لم نكن نتمنى ان يُنشر غسيل الاحتقان المتصاعد بين اتحاد الكرة وكتلة المعارضين مثلما تابعنا بأسى الملاسنة المحتدة بين نائب رئيس اتحاد الكرة عبد الخالق مسعود ورئيس نادي النجف صباح الكرعاوي من أستوديو الملاعب في البغدادية بشأن الرسالة الاخيرة التي بعثتها محكمة (كاس) الدولية الى محامي المعترضين جواباً على استفسار الأخير عن موعد إصدار القرار الذي تأخر كثيراً لاسيما ان الاتحاد الحالي انهى نصف دورته الانتخابية منذ 18 حزيران 2011.
ويبدو اننا لم نتعلم بعد كيف نتحاور امام ملايين المشاهدين عبر الشاشة وليس في مقهى (رحومي) الكائن صوب الكرخ والشهير بالمجادلات والصراخ والتلاحم و(الخربشة) والقذف بنعوت غير محببة تثير الحضور وتقلب الطاولات كما روى أحد رواده في العقد الستيني من القرن الماضي ، الأمر الذي يشعرنا بعدم جدوى أية عملية تغيير ينشدها المعترضون حتى بعد ورود قرار (كاس) طالما أن العلة ليست باللوائح أو الضوابط ، بل في سلوكيات الأفراد القائمين على بناء منظومة أخلاقية تحترم الرأي الآخر الى أبعد حدود المعارضة وتتفق مع منهجه إذا كان يهدف الى اصلاح مشروع جمعي بعيداً عن الخصومات والمصالح والذاتيات.
شئنا أم أبينا .. قرار محكمة (كاس) الدولية اصبح قيد الاصدار في غضون ايام قليلة وليس أشهراً بحسب ما جاء على لسان الكرعاوي الذي حاول ان يستغل منبر القناة لاستعراض ما حدث في المؤتمر الانتخابي والعزف على وتر إثارة مسعود واستفزازه بكلمات تتوعد بمنعه من الترشيح وفضح دوره التثقيفي في توزيع (البراشيم) على الهيئة العامة لاستمالة الاصوات لصالحه ، والصحيح كان يفترض بالكرعاوي ان يقتصر حديثه على مرحلة التأهب لإصدار القرار وأسباب تأخيره وأهم الملاحظات الواردة فيه ، وما جديد كتلة المعترضين الذين بلغ عددهم عقب الانتهاء من المؤتمر الانتخابي 23 معترضاً ثم تقلص العدد الى 17 حتى قيل ان الرقم تناقص الى النصف او أقل من ذلك ليس بسبب تنصلهم من مسؤولية رفع الشكوى الى المحكمة أو تغيير تصوراتهم عن مجريات ما حصل من خروقات أثناء عملية التصويت بحسب ما جاء في بنود الاعتراض ، بل لأن القضية تعرضت الى مضاربات عدة من الكتلة نفسها وتبرع البعض بسرد قصص من داخل قاعة الاستجواب والإدلاء بالشهادات في وقت لم يعلق رئيس الاتحاد وامين سره اللذان حضرا أمام قاضي المحكمة بكلمة واحدة لوسائل الاعلام عمّا جرى هناك بالرغم من انها قضية غاية في الخطورة تضع الاتحاد تحت طائلة عدم النزاهة المهنية اثناء اقامة المؤتمر الانتخابي وتطعن في الوثائق المرسلة الى (فيفا) وتثبت أكثر من 13 خرقاً ضده يدعُم نصفها قرار حله وتشكيل هيئة مؤقتة لإدارته.
في الجانب الآخر تناسى نائب رئيس الاتحاد عبد الخالق مسعود وهو يُسدي نصيحة لزميله الكرعاوي ان يتحدث للناس بصفته رئيساً لنادٍ وليس مشجعاً ، نسي ان يستدرك نفسه لحظة إمعانه في رفض قرار (كاس) مهما كان شكله والاستقواء بـ(فيفا) بحجة تمريرها بلاغاًً لا يُلزم الاتحادات الأهلية الإذعان لقرارات (كاس) ، في تفسير ملتوٍ يقفز على الحقيقة أو الأصح لا يطيق الاصغاء اليها ، أي إن القرار الذي يصدر عن (كاس) يُعد قطعياً ويحال الى لجنة الأخلاق في (فيفا) ليباشر الأخير بواجبه تجاه تطبيق ما ورد فيه بحق اتحاد منضوٍ اليه لكي يُنفذ فقط ولا يحميه بغطاءٍ لإبطال القرار عنه.
وبعيداً عن فحوى قرار محكمة (كاس) فان الاتحاد الحالي يتحمل تبعات ذلك من الألف الى الياء ، ويكفي أن تتحول صرخات ممثلي الاندية المشاركة في دوري النخبة اليوم الى ملف شكوى ضد الاتحاد بعدما تسببت فوضى تخطيطه لمنافسات الدوري ومزاجية الصعود والنزول بين النخبة والممتاز الى إحراج الاندية وهي تشعر بالشلل المفاجىء نتيجة توقف الدوري الى حين انتهاء المنتخب الأول من استحقاقه القاري في تصفيات المونديال وهو مطلب وطني من دون شك مع ان بند تفريغ اللاعبين الخمسة لا يشمل جميع الاندية التي بامكان تمشية مبارياتها من دون توقف، تلك الحجة التي يتعكز عليها أعضاء الاتحاد ليأخذوا قسطاً وافراً من النقاهة والسياحة في عُمان وقطر واستراليا وتركيا.
آن الأوان أن يتحمل الاتحاد مسؤوليته ويعمل (بالقلم والمسطرة) ويترك شؤون لجنة المسابقات لأشخاص محايدين لا ناقة لهم في أربيل ولا جمل في الشرطة ، ويُكيّف نظام المسابقة في الموسم المقبل حسب ظروف بلدنا ، فكلنا يعلم الامكانات الهائلة التي يتمتع بها الاتحاد الاماراتي لكرة القدم وبلاده لم تخض حروباً طاحنة ولم تمرّ بحصار قاسٍ ولا بأهوال مدمرة للبنى التحتية ومع ذلك ينظم دوري المحترفين بأربعة عشر فريقاً ، وحدد منذ الان انتهاء الموسم الرياضي قبل 18 أيار 2014 تنفيذاً لتعليمات (فيفا) لمشاركة المنتخبات الوطنية في نهائي مونديال البرازيل العام نفسه ، بينما اتحادنا لن يعرف النهاية إلا بعد ان يفطر جميع لاعبي النخبة على شق تمرة رمضان في لهيب تموز من دون بقية البشر في الملاعب ، داعين الى تغيّر الاحوال في الموسم الجديد!
(كاس) الأخلاق ورمضان النخبة
[post-views]
نشر في: 21 مايو, 2013: 10:01 م