كانت العاصمة الأردنية عمان مساء أمس، على موعد مع محطة جديدة للأزمة السورية، حيث التقى فيها وزراء خارجية أحد ﻋﺸﺮ بلداً ﻋﺮبياً وﻏﺮﺑياً، يمثلون من جرت تسميتهم "أصدقاء سوريا"، وقيل إن هدفهم يتمثل في ﺠﻤﻊ طﺮﻓﻲ اﻟﺼﺮاع ﻋﻠﻰ طﺎوﻟﺔ اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت ﻓﻲ ﺟﻨيف2 ، وقيل إن الهدف إقناع أو إجبار المعارضة على التفاوض مع النظام، بعد الاتفاق الروسي الأميركي على استحالة الحسم عسكرياً، ما يستدعي اللجوء إلى المفاوضات، كمنفذ وحيد ممكن للخروج من الأزمة.
المهمة ليست سهلة، إن كانت حقاً تتعلق بإنجاح مؤتمر جنيف الثاني، ﻧﻈﺮاً للتباينات اﻟﺸﺪيدة ﻓﻲ ﻣﻮاﻗﻒ أطﺮاف اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ اﻟﺴﻮرية، ﺣيال فكرة التفاوض ﻣﻊ اﻟﻨﻈﺎم، ﻏير أن واشنطن وﻋﺪداً ﻣﻦ عواصم اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ تتعهد بالدفع ﺑﻘﻮة ﻟﺘﻮﺣيد ﻣﻮﻗﻒ اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ اﻟﺘﻲ تشترط أن ﻻ يكون ﻟﻸﺳﺪ دور ﻓﻲ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎﻟية، وهو ﻣﺎ ابدته واﺷﻨﻄﻦ ودول ﻋﺮﺑية، إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﺮﻛيا، في حين ترفض موسكو وطهران مجرد الحديث في هذا الموضوع، بحجة عدم وجود بديل جاهز، يمنع تشظي الدولة السورية.
عشية اجتماع عمان لاتبدو الصورة وردية، فالروس يراهنون على فشل المعارضة في إنجاز وحدتها، وهي الخطوة الأساس لانعقاد المؤتمر، قبل الحديث عن نجاحه، ما سيؤدي إلى فشل المخطط الأميركي للإطاحة بالأسد، وطهران المختلف على مشاركتها في جنيف لا تقف متفرجة على إمكانية خسارة استثمارها في النظام السوري، فقد دعت خمسين دولة لعقد مؤتمر في إيران حول سوريا نهاية الشهر الحالي، بالتزامن مع الموعد المقترح للمؤتمر الدولي، المتوقع في العشرة الأوائل من الشهر المقبل.
ثمة من يسأل إن كان ممكناً عقد المؤتمر، في ظل الإصرار الروسي على حضور معارضي الأسد بدون شروط مسبقة، وأن يمثل النظام فيه كبار ضباط الجيش، الذي خاض المعارك ضد المعارضة، مصحوباً بالطاقم الحكومي الذي أدار المعركة السياسية، وشريطة استثناء الوزارتين السياديتين "الداخلية والدفاع" من صلاحيات الحكومة الانتقالية المقترحة، ويدعو هؤلاء - ويبدو أن هذا هو الموقف السعودي- المجتمعين في العاصمة الأردنية، لبحث مزيد من التسليح للمعارضة بهدف قلب موازين القوة، لحضور ربما جنيف 3 بشروط أفضل.
يرفض البعض حتى اللحظة أن تكون إيران طرفاً في حل الأزمة السورية، باعتبار أنها جزء من المشكلة، ويناور هؤلاء، وهم من يدعم السلفية والجهادية وجبهة النصرة والمليشيات المذهبية، باعتبار أنهم محسوبون عليهم، على أمل إفشال المؤتمر المنوي عقده على قاعدة الاتفاق الروسي الأميركي، للعودة إلى مجلس الأمن من جديد، على اعتبار أن موقفها هناك أقوى من موقفها في جنيف، الخاضع للثنائية الروسية الأميركية، وفي ظل ثبات مواقف موسكو، والتراجع الملحوظ في موقف واشنطن.
تنعقد المؤتمرات والاجتماعات لإنجاز صفقات مشبوهة لا صلة لها بطموحات الشعب السوري، التوّاق للحرية والأمن والكرامة، فيما يتم اللغو حول الديمقراطية وحقوق الانسان عند من يفتقدون أبجدياتها، وأغلب الظن أن اجتماع عمان واحد منها، واللافت أنه عشية هذا الاجتماع المفترض أن يعد لمؤتمر سلام، تطلب الدولة المضيفة له من المجتمع الدولي نشر بطاريات الباتريوت على حدودها مع سوريا، ثم يتحدثون عن استبعاد الحل العسكري.
هل يبدأ جنيف2 من عمان؟
[post-views]
نشر في: 22 مايو, 2013: 10:01 م