ظهيرة أمس أمضيت بعضها مع زميلة على مائدة غداء في مطعم بغدادي. لم يكن لديّ الوقت الطويل، فموعد الاجتماع في النقابة الوطنية للصحفيين كان يقترب، لذا طلبنا وجبة سريعة التحضير نسبياً.
خارج المطعم كانت العاصمة تعيش يوماً دامياً آخر سبقه يوم مماثل، والخشية أن يصبح القادم من أيام بغداد وسائر مدن البلاد دامية كلها.. ثمانية تفجيرات إرهابية لم يستطع مدبروها إخفاء طابعها الطائفي.. لاحقاً عرفنا ان مسيل الدم امتد جنوباً الى البصرة وشمالاً الى تكريت وغرباً إلى راوة.
داخل المطعم كان الأمر مختلفاً مع ناظم الغزالي الذي ظلّ طول الوقت يشدو بصوته الساحر مجموعة من أجمل أغاني زمن لم يعرف فيه العراقيون أن يقتلوا بعضهم بعضاً.. على الهوية الطائفية او الدينية او القومية.
كان العراقيون مشغولين بهمومهم اليومية، وبالحب والحُسن والجمال أيضاً، فالغزالي يصدح مغنياً:
يا خشوف العلى المجرية
وإبنكم فزّز الدورية
وابنكم صابني وارماني
وسهام لحظه بالحشا مرمية
زميلتي لم تخف ضيقها وهي تتابع بواسطة الآيفون أخبار التفجيرات وضحاياها، حتى أنها لم تكمل الغداء.
يصرّ ناظم الغزالي على تذكيرنا بالعراق المختلف الذي كان، يومَ لم يكن الواحد يسأل زميله في المدرسة أو جاره أو شريكه في العمل ما اذا كان شيعياً هو أم سنياً، مسلماً أم مسيحياً أم صابئياً أم ايزيدياً.. عربياً أم كردياً أم تركمانياً أم كلدانياً أم آشورياً أم أرمنياً.. وحتى لو سأله أو عرف ما مذهبه أو دينه أو قوميته ما كان يبالي أو يكترث.
في ذلك الزمن، كان العراقي اذا قابل مواطنه لا يبادره بمفخخة أو حزام ناسف أو مسدس مكتوم الصوت، وإنما بـ: صباح الخير عيوني، أو: مساء الخير أغاتي، أو: السلام عليكم، أو: مرحباً، واذا فارقه ودّعه بـ: في أمان الله"، أو: تصبح على خير، وها هو ناظم الغزالي يقدّم شهادته على ذلك الزمن العراقي:
تصبح على خير
تضوي أيامك
في أمان الله
تهنّا باحلامك
متى تنتهي أيام الطائفية لتضوي أيام العراقيين من جديد ويهنؤوا بأحلامهم؟
متى يعود زمن ناظم الغزالي؟
[post-views]
نشر في: 20 مايو, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 5
كاطع جواد
في ايام حرب العراق وإيران التي دامت ثمان سنوات كنا في احدى قواطع الجبهة وكانت مهمتنا في احد قواطع الجيش الشعبي بعد القي القبض علينا ثم إرسلنا الى الجبهة أشبه بمن يرسل الى ساحة الاعدام ، لكن الشيء المفيد في تلك المهمة هو التعرف على حالة الجندي العراقي الم
DR ADIL FAILY
To the ustad Adnan Hussain hafadhahul lah.............Hay yak baba hay yak alif rahma la bay yak hizollal azibony...........hizolal marmaroni ala jisril imsay yab say yiboni..............Don t forget that imsay yab is very near to TUWAY REEJ.
سلام هاشم حافظ
حينما سقطت افغانستان او حررت من النظام الشيوعي الموالي لموسكو اصبحت البلاد والعباد غنيمة لامراء الحروب والطوائف , وكنت خائفا على العراق ان يتعرض لمصير مشابه عندما سقط نظام صدام , لا لان العراق في ظل شمولية البعث وطغيان صدام افضل من دونهما ولكن لان البدائل
ضياء الجصاني
قل لمن يبكي علىرسم درس واقفا ما ضرَ لو كان جلس
ضياء الجصاني
قل لمن يبكي علىرسم درس واقفا ما ضرَ لو كان جلس