هل ما يجري من عمليات قتل ومطاردة الأيزيديين وقتلهم، وإغلاق النوادي، وذبح الناس في بيوتهم بحجج أخلاقية؟ هو مرحلة جديدة لتأسيس مليشيات تنفذ أوامر أصحاب القرار، أم أن كل هذا الذي يجري هو خارج سيطرة الأجهزة الأمنية، مثلما يحدث في ملف العمليات الإرهابية، أم ان الأمر هو بالونات اختبار تريد منا في النهاية ان نرضخ للأمر الواقع ونرفع أيدينا إلى أعلى ونستسلم!
هذا كل ما يُريدون.. اليأس والرعب.. وتدمير الأمل في نفوس الناس.. فاليوم اصبح ممكنا ان يقتلك احد ويقول إن هذا تنفيذ لشرع الله... ولكن لأننا نريد أن نفهم ما المقصود عندما يقول أحد الشيوخ ، إن على القوات الأمنية الوقوف ضد من يخالف الإسلام.. فلاننا عشنا وما زلنا نعيش فصولا مع فتاوى اخرى أصدرتها تنظيمات ارهابية، اعتبرت قتل العراقيين جهاداً في سبيل اشاعة "شرع الله". هكذا نجد مَن يزايد كل يوم في الفتاوى من اجل إجهاض حلم العراقيين بإقامة دولة مدنية شعارها المواطنة وهدفها إشاعة العدالة الاجتماعية.. وفي كل الاحوال نحن امام تطرف يخلف تطرفاً أكثر منه.. كلهم يريدون دولة بمقاسات يفصلها أصحاب "الفتاوى".. المسؤول فيها يملك شرعية فوق البشر.. لا يمكن الخلاف معه.. ولهذا تراه يسعى الى اعادة انتاج نمط من الحكم، لا مكان للدولة الحديثة فيه.
مشاهد القتل التي تكررت في الأسابيع الماضية تعتبرها السلطة أمراً طبيعياً، ولهذا فلا محاسبة لمليشيات تحميها الحكومة، وعليه لاعدالة ولا احترام للقضاء ولا شعور بسيادة القانون.. المكان فقط لمنفذي حفلات الإعدام الجماعي، ولا أهمية لسؤال مَن المسؤول عن جريمة زيونة؟ فماذا يعني أن تدخل المليشيات الى البيوت وتقتل ثم تخرج وهي مطمئنة أن لا أحداً سيطاردها أو يحاسبها.. هذا القاتل الغامض الشرس، لا أحد يقترب منه، وتحميه مؤسسات الدولة بكل خطاباتها الوقحة عن دولة القانون، الحكومة الآن تخوض حرباً ضد مدنية الدولة، كما خاضتها من قبل ضد استقلال مؤسسات الدولة والقضاء.. اليوم نجد مَن لا يريد أن يعتبر إعدام أربعة عشر آيزيدياً أمام أنظار الناس جريمة، ومهاجمة بيوت الناس بكواتم الصوت جريمة، وفرض الفتاوى بقوة السلاح جريمة!
مليشيات قادت حرب إغلاق النوادي وقتلت الناس في الشوارع في ظل تعتيم وتضليل حكومي.. فيما خرج علينا البعض ليذكرنا أننا نعيش في ظل حكومة "طاليبان" وهم يبررون القتل، بمقولات من نوع: لو كان المقتول سمع النصيحة وأغلق محله لما قُتل.. سياسيون ومسؤولون لا يريدون أن يعرفوا أنهم في دولة وليس غابة تفرض فيها الاحزاب السياسية الاخلاق التي تريدها.. مَن أعطى الحق للقاتل بأن يُقدم النصح والموعظة..؟
من حقنا الآن أن نسأل: لماذا صمت رئيس مجلس الوزراء وهو يرى أبناء هذه البلاد من ايزيديين ومسيحيين وصابئة يُطردون من بلادهم تحت سمع وبصر أحزابنا الدينية التي ترفع شعار مخافة الله؟!
وأسأل "أصحاب فتاوى القتل" هل انتهينا من مؤامرات الطائفية والتهديد بالحرب الأهلية.. وهل تحققت مطالب الناس بالعيش في بلد آمن ومستقر؟ وهل نحن في ظل نظام سياسي يضمن حقوق جميع العراقيين بكل طوائفهم وانتماءاتهم وقومياتهم؟ وهل تجاوزنا كل الفخاخ التي ينصبها لنا كل يوم مثيرو الفتنة الطائفية؟ لتخصص ميليشيات تطارد كل من يريد ان يمارس حريته الشخصية التي كفلها الدستور؟ هل نطرد كل مَن يختلف معنا في الرأي ونقوم بوأد مَن تسوِّل له نفسه الدخول إلى نادٍ اجتماعي؟
لماذا تترك الحكومة الناس تواجه وحدها أشباح القتلة؟ كيف تسمح حكومة دولة القانون للبعض ان يستخدموا السلطة ضد من يرفضون ما يطلق من فتاوى منافية للدين الحنيف وناقضة للدستور وحقوق الإنسان؟ كيف نؤسس دولة مواطنين لا رعايا؟ بعد هذا، لا بد أن نرى وقائع قتل الايزيديين ومطاردتهم، واغلاق النوادي الاجتماعية.. وهجمات زوار الكواتم، بأنها استعراضات مخطط لها لإثارة الفزع عند الناس، وممارسة السلطة ضد الضعفاء.. وهي وقائع شبيهة لأخرى تمت في عهد القائد الضرورة ، حيث تخللتها العاب من عينة قطع رؤوس النساء بتهمة ممارسة الرذيلة، وهو الامر الذي اعتبرته المعارضة العراقية آنذاك جريمة بحق الانسانية وطالبت المجتمع الدولي بالتدخل.. لكننا اليوم حين ننظر الى الصورة نفسها تتكرر في ظل من كانوا ينتقدون ممارسات صدام، يدفعنا أن نطرح السؤال المهم: لماذا يُعطِل ائتلاف دولة القانون البرلمان بحجة السعي لتشريع قانون يجرم البعث، لكنه في الوقت نفسه يستعين بمليشيات لا تختلف عن فدائيي صدام، استبدلت فيها السيوف بكواتم الصوت.
الحكومة تُعيد عصر "القائد المؤمن"
[post-views]
نشر في: 24 مايو, 2013: 10:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...