البرية، إن فكرت بالعبور من العراق، ستجد لها سنداً عند مؤيدي النظام الإيراني من العراقيين، ومقاومة من بعض الطائفة السنية، التي تؤيد معارضي الأسد، وتتهم حكومة المالكي بدعمه، على أسس طائفية.
تخشى الإدارة الأميركية انضمام بغداد إلى الحلف السوري الإيراني، باعتبار أن المالكي سيجد نفسه مجبراً على دفع فاتورة تأييد طهران له كرئيس لمجلس الوزراء، برغم وقوف بعض الأطراف الشيعية ضد ذلك، ما يثير المخاوف من حرب بين أبناء هذه الطائفة، تنضاف إلى الحرب مع السنة والأكراد، وليس بعيداً عن هذه المخاوف، الزيارة التي قام بها الجنرال الأميركي لويد أوستن لبغداد، والتي تظهر حجم القلق من تصاعد مستوى التنسيق العراقي الإيراني، بعد أنباء تسربت عن نية المالكي رفع سقف التنسيق مع طهران ودمشق، في حال اتجهت الأوضاع السورية إلى حرب طائفية صريحة وحاسمة، وأنه سيتجاوز كل مواقفه تجاه حزب البعث، بطبعته السورية، كما يتجاوز دور واشنطن الداعم له في صراعه للفوز بولاية ثالثة كرئيس لمجلس الوزراء، برغم عدم فوز ائتلاف القانون بالأصوات الكافية لذلك.
الإدارة الأميركية، كما تسربت أنباء غير مؤكدة، تطالب بإخضاع الأجواء العراقية بالكامل إلى رقابتها، في حال اندلعت حرب بمشاركتها، وذلك لمنع أي تحرك إيراني لدعم دمشق عبر العراق، ولإجهاض أي نوايا عسكرية إيرانية ضد الأردن، على اعتبار أن أراضيه ستكون ممراً لدخول قوات برية أميركية إلى سوريا، وواشنطن مستعدة لدفع الثمن بمساعدة المالكي على التصدي لأي جماعة دينية متشددة كالقاعدة، ومنعها من العودة للعراق، سقط الأسد أو انتصر على معارضيه، وذلك بتزويد العراق بتقنيات متقدمة لمراقبة الحدود مع سوريا، بهدف تمكينه من توفير الأمن الداخلي، الذي يبدو هشاً وقابلاً للتشظي، خصوصاً في الأيام الأخيرة، التي زادت فيها وتيرة التفجيرات، ربما لدفعه إلى موقف التأييد للسياسات الأميركية، سواء كانت دبلوماسية أو عسكرية.
تقف حكومة المالكي، على حد شفرة السيف، مطالبةً بتوضيح موقفها، وهي تراقب الفيلة تتأهب للقتال، على أن تدرك أن من سيدفع الثمن الأكبر، هو العشب، وهو في هذه الحالة العراق والأردن.