اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > حينما تعجز كل الوسائل القانونية والرسمية أمام سلطة المعقبين

حينما تعجز كل الوسائل القانونية والرسمية أمام سلطة المعقبين

نشر في: 26 مايو, 2013: 10:01 م

أم علي تحدثت  لـ(المدى) عن جور بعض المعقبين وكيفية استغلال حال المغلوب على أمرهم من المراجعين ، حيث تبدأ كلامها متحسرة على حالها الذي يرثى له وهي أم لثلاثة أولاد معوقين ، و تملك عقارا آيلا للسقوط في منطقة حي طارق ولا تملك ما يثبت ملكيتها لذلك ال

أم علي تحدثت  لـ(المدى) عن جور بعض المعقبين وكيفية استغلال حال المغلوب على أمرهم من المراجعين ، حيث تبدأ كلامها متحسرة على حالها الذي يرثى له وهي أم لثلاثة أولاد معوقين ، و تملك عقارا آيلا للسقوط في منطقة حي طارق ولا تملك ما يثبت ملكيتها لذلك العقار ، حيث قامت بتسجيله باسم احد أقاربها ، نتيجة للقرار الذي اصدر بمنع تسجيل العقار إلا لمن كان ضمن إحصائية 57  المقررة في زمن النظام البائد ، فتمسكت بحبال (الدلال) الذائبة الذي استغل حالها مطالبا الملايين لترويج المعاملة وتحويل العقار ، فلجأت إلى المراجعة ولم ينته المطاف إلى هنا  ، فقد واجهتها مشكلة أخرى وهي دفع ضريبة التحويل 3%  ، فقررت عدم تحويل البيت وعدم اللجوء إلى الآفة المستشرية في دوائر العقار من المعقبين ، الذين اعتبروها لقمة سائغة في أفواههم لاستغلالها  .

الوقت والمال والواسطة

ثلاثة أشياء يحتاجها في الأقل كل مواطن لإنجاز معاملة في أية دائرة من الدوائر الحكومية ، الوقت والمال والواسطة ، فإذا كان فاقدا لإحدى تلك الشروط بات زبونا ملازما لتلك الدوائر ، حيث يقوم بعض الموظفين باستخدام الإجراءات الصارمة لدفع المواطنين للبحث عن البدائل ، واللجوء إلى المعقب الذي يعد حلقة الوصل بين المراجع والدائرة المعنية ، وهو المفتاح لحل المشكلات المستعصية في دوائر الدولة، وبعيدا عن ( السره وروح وتعال باجر وجيب المستمسكات الي تاليها تروح لسلة المهملات) يمكنه أن يختصر كل تلك المسافات بأقل وقت ممكن ببعض الدولارات، فحينما تعجز الوسائل القانونية والرسمية يكون الحل الوحيد لإنجازها المعقبين، واغلبهم أصحاب علاقات وثيقة بالمدير أو الموظف المسؤول عن إنجاز المعاملات ، والسلطة المعطى لهم في التجول بحرية أمام الرقابة الإدارية التي تعد الغافل الأكبر لاستشراء المعقبين في الدوائر الحكومية.
(الجايجية والعرضحالجية)
(المدى ) قامت بجولة في المؤسسات الحكومية ليس للتعقيب ولكن لكشف مراوغات بعض المعقبين والأسباب وراء حاجة الناس لهم في دوائر الدولة .
يقول المواطن وسام أبو آمنة لـ(المدى) بان : الكثير من المواطنين في المحافظات يفضلون تسليم معاملاتهم إلى المعقبين لتجنب الذهاب والإياب إلى العاصمة ، موضحا بأن المبالغ التي يتقاضاها المعقبون تعد تعويضا عن الوقت والجهد المستغرق لخدمة المواطن ، فبعد تفشي ظاهرة البطالة وصعوبة إيجاد عمل يتخذ البعض التعقيب مهنة لهم ، على الرغم من أن اغلب المعقبين ليسوا ملتزمين بمواعيدهم ، مما خلق تعاونا ما بين المعقبين والموظفين لاتمام المعاملة وتخليصها من الدائرة الحكومية.
وأما بالنسبة للمواطن بسام الموسوي الذي يؤكد لـ(المدى) بان : هؤلاء الناس لهم علاقات وطيدة بقسم من موظفي الدوائر، وقد يتخفون خلف مهن يستهان بعلاقاتهم من خلالها ، كـ(الجايجيه) في الدائرة الذين هم أكثر معرفة بزوايا وخفايا الدائرة أو (عرضحالجي) أو سائقو خطوط الموظفين ،وقد يكون الموظفون أنفسهم معقبين ، فبالتالي يقع المراجع في دوامة (مالها أول ومالها تالي ) حيث تتراوح أسعار المعقبين ما بين( 50 الف دينار الى 500 الف دينار ) في اغلب الأحيان وقد تصل إلى الملايين .
هم والمشاكل العشائرية 
ويوضح مهيمن عمار لـ(المدى) بان هناك مشاكل حدثت بين المعقبين والمراجعين خاصة قبل سنتين ، عندما كانت فترة التسقيط وترقيم السيارات في مديرية المرور التي تعد في أوجها ، حيث قام احد الأشخاص المقربين بالتعامل مع احد معقبي مديرية المرور الذي يشغل منصب ....... يسهل امر مراجعيه بحسب درجة القرابة والصداقة أو لمن يدفع اكثر، ويبين عمار بان اغلب المشاكل العشائرية تنشأ نتيجة لعدم الإيفاء بالوعود او بسبب التأخر في إنجاز المعاملة ، ولا تحل الا بذهاب نصف المبلغ المتفق عليه للمعقب بحجة الأتعاب .
وبينما يقف امامنا عاجزا حيدر البياتي عندما حدثنا عن احد منتسبي المرور العامة ، الذي قام بأخذ مبلغ 40 ورقة لترقيم سيارته والمماطلة والمراوغة في إتمام معاملة الترقيم والتحجج بوجود عراقيل ونقص في المستمسكات، مؤكدا البياتي بأن الحال استمر أربعة اشهر وانا ابحث عن أسباب تأخر المعاملة ، الان المعاملة اتضحت ملامحها والتي لم تصل حتى الى أبواب مديرية المرور ، واما المبلغ فقد شق طريقه الى جيب المنتسب فهددته برفع شكوى بحقه واتخاذ الاجراءات اللازمة ، فأعاد نصف المبلغ والباقي أعاده بالتقسيط .
معقبون بدل الرشاوى
أبو باقر الساعدي يقول لـ(المدى) بعد السقوط راجعت دائرة الأحوال المدنية في مدينة البصرة / المعقل الأول لاستحصال هوية الأحوال المدنية لابنتي المولودة حديثا ، لكني فوجئت بكلمات الضابط المسؤول عن إصدار الهويات وأن السجل قد احترق في فترة السقوط ، وعليه ننتظر وصول النسخ الاحتياطية من المديرية العامة في بغداد ، وبعد عدة اشهر راجعت مرة أخرى فأبلغني بان النسخة الاحتياطية وصلت لكنها لا تحمل معلومات عن أسرتي، فبالتالي تستغرق عملية جمع الوثائق اكثر من سنتين بين بغداد والبصرة ، وبعدها ادركت انني أدور في دوامة لانهاية لها مما اضطرني اللجوء الى دفع (الرشوة) لإنجاز المعاملة ، وقد أنجزت في اقل من نصف ساعة من مراجعتي الأخيرة بعد دفع 50 الف دينار عن كل جنسية ، موضحا لو كنت اعرف معقبا لكنت قد لجأت اليه .
التلاعب بهم واستغفالهم 
يقول احد معقبين دائرة تسجيل العقار احمد.ك لـ(المدى) بان : بعض المعقبين يقومون بشراء قطع أراض بأسعار زهيدة وخاصة اذا كانت الأرض ملكا لشخص خارج العراق وتظهر المشاكل بعض اقتناء الأرض ، وهذا ما حدث مع زميلي (أبو زهراء) المعقب الموجود حاليا في احدى السجون الذي وقع ضحيت استغفاله ورغباته ، حيث اقتنى قطعة ارض وقام ببيعها الى احد الزبائن الذي استثمرها وقام بتشييد منزل على تلك الأرض ، وبعد استكمال البناء حدث ما لم يكن بالحسبان اتضح بانها ملك لشخص اخر ،وتم رفع شكوى على المعقب الذي اضطر الى بيع محل سكناه لتسديد سعر القطعة والدار الذي شيد على تلك القطعة المباعة ، إضافة الى زجه في السجن بتهمة استغلال ارض ليست من حقه.
بينما يدافع بعض المعقبين عن أنفسهم بأنهم (فاعلو خير) هكذا المعقب حسام يدافع قائلا لـ(المدى) بان : المواطنين هم من يبحثون عنا ويدفعون لنا مبالغ لإنجاز معاملاتهم ،وذلك لعجزهم عن الوقف لساعات طويلة في طوابير الدوائر الحكومية مستخدمين المعقب وسيلة لحمل عبء عجزهم من إتمام معاملاتهم ،فبتالي أننا لا نجبر أحدا على ان يدفع لنا، ولا تعد تلك رشاوى أو ابتزاز من قبلنا ، فنحن نأخذ حق ترويجنا للمعاملة ،إضافة إلى تحمل الذلة من بعض موظفي دوائر الدولة من غير (العرف).
التعقيب مهنة للمتقاعدين
جاسم حسون معقب امتهن التعقيب ليسد النقص في ميزانية بيته كونه موظفا متقاعدا ، يقول حسون لـ(المدى ): كوني موظفا قديما ولي خبرة في الأمور الإدارية ، إضافة الى قلة خبرة موظفي التقاعد ، اتخذت من دائرة التقاعد منفذا لممارسة مهنة التعقيب ، فنتيجة لخبرتي بالمسالك القانونية للتقاعد والعلاقات التي جمعتني بعدد من الموظفين الذين مازالوا يمارسون مهنتهم فهي اسباب دفعتني للتخصص في هذا المجال ، وعلى الرغم من صعوبة تلك المهنة الا انني اعمل مضطرا لقتل الوقت الذي أصابني بعد الإحالة على التقاعد ، فممارسة مهنة التعقيب يفتح لي الباب على مصراعيه بعدم تجاوز خبرتي وضياعها سدىً ، إضافة الى الاستفادة المالية التي تعوضني عن الرواتب المزرية التي تمن علينا بها الدولة .
سلطتهم والفساد الإداري
سلطة المعقبين اعلى من سلطة موظفي الدوائر الحكومية ، كلمة استرقت اذاننا عند الحديث مع احد موظفي دائرة العقار سعد (م) الذي اكد لـ(المدى) بان: لولا الفساد الإداري لما تغربل المعقبون بصورة كبيرة داخل التسجيل العقاري دون الدوائر الأخرى ،و ان من اغرب الحالات التي تفشت داخل دوائرنا وبات اثرها واضحا هو تعاون موظفون ذوو سلطة مرموقة مع المعقبين ، وذلك بالإقرار على معاملات مواطنين، فالعلاقات المتشعبة التي تجمع المعقب بالموظف تخبأ خلفها مصالح مادية ، مؤكدا بان احد أصحاب تلك الوظائف تم نقله بعد ترويجه لمعاملات بيت الاورفلي دون التدقيق بصحتها واتضحت كل تلك الامور بعد نقله وظهور كشوفات غير مطابقة .
ولم يتوقف الفساد الإداري الى هذا الحد في دوائر التسجيل العقاري ، حيث يقول احد موظفي دائرة التسجيل الذي طلب عدم ذكر اسمه لـ(المدى) بأنه : عندما يقرر البيت رسميا فهناك ضريبة تفرض عند الإقرار من قبل موظف الضريبة ، وبالاتفاق مع المعقب يتم الحصول على وصل يدون فيه مبلغا اكثر من المبلغ الضريبي المقرر ، وباقي المبلغ يتم تقاسم غنيمته على بعد مسافة من المنزل المفروض عليه الإقرار الضريبي فنصف المبلغ (ينزل بجيب الموظف والمعقب) .
البصمة الحية تنهي دورهم
يؤكد احد موظفي دائرة الجوازات عامر السلطاني لـ(المدى) بان : قبل سنتين كانت دوائرنا تعج بالمعقبين وخاصة جواز (جي) ، حيث تتراوح الأسعار من 300 $ الى 600$ وقد يستغرق استخراج الجواز يوما وعلى الأكثر يومين ، وفي حالة عدم وجود معقبين فقد تستغرق أربعين يوما ،ولكن آفة المعقبين في السنتين الأخيرتين انتهت ، وذلك نتيجة البصمة الحية الإلكترونية التي توجب حضور صاحب العلاقة لوضع البصمة بالفنكر الإلكتروني
، موضحا السلطاني بان هذه التجربة ناجحة وجيدة دون الحاجة الى الركض وراء المعقبين ودفع الموظفين الى هاوية الفساد الإداري ،و ان التعامل الالكتروني يخلص الناس ولاسيما كبار السن منهم الوقوف خلف شباك الموظفين في صيف لاهب وفي شتاء قارص ،اضافة الى تنجب التدافع على حجز المكان المتقدم في الطابور.
هم والقانون
يقول المحامي علي حميد لـ(المدى) بان : العاطلين عن العمل والجاهلين في الأمور القانونية ينافسوننا في عملنا ، فتعقيب المعاملات ومتابعتها هي من مهمة المحامين ، الذين يحصلوا على وكالة قانونية مصدقة من كاتب عدل ، إلا إن مهنة المعقبين الان مهنة اقرب إلى "الدلالية" كونهم يعرضون خدماتهم وفق مبالغ مختلفة ، ويضيف حميد بأنه لا يوجد في قانون الخدمة الوظيفية ما يشير إلى وظيفة "المعقب" إضافة إلى عدم وجود قانون يسمح للمواطنين بمقاضاتهم في حالة اخلالهم وعزوفهم عن اكمال المعاملات ، ويشير يجب أن يشرع القانون العراقي فقرة تمنع ممارسة التعقيب لمن هب ودب ، لكونها تساعد على تفشي الفساد الإداري وخاصة في دوائر تسجيل العقار إضافة الى استغلال المواطنين وجهلهم في الأسعار التي قد تصل إلى الملايين ، لذلك يجب توفير رقابة في دوائر الدولة و توفير الخدمات الالكترونية للحد من آفة المعقبين .
لولا المعقبون لهلك المراجعون
كلمة استنتجتها من خلال تجولي في الدوائر الحكومية في العراق ، بدءا بدائرة التسجيل العقاري وانتهاءً إلى دائرة المظلومين من شريحة مجتمعنا في التقاعد العامة ، حيث تبقى معاملات المواطنين ساكنة في مكانها وليس هناك من يحركها شبرا واحدا سوى المعقب ، فإذا تم تجاهل حقيقة الدوائر الحكومية وقع المراجع في مطب (روح وتعال باجر ) ويستمر الحال هكذا إلى أن يجد طريقه إلى هؤلاء المعقبين ، فيتضح لنا من خلال كل تلك الامور، بان كافة دوائر الدولة في العراق لايمكن لمراجعيها انجاز معاملاتهم اذ لم يكن للرشاوى والمعقبين دور في ترويجها .
وفي نهاية تحقيقي وصلت الى حقيقة مرة بأن اغلب ضعفاء النفس يستبيحون لأنفسهم الأعذار خلف مساعدتهم التي يتلقون عليها اجورا تقطع من رمق عوائلهم اذن من ساعد المعقبين على استغلال حاجة المراجعين ؟ وما هو دور موظفو دوائر الدولة في ذلك ؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تربوي يشيد بامتحان "البكالوريا" ويؤكد: الخطا بطرق وضع الأسئلة

إطلاق سراح "داعشيين" من قبل قسد يوتر الأجواء الأمنية على الحدود العراقية

(المدى) تنشر مخرجات جلسة مجلس الوزراء

الحسم: أغلب الكتل السنية طالبت بتعديل فقرات قانون العفو العام

أسعار صرف الدولار في العراق تلامس الـ150 ألفاً

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram