الرئيسية > أعمدة واراء > ظاهرة التعري على المسرح

ظاهرة التعري على المسرح

نشر في: 20 مايو, 2013: 10:01 م

 

بالتأكيد كان التعري على المسرح في عروض الدراما محرما حتى في مسارح اوربا واميركا، ولكن الستينات من القرن الماضي شهدت  اتجاهاً طاغياً في اللجوء الى الأجساد العارية في العروض المسرحية بل وحتى الى الممارسة الجنسية امام أنظام الجمهور كما حدث في مسرحية (اوه كلكنا) التي شارك في تمثيلها واحد من أبرز نقاد المسرح في بريطانيا ولم تقتصر ظاهرة التعري على العروض المسرحية آنذاك بل تعدها الى الحياة اليومية فكنت ترى في (كوبنهاكن) عاصمة الدنيمارك العاملات في الدكاكين وهن شبه عاريات، ولكن تلك الموجة لم تدم طويلاً، اذ سرعان ما اختفت تدريجياً وربما كان السبب في ظهورها محاولة جذب جمهور أوسع سواء لمشاهدة العروض المسرحية ام للتبضع، ورغم ما حدث في مسرحية (اوه كلكتا) من تعري ومضاجعة ولكنه لم يكن مثيراً للشهوة الجنسية لدى الجمهور على الاطلاق لأن العنصر الدرامي في العرض كان هو الميهمن، وربما لان الاوربيين قد اعتادوا على مثل تلك الظواهر التي تبدو شاذة احيانا واعتيادية احياناً اخرى ولعلنا نذكر مسابح العراة ومستعمراتهم التي انتشرت في الغرب بل وصلت حتى البلد الاسلامي العربي (الجزائر) وكنا قد شاهدنا مثلها في سواحل (الحمامات) وبوقتها سمحت السلطات الجزائرية بتلك المستعمرات لكونها محصورة في نطاق ضيق من جهة ولكونها تزيد من النشاط السياحي من جهة اخرى.
نعم ليس من المباح ان يعرض على خشبة المسرح ما يتنافى والعرف الاجتماعي والقيم الخلقية والمحرمات الدينية في بلد مثل بلدنا، ولابد ان يكون المسرح العراقي حذراً في هذا المجال ولماذا يلجأ البعض الى ذلك التوجه وهناك كم هائل من الموضوعات والمشاكل التي لابد من معالجتها مسرحياً وهناك كم هائل من التقنيات التي يمكن أن يلجأ اليها المخرجون لكي يجتذبوا جمهوراً واسعاً غير وسيلة التعري امام الجمهور.
أثيرت في الآونة الاخيرة ضجة حول عرض مسرحي قدمته ممثلة شرقية الاصل المانية الجنسية، لم اشاهده انا بنفسي، وقيل انها تعرت امام الجمهور مما اثار حفيظة فئات مختلفة من الجمهور، وظل التساؤل قائماً: هل كان التعري الذي قامت به الممثلة الالمانية بقصد الاثارة الجنسية ام لقصد اخر غيرها، فاذا كان للغرض الاول لابد من تحريمه وادانته، اما اذا كان القصد غير ذلك فلابد ان نتأمل مقاصده ومدى تأثيره في احاسيس ونفوس وأفكار المتفرجين خصوصاً وان التي قامت به ليست من شعبنا ولا من ديننا، وكان على تلك الممثلة ان تدرك خطورة فعلتها في مجتمع كمجتمعنا يختلف عن المجتمع الذي تعيشه في اوربا، وكان بامكان تلك الممثلة لكي لا تثير مثل تلك الضجة ان تستخدم تقنية اخرى للتعبير عن مقاصدها التي لا تستهدف الاثارة الجنسية.
وهنا لابد من التنويه بأن عروضاً مسرحية عراقية قدمت على المسرح الوطني ومنها عرض قدم في وقت قصير قبل العرض الحالي احتوى على مشاهد وحركات قامت بها احدى الممثلات واتسمت بطابع الاثارة الجنسية ولم يعترض احد وعرض بعد ذلك في مسرح بابل خلال المهرجان الذي اقيم هناك ولم يحتج أحد ثم ما ذنب المسرح العراقي وهو الملتزم بالقيم الاخلاقية لمجتمعنا والملتزم بقضايا الوطن والشعب ان يتحمل وزر خطأ وقعت فيه هذه الجهة او تلك، سيبقى مسرحنا رافعاً لواء التوعية والتوجيه والقيم النبيلة وعدم الاساءة الى الأعراف والتقاليد وناقداً لكل ما هو سلبي وكل ما هو مسيء لأبناء الشعب والى الوطن ككل.

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Anonymous

    عادوا إلى عصر الرجعية والانحطاط الفكري أدنى من مستوى البهيمية فهذه الأخيرة مستورة، ألا ترون أن العصور الجاهلية القديمة كالحجرية ...كانوا عراة فقدوا كل صفات الفطرة البشرية التي خلقهم الله عليها سبحانه وتعالى عما يصفون علوا كبيرا

يحدث الآن

صفقة مبكرة لحسم الحكومة القادمة قبل الانتخابات!

أزمة مجازر وضيق حظائر.. العراق يواجه شبح "النزفية"

السوداني يؤكد مضي العراق باتجاه تسليح قواته الجوية

مسؤولون أكراد: كردستان تحافظ على السلم وسط شرق أوسط مضطرب

العراق ويونامي يبحثان "انتقالاً سلساً" لمهام البعثة الأممية

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

البْصَرة عراقيَّة.. لا عَلويَّة ولا عثمانيَّة

العمود الثامن: الجلوس على أنفاس المواطن

روما على مفترق طرق – هل تكتب الجولة الثانية نهاية أزمة أم بداية تصعيد؟

العمود الثامن: نور زهير ياباني !!

(50) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياةً بين قذيفتين

العمود الثامن: البابا فرنسيس وعقدة ساكو

 علي حسين غاب البابا فرنسيس حاملاً معه أعلى مراتب الانسانية. ورث عن بلاده الارجنتين حب كرة القدم، والسعي لاشاعة السلام والمحبة بين الناس.. كلمة "الأمل" كانت آخر ما كتب البابا ونشرها قبل وفاته...
علي حسين

قناطر: عليك مني السلام يا أبا عبد الله

طالب عبد العزيز قد لا يُرى الضرر الذي يلحقه الفسادُ بالمواطن البسيط؛ لأنه خارج معادلة المليارات التي تسرق، والتي تضيع في المشاريع الوهمية، وهو(المواطن)قانع، راض، حامدٌ، شاكرٌ ما يتقاضاه من فتات مائدة الرعاية الاجتماعية،...
طالب عبد العزيز

كوب الفخار … وانكسار الذوق العراقي

أحمد حسن في مقهى صغير وسط مدينة فلورنسا الإيطالية، اسمه "بابليوني"، شدني مشهد بسيط لكن عميق الدلالة: أكواب القهوة مصنوعة من فخار يدوي الطابع، تعيدك في لحظة إلى بابل، إلى العراق. صاحب المقهى، كما...
أحمد حسن

القومية والثقافات الأخرى

محمد سلماوى من المؤسف أن المد القومى العربى الذى انتعش فى أواسط القرن العشرين عمل فى بعض الدول العربية على طمس الثقافات الأخرى فى تلك الدول التى كانت مصدر ثراء للحضارة العربية الكبرى التى...
محمد سلماوى
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram