TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بلـوة الجهـل

بلـوة الجهـل

نشر في: 26 مايو, 2013: 10:01 م

بعض الأمثال العراقية، وكذلك الدارميات لو تصورت او عشت ما تتحدث عنه ولو بالخيال فستملأ صدرك هما ونكدا وقد تكدر يومك كله. فعندما يردد العراقي او العراقية المثل القائل "لا أخليك ولا أخلي رحمة الله تجيك"، فاني أتصوره او أتصورها قد وقعت تحت سلطة مستبد يكابر ويعاند عن جهل لا عن دراية أو فهم. وليعين الله من ردد المثل على بلواه.
وللقارئ اترك وصف ما يحسه من الم وكدر وهو يسمع هذه العراقية المبتلية تقول:
حلوة ويتيمة تعيش عد مرة ابوها
ومصوته بين الناس حامل لكَوها
واظن اغلبنا يتذكر دارميا لعراقية أخرى تغنى به حسين نعمة كثيرا:
بت بعد بالدلال جاهل يعت بيه
يبجي من أصيح أعليه ايكطعه من اخليه
والجاهل ليس شرطا ان يكون طفلا كما قد يرد في ذهن المستمع مباشرة، بل على الأغلب انه المتخلف الذي من نوع "لا يندل ولا يخليني أدليه"، كما أخبرتكم عنه سابقا. بتعبير آخر انه إذا "جلّب" بشغلة ما يهدها و"ما ينطيها" الى ان يسمم بدنك او يأتيك بأجلك.
ومن يبتليها الله بأي نوع من أنواع الجهلاء، حتى ان كان عاشقا، تجدها تفضل الموت على ما هي فيه، فكيف اذا كان الجاهل حاكما:
جاهل سطة اعله الروح غفلة اوسكنهه
وينك يملج الموت خلصني منهه
اسمع بهذا النوع من أبيات الدارمي وارددها راسما حالة أصحابها بمخيلتي، فينتابني ألم روحي من نوع يصعب علي وصفه. وأغنيها احيانا فتعلوا فمي مرارة تجعلني أتساءل هل، يا ترى، ابتلي شعب مثل شعبنا أو بلد مثل بلدنا بسيطرة هذا الكم الهائل من الجهلاء والمتخلفين من رأس السلطة نزولا الى من يتحكم بالسيطرات والمدارس والماء والكهرباء و .. و ..؟
عندما اسمع إنسانا يشكو من تحكم جاهل بمصيره مستنجدا بمثل أو اغنية قد اجيد مواساته، او مشاطرته همه، حتى لو لم اكن بقربه. لكني احتار ولا أدري كيف أواسي وطنا أبتلاه القدر أو الله بجاهل يتحكم بمقدراته وبمصائر أهله.
ليس لدي سوى اللوذ بالصمت وجر الحسرات وانا اسمع أنين العراق الجريح عن بعد. انه كما "الحناجر الذبيحة التي لا تجيد غير الأنين" كما قال مظفر النواب.
لا شيء أخطر من الهم والكدر غير اليأس. وما دامت رقاب الوطن والناس بيد الجهال وشاعرهم يصيح "ما ننطينها" فلا أمل في صلاح او إصلاح. إذ:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم
و لا سراة إذا جهّالهم سادوا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. خلبلو...

    أودُأن أُكمل ماختمت به مقالك اليوم بكل ما قاله الأفوه الأودي،إتماماً،ليس لمقالك،وإنَما إمتاعاًوإفادة للقراء....:- ألبيت لايبتنى إلآَ له عمد ولا عمادَ إذا لم ترسَ أوتاد فإن تجمع أوتادوأعمدةوساكن بلغوا الأمر الذي كادوا لايصلح الناس فوضى لا

  2. مصطفى إمام

    كسبت قارئ جديد عم هاشهم (:

  3. اياد وانلى

    السوال الان هو الى متى يبقى البعير على التل هل هو الى حد القضاء على التل بالكامل ام الى ان يتحول كل اهل التل الى بعران (عذراعلى التعبير)المشكلة هوفي سلبية المثقفين الذين ينتظرون ان يحس هذا البعير ولكن المشكلة ان احساس البعير يبدو غير مرهف وهذا هو من سوء ح

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram