الإثنين، 7 إبريل 2025

℃ 19
الرئيسية > أعمدة واراء > العسكر والابتسامة الزائفة

العسكر والابتسامة الزائفة

نشر في: 26 مايو, 2013: 10:01 م

كثيرون منا يعيشون طوال حياتهم وهم لا يدركون دورَ الابتسامة في إنجاح حياتهم أو إعانتهم على فكِّ معضلات الحياة. وكذلك دورها في ضمان جسد صحي من الداخل لا يتعرض لأمراض العصر. فقد وَجدتْ دراسة أميركية نُشرت العام الماضي 2012، أن للابتسامة دوراً مؤثراً في التقليل من ضربات القلب، ومن زيادة توتر الإنسان. كما أنها تُعين الإنسان على مواجهة الضغوط التي قد يتعرض لها. ومن الناحية الفيزيائية أيضاً، فإن دقيقة واحدة من الضحك المتواصل تؤدي إلى حوالي 45 دقيقة من الاسترخاء بعدها، حسبما توصل إليه الدكتور هنري بابينشتاين أحد أطباء الأمراض العصبية. كما أن البعض لا يوائم بين شعوره الداخلي السلبي تجاه من يقابله وبين ابتسامته التي تكشف عدم صدقه.
ويشير «آلان، وباربارا بيير» في كتابهما «المرجع الأكيد في لغة الجسد» إلى أن الابتسامة الحقيقية تصدرُ عن العقل اللاواعي، وهذا يعني أنها تلقائية، وتسبب تغيّرات على الوجه، بعد مرور إشارات من العقل عبر الجزء الخاص بالعواطف في المخ، فتجعل عضلات الفم تتحرك، والوجنتين ترتفعان، والعينين تتجعدان، والحاجبين ينخفضان. وهذه هي شروط أو ملامح الابتسامة الحقيقية. أما ما يريده منا المصورون عندما نكون في لقطة جماعية عندما يطلبون منا أن نقول كلمة «Cheese» فلا يعبّر عن ابتسامة حقيقية -حيث اللفظة تسحب العضلة الوجنية إلى الخلف فقط -ولكن النتيجة تكون ابتسامة مصطنعة وتبدو الصورة غير صادقة. وكم ممن نقابلهم يبتسمون لنا ابتسامة الـ Cheese؟
وكان ضباط الكمارك في أستراليا يعتقدون أن المُهربين الكاذبين يزيدون من مرات ابتساماتهم، ولكن تحليلات التسجيلات التي أُجريت على أشخاص -طُلب منهم أن يكذبوا عمداً- أظهرت العكس من ذلك تماماً. فعندما كانوا يكذبون، كانوا يبتسمون بشكل أقل، أو لا يبتسمون إطلاقاً بصرف النظر عن ثقافتهم. أما الأشخاص الأبرياء -الذين كانوا يقولون الحقيقة- فقد زادوا من مرات ابتساماتهم. (وهذه معلومة نهديها لجنود السيطرات الذين يحمون ثغورنا من المجرمين .
ولأن كثيراً من السياسيين والبرلمانيين والعسكر الذين نشاهدهم على الشاشات أو في المؤتمرات الصحفية لا ينتبهون إلى دور الابتسامة في معاضدة ما يقولونه، فإنهم دوماً يبتسمون من طرف واحد من الوجه، وبذلك قد يخلقون انطباعاً لدى الحضور أو السائلين أو المشاهدين بأنهم غير صادقين فيما يقولونه. وكثير من العسكر يركزون اهتمامهم على هيئة الجسد واستقامة القامة والاستحواذ على منصة الحديث والإمساك بها بكلتا اليدين. وهم بذلك يهملون دور الابتسامة الصادقة التي يجب أن تقترن بحديثهم.
وتصادفنا في مسيرة الحياة حالاتٌ لابتسامات كاذبة نكتشفها في الحين، وذلك عندما نكون في موقف الضعف أمام شخصية أمنية. فنلاحظ أن الابتسامة مقرونة بنظرة الاحتقار أو الازدراء، أو تحريك الرأس في إشارة للاستخفاف أو خلق جوٍّ من الدونية. وفي هذه الحالة نكون أقرب إلى مقارعة تلك الابتسامة بمثلها، وتتحرك بداخلنا إشاراتُ التَنبُّهِ لما يمكن أن نقوله في تلك المواقف.
والابتسامات المسروقة تلك التي نبتسمها عندما نكون في ظروف قاهرة ومؤلمة، كي نُعزّي أنفسنا، ونسخر من رداءة الحياة «وأنها ما تسوى شيئا» لكي نخفف من وطأة المحن التي نتعرض لها. وهي قد تعين الإنسان على «الاستخفاف» بكل مظاهر الحياة الكاذبة أو الأساليب التكالبية في التعلق بهذه الحياة، حتى لو كلف ذلك كرامة الإنسان. وهذه الابتسامات تكون عزيزة علينا، وتعمل فعل السحر في معالجتنا ورفع الضغوط القاسية عنا.
وكثيرون منا لجأوا إلى الابتسامات المسروقة -تحت وطأة الظلم- في مقابل الذين يبتسمون بنصف وجوههم، وما زالوا بعد سنوات يواصلون تلك الابتسامة، وهم يعتقدون أننا نصدقهم .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الكهرباء: الخطوط المشمولة بالعقوبات الأميركية توفر 800 ميغاواط

الصدر بمناسبة العيد: اتمنى عراق بلا سلاح منفلت

الاتحاد العراقي يطرح 4 مدربين بدلاء عن "كاساس"

إيران تعلن غداً أول أيام عيد الفطر

مكتب المرجع السيستاني: غداً الإثنين أول أيام عيد الفطر

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سافرات العبادي

العمود الثامن: العدالة على الطريقة العراقية

الحرب الباردة بنسختها الثانية

العمود الثامن: السعادة على توقيت الإمارات

قناطر: متاحفنا بلا زائرين. . لماذا؟

العمود الثامن: السعادة على توقيت الإمارات

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجزعن مواجهة واقع يسير بنا إلى...
علي حسين

كلاكيت: عن (السينمائي) وعبد العليم البناء

 علاء المفرجي علاقتي مع (السينمائي) لها حكاية، تبدأ من اختياري لها لكتابة عمودي (كلاكيت) منذ عددها الأول، ولا تنتهي بعددها الأخير. ولئن (السينمائي) تحتفل بعشريتها الأولى، كان لزاما عليّ أن أحتفل معها بهذا...
علاء المفرجي

تركيا تواجه التحول الجيوسياسي الناجم عن عودة دونالد ترامب إلى السلطة

جان ماركو ترجمة: عدوية الهلالي في الأسابيع الأخيرة، ومع ظهور الديناميكيات الجديدة للجغرافيا السياسية لترامب، تركز الاهتمام إلى حد كبير على اللاعبين الرئيسيين في الساحة الدولية، بدلاً من التركيز على دول الطرف الثالث التي...
جان ماركو

منطق القوة وقوة المنطق.. أين يتجه صراع طهران وواشنطن؟

محمد علي الحيدري يبدو أن ملف التفاوض بين إيران والولايات المتحدة دخل مرحلة جديدة من التعقيد، ليس بسبب طبيعة الخلافات القديمة، بل نتيجة تبدّل ميزان القوى الإقليمي والدولي، الذي بات يفرض مقاربة مختلفة عن...
محمد علي الحيدري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram