TOP

جريدة المدى > عام > حنين الأخوين كوين إلى الماضي الأجمل.. وسطحية تقريرية لدى صوفيا كوبولا

حنين الأخوين كوين إلى الماضي الأجمل.. وسطحية تقريرية لدى صوفيا كوبولا

نشر في: 21 مايو, 2013: 10:01 م

سيكون من الصعب أن يعلق شيء في ذاكرة الجمهور، وبالذات الجمهور الشاب، من فيلم صوفيا كوبولا الأخير "The Bling Ring" الذي عُرض في مُفتتح مسابقة برنامج "نظرة ما"، لعجزه في تقديم أيّما جديد قياساً إلى ما تعرضه شاشات التلفزيون الأمريكية من برامج الـ"رياليتي

سيكون من الصعب أن يعلق شيء في ذاكرة الجمهور، وبالذات الجمهور الشاب، من فيلم صوفيا كوبولا الأخير "The Bling Ring" الذي عُرض في مُفتتح مسابقة برنامج "نظرة ما"، لعجزه في تقديم أيّما جديد قياساً إلى ما تعرضه شاشات التلفزيون الأمريكية من برامج الـ"رياليتي شو" أو ما تعرضه نشرات الأخبار من أحداث للجريمة وعن عالم الأحداث. وبرغم تناولها أحداثاً واقعية لا تزال ذكراها طريّة في الأذهان، وبرغم كون الشخصيات الاساسية في الفيلم من المراهقين، وفي مقدّمتهم " إيما واتسون" بطلة "هاري بوتر"، فإن النموذج المقدّم في الفيلم يمثّل السلبية والسطحية بكاملها، ما سيُشيح الشبيبة عن الفيلم بالتأكيد.

وبرأي صوفيا كوبولا، التي عادت إلى هوليوود لإنجاز العمل، فإن الفيلم يعرض صورة عن ابناء الأثرياء الذين ترعرعوا على ما تبثه قنوات التلفزيون من برامج "رياليتي شو" والمأخوذين بنهم الشهرة والموضة. 
اقتبست صوفيا كوبولا أحداث فيلمها من سلسلة عمليات سطو وقعت بين نهايات 2008 و شهر آب/ أغسطس 2009 نفّذتها مجموعة من أربع مراهقات وزميلهنّ في المدرسة في منازل مشاهير هوليوود، ومن بينهم باريس هيلتون وميغان فوكس وأورلاندو بلوم وليندسي لوهان، وقدّرت كميّة المسروقات بحوالي ثلاثة ملايين دولار.
كانت المجموعة تتسلل إلى الحفلات المقامة داخل المنازل الثريّة وتسرق ما هو ثمين. وقد كُشفت بفضل كاميرات المراقبة التي كانت منصوبة في منزل ليندسي لوهان، ونجحت الشرطة، بفضل ملاحقة عدد من القطع المسروقة، في القبض على المجموعة التي انتهت في السجن.
ولعلّ نقطة الضعف الأساسية في الفيلم تكمن في نصّه المكتوب، إذْ اعتمدت كوبولا على الحدث الحقيقي لهذه " العُصبة" من الشباب، وبنت احداث الفيلم بالاعتماد على التحريّات التي أجراها ضابط شرطة هوليوود بريت غودكين، ما جعل الفيلم عبارة عن سرد توثيقي يقرب إلى التحقيق البوليسي، وبدا وكأنه فيلم قصير حُشي، عنوة، بمشاهد الفتيات الأربع وصديقهن الخامس، وهم يحتفلون بغنائمهم المسروقة من منازل مشاهير هوليوود. ولم تٓرُقْ مشاركة غودكين في هذا الفيلم لشرطة لوس انجيلوس وتعرّض المحقق إلى عقوبة ادارية.
حبور متواصل
وعلى عكس شريط صوفيا كوبولا، فإن ما قدّمه الأخوان كوين في شريطهما " Inside Llewyn David" الذي عُرض ضمن المسابقة الرسمية في دورة المهرجان السادسة والستين التي دخلت اسبوعها الثاني، أدخل السينما الأمريكية إلى منطقة الجوائز في المهرجان، ولا يُستبعد أن يصعد الأخوان ليلة الأحد المقبل إلى خشبة مسرح صالة لوميير لاستلام إحدى جوائز المهرجان.
وباستثناء فيلم الإيطالي باولو سورٌينينو، " الجمال الباهر" ندر، في هذه الدورة، فيلم تمكن من إشاعة الحبور والفرح والضحك المتواصل خلال عرضه بين الجمهور الذي احتشد في القاعات.
وبرغم أن الفيلم يروي حالة وأزمة موسيقي (الفولك) الشاب الشريد ليوين ديفيد قبل أكثر من خمسين سنة في أمريكا لم تعد موجودة اليوم، فإن الشبيبة سيحبُون الشريط، كما أحبه النقاد، بسبب خفة روح الفيلم وأبطاله الذين بدوا وكأنهم تجسّدوا من صفحات قصص الكوميكس المصوّرة، ولعذوبة الموسيقى التي فيه، ولفرادة شخصية "ليوين ديفيد" الذي يتلقى الضربات، النفسية والمعنوية والجسدية، من كل الجهات، لكنه ينهض من جديد ليواصل محاولته إطلاق نوع جديد من الموسيقى، ذات صلة بالمستمع المتذوّق. ويدلّل الفيلم، من جهة أخرى على قدرة وبراعة الأخوين كوين في إنجاز الأفلام القادرة على الجمع بين ما يطالب به النقاد والمهرجانيون والجمهور الواسع وغير المتخصّص.
تدور أخداث الفيلم في عام 1961 في الفترة التي كانت فيها " غرينوويتش فيلاج" تعج بموسيقى الفولك. يلاحق الموسيقي والمغني الشاب والوسيم ليوين قدره راحلاً بين المدن المغطاة بالثلج دون معطف يقيه من البرد، في محاولة لإقناع الآخرين بفنّه ليس للحصول على الثراء، بل " لتحقيق الذات والصدق معها" كما يقول، إلاّ أنه يعود دائماً إلى نقطة الصفر، ويُحمّل في كل مرة علبة تحوي اسطواناته الموسيقية غير المباعة. برغم الخسارات التي يتعرّض إليها ليوين فقصة الفيلم لا تروي حياة إنسان، أو بالأخرى فنان، منهزم.
ويتمكن الأخوان كوين من إثارة الحنين إلى عالم لم يعد موجوداً، وبرغم أنهم يعرضون مدينة باردة، متجمّدة، ليس في طقسها فحسب، بل في أواصر الناس بالذات، فهما يتمكنّان عرض مدينة أكثر إنسانية ممّا هي عليه الآن. ويفعلان ذلك عبر الأداء، والغناء، المقنعان للممثل الشاب أوسكار إيسّاك، ومجموعة النجوم الذين حُوّلهما المخرجان إلى منابع نور تُضيء شخصية ليوين، ومن بينهم كاري موليغان وجاستن تيمبرلاك وجون غودمان الذي يمثّل دور عازف جاز مدمن على الكوكائين وضخم الجثة كالفيل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مدخل لدراسة الوعي

شخصيات أغنت عصرنا .. المعمار الدنماركي أوتسن

موسيقى الاحد: الدرّ النقيّ في الفنّ الموسيقي

د. صبيح كلش: لوحاتي تجسّد آلام الإنسان العراقي وتستحضر قضاياه

في مديح الكُتب المملة

مقالات ذات صلة

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع
عام

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع

علي بدركانت مارلين مونرو، رمزاَ أبدياً لجمال غريب وأنوثة لا تقهر، لكن حياتها الشخصية قصة مختلفة تمامًا. في العام 1956، قررت مارلين أن تبتعد عن عالم هوليوود قليلاً، وتتزوج من آرثر ميلر، الكاتب المسرحي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram