TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "الامبراطور" يعلن الحرب على البرلمان

"الامبراطور" يعلن الحرب على البرلمان

نشر في: 19 مايو, 2013: 10:01 م

إذا كان جنابك من الذين يتابعون الأخبار، فأتمنى أن تقرأ هذه العناوين المثيرة، وتقول لي هل هذه الأحداث تجري في الصومال او نيجيريا.. العنوان الاول: الخارجية الروسية أصدرت أمس بياناً أعربت فيه عن قلقها بشأن زيادة التوتر الطائفي في العراق، هل تريد المزيد؟ تفضل: الامين العام للامم المتحدة بان كي مون أبدى خشية الأمم المتحدة من تدهور الوضع الأمني، في العراق..ايضا، وإليك الأهم: أوباما يقرر تمديد حالة الطوارئ الوطنية التي تعنى باستقرار العراق لمدة سنة ‏إضافية.. ولم يبتعد المستعمرون السابقون "الإنكليز" عنا فقد أصدروا بياناً طالبوا فيه القيادات السياسية ببذل أقصى ما يستطيعون للعمل على التوصل لحلول سلمية.
ولكي يطمئن جنابك فإن صورة العنف الطائفي في العراق عادت بالسلامة الى واجهات معظم صحف العالم.. ولا تسأل، ماذا كانت افتتاحية الغارديان البريطانية ليوم الخميس فالعنوان "بالبنط العريض" بلغة أهل الصحافة: "العراق يتفكك"، لم يعد الأرشيف مجدياً.. فها هي الصور اليومية الحية تجد لها سوقاً رائجة في مملكة "الميديا " العالمية."
هل هناك ما هو أسوأ.. نعم، سأخبر جنابك أن إيران التي تعاني من مشاكل سياسية واقتصادية وعزلة دولية عرضت على حكومتنا المساعدة في ترسيخ الأمن.
هذه هي الاخبار التي امامكم: معارك الساسة ضد الناس، وعنف الناس في ما بينهم، وصلافة البعض ممن يعتقدون أن بناء النظام يتم بطريقة خطف الكراسي والتسلل الى مؤسسات الدولة بشعارات كاذبة، عليك ان تمسحها عند مدخل باب الوزارة.. ولهذا نجد أن أخبار العنف والخراب التي تتصدَّر نشرات الأنباء، هي نتيجة طبيعية للسياسة الجاهلة او لنسميها السياسة الخبيثة..
والان هل تريد ان تسأل: هل كثير على " جنابنا "، نحن ابناء هذا الوطن المنكوب، أن يخرج علينا رئيس مجلس الوزراء ويُجيب على تساؤل مهم: لماذا يرفض الذهاب إلى البرلمان؟ وهل من حقنا أن نعرف هل قرر المالكي البقاء في السلطة وأنه يبحث الآن عن الوسائل التي تقوده إلى هدفه؟! هذا السؤال الذي يتردد اليوم بقوة خصوصاً بعد أن خرج علينا اعضاء في دولة القانون ليقولوا بوضوح إن لا للاستجواب ولا لإقالة رئيس مجلس الوزراء، ولا للإملاءات، ولا لمحاسبة القادة الامنيين.. وأريد من جناب السادة أصحاب "اللآت الاربعة " ان يخبروننا هل قرروا أن يجعلوا من البرلمان مجرد صورة لديمقراطية زائفة؟
وأتمنى وأنت تتابع معي صولة السيد المالكي مع البرلمان، أن تلاحظ ايها المواطن العزيز، ما تكتبه صحف العالم عن عمدة لندن بوريس جونسون.. فالرجل يريد أن يضع خططاً لتطوير العاصمة البريطانية لمدة مائة عام قادمة.. وأتمنى أن لا ينسى جنابك، أن العمدة هذا مرشح قوي لتولي منصب رئيس الوزراء خلفاً لديفيد كاميرون.. لماذا لأن هذه الشعوب، زعيمها الحقيقي ليس الرجل الجالس على الكرسي، وإنما القانون الذي يعلم الجميع ساسة ومسؤولين ومواطنين ما هي واجباتهم، وأين تنتهي حقوقهم؟
للأسف يبدو أن السيد المالكي أدمن في السنوات الأخيرة على لعبة طريفة ومسلية لا تجعله يخسر كثيراً. جوهر اللعبة هو إذا فوجئ بأن الوضع خرج عن نطاق السيطرة وفاق توقعاته فإنه يلجأ إلى لغة الوعيد والتهديد كي يتخلص من كل شيء وكأن شيئاً لم يكن، أما إذا قاوم أحد أو احتجَّ، هنا يصدر بيان من مكتب رئيس الوزراء ليقول إن أصحاب الاستجواب "عليهم قضايا تتعلق بالإرهاب، وبالتزوير"، والمطلوب أن يتنظف البرلمان منهم حتى يدخله المالكي وهو يحمل ملفاً واحداً مكتوباً عليه عبارة لا تقبل القسمة على إثنين " اسمعوا وأطيعوا."
والآن، هل جنابك مُصرّ على معرفة الفرق بين ديمقراطيتنا العرجاء وديمقراطيات دول المؤسسات.. هل تريد ان تعرف الفرق بين عمدة لندن ومحافظ بغداد؟ فاسمح لي أن أورد لك ما سيقدمه " سدنة " محافظتنا لأهالي مدن الصفيح وضحايا العمليات الإرهابية، فقد أعدت المحافظة خطة متكاملة لزيادة الخيول العربية الأصيلة.. اما ما فعله عمدة لندن فلا يقاس بهذا الإنجاز التاريخي، فالرجل وفي ظل الازمة الاقتصادية التي عصفت بأسواق العالم، استطاع ان يضع لندن على قائمة المدن الأكثر ثقة من جانب المستثمرين.
احفظ هذه الجملة رجاءً؟.. حصلت لندن في عام 2012 على استثمارات تجاوزت ما حصلت عليه نيويورك وطوكيو مجتمعتين.. هل ثمة شعارات؟.. هل خرج الرجل على الناس ليقول لهم أنا " أول مَن لبـّى النداء " مثلما فعل الحاج كامل الزيدي؟.. المهم أن صورة العمدة جونسون لم تتصدر الصفحات الأولى.. فالمنجز هناك لا أب له، فهو مسؤولية جماعية.. كما أن القانون ليس رجلا، ولا مزاجاً شخصياً.
لايهم.. ليبقى جنابك يعيش مع قصة الامبراطور الذي يرفض ان تطأ قدماه قاعة البرلمان، وتذكر معي ما كتبه الساخر برنادشو يوما على لسان احد ألاباطرة: "يجب ان تقنعني بأن الجميع ليسوا باعداء".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. DR ADIL FAILY

    That what we have in Iraq is the product of 40 years of a nazioid ignorant and savage groupe of thugs called AL-BAATHIL ARABI AL-ISHTIRAKI.Imagine when a stupid officer with the name of AL-BAKR goes inside the Presidial Palace with his relative SADDAM

  2. كاطع جواد

    الكل يتحمل المسؤولية وأولهم البرلمان العتيد وليس رئيس الوزراء وحده فاغلب (ممثلي الشعب) لم يتم انتخابهم بالطريقة الصحيحة فقد تبؤوا هذا المكان تحت عباءة القومية والطائفية وبمباركة رئيس القائمة ، والا ماذا نسمي ممثل الشعب الذي يرى الدماء تسيل بالشوارع وهو يب

  3. الشمري فاروق

    عزيزي ابو حسين يذكرني مقطع صغير احفظه الشاعر المرحوم عبود الكرخي يكفي ان يكون احسن تعليق على ما كتبت وهو...... انت هم شايف من لندن تجي مجاريه... والحليم تكفيه الاشاره...مع تحياتي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

"دبلوماسية المناخ" ومسؤوليات العراق الدولية

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram