TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تتقاتل الفيلة ويدفع العشب الثمن

تتقاتل الفيلة ويدفع العشب الثمن

نشر في: 17 مايو, 2013: 09:01 م

 

ماذا لو نشبت حرب إقليمية أو دولية، لحسم الأمور في سوريا؟ سؤال ينتظر الإجابة من بغداد، في ظل التعثر المؤكد لمؤتمر جنيف 2 ، حيث تتباين النظرة إليه من كل المتوقع مشاركتهم فيه، خصوصاً لجهة إطاحة الأسد، أو استمراره رئيساً بصلاحيات أو منزوع المخالب، فالتحالف الغربي، إن صحّت التسمية، يؤكد ضرورة تنحيه، وتحوّل سوريا إلى بلد حر وديمقراطي، لا يدعم القوى المتطرفة، بينما المعسكر المؤيد للنظام يسعى لتقوية صفوفه، فتدعو موسكو إلى وجوب مشاركة إيران في المؤتمر، وهي الداعم الرئيس للأسد، وفي الأثناء، فإن المجتمع الدولي، ممثلاً بالجمعية العامة للأمم المتحدة، قرر الترحيب بإنشاء ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية، ووصفه بأنه محاور فعلي، ضروري لعملية الانتقال السياسي في البلاد، ودعا مجلس الأمن الدولي إلى التدخل، لوضع حد للأزمة في سوريا، ودان تصعيد النظام لهجماته.
على هذه الخلفيات ورفض النظام والمعارضة للمشاركة، دون الإطلاع على كل التفاصيل، التي يحرص الداعيان للمؤتمر أن تظل سرية ومكتومة، فإن المتوقع أن ينجح جنيف2 في إطالة أمد الأزمة، ويفشل في حلها، والنتيجة المنتظرة الفشل في الحسم عسكرياً، ما يستدعي تدخلاً خارجياً، ستكون إيران طرفاً مؤكداً فيه، وتتورط مرغمةً في تداعياته دول الجوار، ومن بينها العراق، الذي سيكون مطالباً بتوفير المناخ المناسب للتدخل الإيراني، سواء بفتح ممر جوي عسكري بين طهران ودمشق، أو السماح للقوات البرية الإيرانية، بالعبور من محافظة ديالى إلى الطريق الدولي، الممتد إلى الرطبة عند الحدود السورية، معروف أن العراق، لايمتلك القدرة ولا المعدات اللازمة، للتصدي للممر الجوي، وأن القوات البرية، إن فكرت بالعبور من العراق، ستجد لها سنداً عند مؤيدي النظام الإيراني من العراقيين، ومقاومة من بعض الطائفة السنية، التي تؤيد معارضي الأسد، وتتهم حكومة المالكي بدعمه، على أسس طائفية.
تخشى الإدارة الأميركية انضمام بغداد إلى الحلف السوري الإيراني، باعتبار أن المالكي سيجد نفسه مجبراً على دفع فاتورة تأييد طهران له كرئيس لمجلس الوزراء، برغم وقوف بعض الأطراف الشيعية ضد ذلك، ما يثير المخاوف من حرب بين أبناء هذه الطائفة، تنضاف إلى الحرب مع السنة والأكراد، وليس بعيداً عن هذه المخاوف، الزيارة التي قام بها الجنرال الأميركي لويد أوستن لبغداد، والتي تظهر حجم القلق من تصاعد مستوى التنسيق العراقي الإيراني، بعد أنباء تسربت عن نية المالكي رفع سقف التنسيق مع طهران ودمشق، في حال اتجهت الأوضاع السورية إلى حرب طائفية صريحة وحاسمة، وأنه سيتجاوز كل مواقفه تجاه حزب البعث، بطبعته السورية، كما يتجاوز دور واشنطن الداعم له في صراعه للفوز بولاية ثالثة كرئيس لمجلس الوزراء، برغم عدم فوز ائتلاف القانون بالأصوات الكافية لذلك.  
الإدارة الأميركية، كما تسربت أنباء غير مؤكدة، تطالب بإخضاع الأجواء العراقية بالكامل إلى رقابتها، في حال اندلعت حرب بمشاركتها، وذلك لمنع أي تحرك إيراني لدعم دمشق عبر العراق، ولإجهاض أي نوايا عسكرية إيرانية ضد الأردن، على اعتبار أن أراضيه ستكون ممراً لدخول قوات برية أميركية إلى سوريا، وواشنطن مستعدة لدفع الثمن بمساعدة المالكي على التصدي لأي جماعة دينية متشددة كالقاعدة، ومنعها من العودة للعراق، سقط الأسد أو انتصر على معارضيه، وذلك بتزويد العراق بتقنيات متقدمة لمراقبة الحدود مع سوريا، بهدف تمكينه من توفير الأمن الداخلي، الذي يبدو هشاً وقابلاً للتشظي، خصوصاً في الأيام الأخيرة، التي زادت فيها وتيرة التفجيرات، ربما لدفعه إلى موقف التأييد للسياسات الأميركية، سواء كانت دبلوماسية أو عسكرية.
 تقف حكومة المالكي، على حد شفرة السيف، مطالبةً بتوضيح موقفها، وهي تراقب الفيلة تتأهب للقتال، على أن تدرك أن من سيدفع الثمن الأكبر، هو العشب، وهو في هذه الحالة العراق والأردن.

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram