TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > في قرار القائد العام

في قرار القائد العام

نشر في: 17 مايو, 2013: 09:01 م

 

لا، ليس هذا بالقرار الصحيح، في ما نظن، ولا هو بالإجراء السليم، فالمشكلة التي يسعى القائد العام للقوات المسلحة (رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي) لحلها لا يرجع سببها الرئيس الى الإهمال، وإنما هو متصل بمجمل النظام الأمني المطبق في البلاد، بل يمتد عميقاً في طبيعة النظام السياسي القائم.
السيد المالكي قرر، بعد أحدث سلسلة تفجيرات وهجمات إرهابية اجتاحت البلاد وبخاصة العاصمة أول من أمس، أن يتخذ "إجراءات عقابية رادعة" في حق أمراء القواطع التي وقعت فيها العمليات الإرهابية. ولكن قبل أن يحاسب القائد العام رجاله يتعيّن عليه أن يرجع الى نفسه ويحاسبها عمّا يمكن أن يكون قد ارتكبه هو من أخطاء في إدارته الحكومة والقوات المسلحة.
قبل محاسبة أمراء القواطع يتوجب السؤال: هل وُضع تحت تصرفهم نظام استخباراتي في مستوى الوضع الأمني المتفجر في البلاد؟ وهل زُودوا بنظام الكتروني للفحص والمراقبة يغطي شوارع العاصمة وسائر المدن وساحاتها والطرق الخارجية؟
كل شهر، وأحياناً كل أسبوع، نسمع من مسؤول أمني أو وزير أو نائب كلاماً يعدّ الاستخبارات نقطة الضعف الرئيسة في نظامنا الأمني. لماذا؟ ما الذي يمنع إنشاء نظام استخباري فعّال... المال؟ موجود بوفرة وسائب الى درجة أن أمراء الفساد المالي والإداري تتضاعف أعدادهم كالفطر.. البشر؟ هم أيضاً موجودون، والعاطلون عن العمل منهم بمئات الآلاف، بل قل بالملايين ولا تخش الوقوع في أدنى خطأ.
يعرف القائد العام، كما غيره من قادة القوات المختلفة، وكما يعرف حتى أبسط الناس، ان العالم متخم بالأجهزة والأنظمة الالكترونية الفعالة التي في مستطاعها التحديد بدقة من أين يجيء الإرهابيون وكيف يصنعون مفخخاتهم وبأي الوسائط ينقلونها من مكان الى آخر. لماذا لا نشتري هذه الأجهزة والأنظمة؟ من ذا الذي يحول دون هذا؟
ويعرف القائد العام، كما يعرف رجاله العسكريون والمدنيون ونحن جميعاً معهم، أن جهاز الكشف عن المتفجرات المعتمد في نقاط التفتيش ليس صالحاً لشيء غير الفرجة والتندر من الحكومة ورئيسها والقوات المسلحة بسبب إصرارهم الغريب على استخدامه. لماذا هذا الإصرار الذي يثير الحنق في النفوس؟
وقبل محاسبتهم أما ينبغي التدقيق في هويات هؤلاء الأمراء وسائر القادة الأمنيين.. كيف أصبحوا في هذه المواقع؟ من اختارهم؟ هل جرى التوثق من مهنيتهم ونزاهتهم ووطنيتهم؟ أم اقتصر الأمر على سماع كلمات الولاء الشخصي، وحتى الطائفي، منهم؟
رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة يتعين أن يسائل نفسه أيضاً عن دوره هو وحزبه وائتلافه في الأزمة السياسية الشاملة، المديدة والمتفاقمة، وفي الفشل في تلبية أبسط حاجات الناس ومتطلباتهم، وفي النظام السياسي الفاسد والفاشل باعتراف رئيس مجلس الوزراء وزملائه من أعضاء الطبقة السياسية المتنفذة.. أليست ها هنا البيئة الأنسب لازدهار الإرهاب؟
القائد العام للقوات المسلحة.. الإجراءات العقابية الرادعة في حق أمراء القواطع، بمعزل عن نظام استخباري كفء وعن أجهزة وأنظمة الكترونية للمراقبة متطورة وعن العودة الى الرشد سياسياً، قد تنتهي بك ذات يوم الى انك لن تجد من تحاسبه وتعاقبه وتردعه من أمراء القواطع والوحدات!

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 7

  1. Hassan

    رأس السمكة !

  2. لطيف المشهداني

    تشخيص دقيق لمعالجة الأزمة ... ان هذا القرار لا يختلف عن القرارات السابقة وهي لا تعدو كونها بالونات فارغة تحاول حجب الحقيقة التي تقول ان القائد العام وربعه هم المسؤولين عن الفشل الذريع في مكافحة الأرهاب .... في الدول التي يحترم المسؤولين مسؤوليتهم عن حياة

  3. الحكومة تدعم الارهاب

    لماذا هذا الإصرار على استخدام جهاز كشف التفجرات الذي يثير الحنق في النفوس؟, لان لو وقف نزيف الدم والانفجارات بالعراق,, سوف لن يكون باستطاعة المالكي الاطلال علينا واعادة خطابه في محاربة البعثية وفلول النظام السابق والقاعدة والتكفيرين, الخ , لهذا الحكومة تد

  4. كاطع جواد

    المعلومة هي حجر الزاوية في اي جهد استخباري ، كانت المعلومة في زمن المقبور صدام تأتي من مصادر متعددة الحزب ، الامن ، وكلاء الامن ، المكافحة ، الاستخبارات .... والاهم من هذا وذاك هو حالة الخوف المزروعة بالإيحاء لدى الشخص الذي يرى ويسمع ويخفي المعلومه عن اج

  5. المدقق

    انا اقترح عليك ان تتسلم انت قيادة القوات المسلحة لنرى كيف تعالج الامور ؟؟ فبدون حسد اصبحتم ايها الكتاتيب مثل الطماطة تصلحون تصلحون لكل شيء ... وحمرة يا طماطة منين جابوج ... جابون

  6. فادي أنس

    لم يكتب الأستاذ عدنان حسين مقالا ألا وقرأته فكتاباته كلها في الصميم. ياسيدي انا اعتقد بان السيد المالكي يعرف الخلل ولايستطيع أن يعالجه. السبب في كل مايجري اليوم من انتهاك واستهانه بالدم العراقي الى درجه لم يسبق لها مثيل هو أن المجرمين كثيرين ولكن المالكي

  7. زامل اللامي

    في زمن النظام السابق كان هناك اناس جهلة وتابعينر امثال المعلق باسم المدقق واذين لم يكونوا يعرفوا غير عبارة بالروح وبالدم والذين كانت لهم رواتب وامتيازات مقابل الخروج في التظاهرات وترديد عبارات التمجيد ويقينا كان المدقق منهم وما ان تبدل النظام فقد تبدلت هت

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram