لعلها فرصة مثالية جداً لو نجح الجهد العراقي ( الحكومي – الرياضي) في درج فقرة الحظر الدولي المفروض على ملاعبنا ضمن اجتماع الكونغرس السنوي للاتحاد الدولي لكرة القدم الذي سينعقد للأيام 29 -31 أيار الحالي في موريشيوس والسعي لتثبيت حقائق دامغة بأن حركة الكرة في ملاعب العراق أسلم من دول عدة يفتك بها الشغب وتمزقها الخصومة العنصرية فوق المدرجات وينهش بها رهان مافيا ( الليغا والكالتشيو والبريمرليغ وغيرها) وتراق بسببها الدماء وتسقط الضحايا بتذكرة التشجيع حد الموت.
إن الركون الى دكة الانتظار هو شعار المفلسين دائماً .. وترقب صحوة (فيفا) للتعاطف مع ملف قضيتنا يعد ضرباً من المستحيل تؤكده تجارب عدة لم يكن لمؤسسة بلاتر واعضاء مكتبه التنفيذي بمختلف تشكيلاته منذ مطلع عقد التسعين للقرن الماضي موقفاً إيجابياً من حقوقنا، وكان آخر تناقضاته إلغاءه رفع الحظر الجزئي في إقليم كردستان بسبب خطأ فني في منظومة الكهرباء وكأنه ينتظر تلك الزلة على أحرّ من الجمر ، قبل ان يصدر هذا العام موافقته على إقامة المباريات الدولية الودية في بغداد والملاعب الاخرى حسب طلب اتحاد الكرة المشفوع بتأييد من نظيره القاري.
من دون شك ان التقارب مع مؤسسة (فيفا) ليس بالأمر الصعب، وينبغي تفعيل سياسة الحوار المباشر وتشجيع المسؤول الحكومي للمشاركة في استعادة حقنا السيادي ، وأرى ان مناقشة مجلس الوزراء في جدول اعماله الأخير التنسيق مع الحكومة اليابانية بشأن مقترح السماح لمنتخب بلادها خوض مباراة تصفيات كأس العالم 2014 على أرض بغداد في الحادي عشر من حزيران المقبل خطوة جيدة ليس في مضامينها فحسب بالرغم من أختلاف بعض الزملاء بآراء موضوعية وناجعة عن تفصيلات جزئية في جوهر قرار الحظر وموافقة (فيفا) من عدمه ، بل لتشجيع الحكومة على الخروج الى الهواء الطلق في ساحة كرة القدم ، واسقاط حاجز الحذر من تصفح ملف اللعبة ، وبيان مكامن الدعم السياسي لها من دون تدخل في شؤون اتحادها المستقل إلا من أجل تسهيل شروعه بانتزاع حقوق بلدنا من المؤسسات الدولية.
وأول أُطر التعاون ، أن توجه الحكومة دعوة لرئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جوزيف بلاتر لزيارة العراق لكي يطلع على واقع اللعبة ومرافقها ويعيش واقعها عن قرب بالتزامن مع احدى مباريات دوري النخبة، أو دعوته لتحريك الكرة في مباراة ودية لمنتخبنا الوطني بعد فراغه من استحقاقه المونديالي يكون طرفها الاخر منتخباً شقيقاً أو صديقاً يليق بالمناسبة ، ليرى الضيف بلاتر بأم عينيه كيف يحرس جمهورنا سلامة الكرة وتصدح حناجره لتشجيع اللعب النظيف وتصفق الأيدي للاعب الأميز من دون لون أو عرق أو طائفة ، ثم ليشمّ السويسري العجوز نسمات شط العرب في افتتاح ملعب (جذع النخلة) بمدينة البصرة الرياضية واحدة من أجمل التحف المعمارية في الرياضة التي شيدها العراقيون من لبنة الدم والدمع في قوالب الصبر.
الحكومة اليابانية لمن لا يعلم على خط موازٍ مع اتحاد الكرة الأهلي والمنتخبات والاندية ، تستثمر أية مناسبة لدعم كرة القدم لتبلسم جراح شعبها المنكوب بالزلازل ، مثلما دعا رئيس وزرائها نودا رئيس (فيفا) بلاتر لشكره على دعم بلاده بتنظيم مونديال السيدات تحت 20 عاماً في مقاطعة مياجي وقال له : كرّست الحكومة والإتحاد الياباني لكرة القدم الكثير من الجهود والطاقات في سبيل إعادة بناء المنطقة المتضررة، فكرة القدم تربط بين الشعوب ، وكان أمراً جيداً أن يتوحدوا حولها.
فكم نكبة بشرية تعرضت لها مدن العراق حتى الآن لم يجد ملعب الشعب في قلب بغداد زيارة أي مسؤول أو حتى موظف درجة ثانية من الاتحاد الدولي ليشارك الحكومة وأسرة الكرة العراقية جهودها في جعل المستطيل الاخضر مشافياً لآلام الجماهير المهووسة في سحر الكرة والهائمة على نبض انتصار الأسود .. سرّ وحدتهم في حلم آسيا المستحيل.