بالرغم من عدم التفاؤل، الذي بات سمة الشعور تجاه حل المعضلة الفلسطينية بالتفاوض، فإن هناك العديد من المؤشرات على عودة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى المفاوضات، بعد انقطاع معلن استمر أكثر من عامين، لم يخلوا من لقاءات غير معلنة، فقد كشف المفاوض الفلسطيني صائب عريقات عن خطة سلام، يعمل عليها الوزير الأميركي جون كيري، وقد بحثها مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وقال إن الخطة ما زالت في مرحلة الإعداد، والاتصالات مع كافة الأطراف الإقليمية والدولية، المعنية بالسلام والاستقرار في الشرق الأوسط، لكنه أكد أن التوصل إلى حل، يضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة متصلة بدون استيطان، ليس مجرد شرط، بل التزامات لتحقيق السلام، ولا ندري إن كان هذا يمثل موقفاً يتبناه كيري، أو مجرد أمنية عند عريقات.
ليس سراً أن كيري فشل خلال شهرين من الجولات المكوكية، في إحراز أي تقدم، غير إحياء مبادرة السلام العربية مع تعديلها بما يرضي نتنياهو، على أن ذلك لم يفقده العزيمة، فدعا الطرفين لاتخاذ قرارات صعبة، إن أرادوا إنهاء الصراع عبر التفاوض، وأظهر بعض الحزم حين شدد أن الوضع القائم لا يمكن أن يستمر على المدى البعيد، خصوصاً أن الرئيس أوباما كان منح الطرفين فسحة من الوقت، استمرت لبضعة أشهر، سيحدد بعدها ما تم التوصل إليه، ويتيقن من جديتهما في العودة إلى طاولة المفاوضات، التي ترى الإدارة الأميركية أنها الوسيلة الوحيدة، والواضح أن كيري وقد أطلق تصريحاً مخاتلاً حول معضلة الاستيطان، يحاول القفز عن تلك العقبة، فيحث الجانبين على الامتناع عن أي تصرفات استفزازية، تعيد الوضع إلى الوراء، والتركيز عوضاً عن ذلك، على التقدم نحو محادثات السلام.
نتنياهو بالطبع لا يريد الظهور كرافض للمسعى الأميركي، ورغم أنه يرفض المطالبة بوقف الاستيطان كشرط مسبق، فإنه يناور بإعلان رغبته بإعادة إطلاق محادثات السلام، ويزعم أنه يأمل أن يكون الفلسطينيون يرغبون في ذلك أيضاً، وحكومته المنقسمة بشان السلام والدولة الفلسطينية، تشيد بتصريحات كيري، وتؤكد أن مباحثاته كانت بناءة، ورغم أن الوزير الأميركي، لم يخفِ شكوكه من استئناف وشيك للمفاوضات المباشرة، فإن ذلك لن يمنعه من العودة للمنطقة غداً، لعقد قمة رباعية على هامش "دافوس"، تجمعه بالعاهل الأردني والرئيسين الإسرائيلي والفلسطيني، في محاولة لتجاوز أية عراقيل أمام خطتة.
الفلسطينيون جاهزون للتفاوض، رغم إعلان حنان عشراوي، أنها ترى أنه لا يوجد استعداد لدى الإسرائيليين، وأن الأمر يبدو كما لو أنهم يريدون جعل مهمة كيري مستحيلة، والفلسطينيون يصرون أن يكون للمفاوضات مرجعيتها، وتفضي إلى الدولة العتيدة، ويرفضون اتفاقاً مؤقتاً مع حدود مؤقتة، بدلًا من معاهدة سلام كاملة، وقدموا من التنازلات ما لم يكن متوقعاً في سبيل الوصول إلى هدفهم، وبما يسمح بإطلاق طاقات الشعب الفلسطيني في البناء، وإثبات الهوية الوطنية، وهم يعتمدون جزئياً على بؤر متناثرة في جغرافيا الساسة الاسرائيليين، ترفض الاستيطان باعتباره مانعا للتوصل إلى أي اتفاق، وهم يرون بارقة أمل في تحولات الموقف الأوروبي، بعد إعلان وزير الخارجية البريطاني، دعم بلاده والاتحاد الأوروبي الكبير للجهود الأميركية، وتنديده بالاستيطان، وتشديده أن إمكانات إيجاد حل الدولتين لن تكون إلى الأبد.
والسؤال اليوم هل نحن في مرحلة نضجت فيها الظروف، لاتخاذ خطوة جدية صوب السلام، أم أن الفرصة ستضيع اليوم، كما ضاعت في مدريد، حين أنضجت الحالة العراقية آنذاك ظروف ذلك المؤتمر، وهل على الجميع انتظار نضوج الحالة السورية للقيام بالمصالحة التاريخية التي لم نتبين ملامحها.
هل نضجت ظروف العودة إلى المفاوضات؟
نشر في: 25 مايو, 2013: 10:01 م










