أحمد نوفل يذكر المهتمون بدراسة المجتمع ان الفقر يلد جماعته وثقافته الخاصتين به، المواطن الفقير والعائلة الفقيرة هناك احتمال كبير ان يبقيا فقيرين وربما ترث فقرهما اجيالهما التالية، من سمات الفقر انه يحدد الحركة ويقلل النشاط عند الانسان واحتمال الأصابة بالأمراض يكون كبيراً في المحيط الاجتماعي الفقير، لأن العائلة في هذا الوسط لاتستطيع منح اطفالها فرصة افضل للصحة من خلال التغذية الجيدة او عرضه على الجهات الصحية عند تعرضه لاصابة مرضية او حتى فرصة للتعليم في مدرسة.
دائما ما نجد ان الشرائح الفقيرة تتكيف مع فقرها وتشعر باللامبالاة والاغتراب عن بقية المجتمعات الأخرى، لذلك تراهم مستسلمين، مؤمنين بالقدرية التي تمكن من استغلالهم بدعوى ان الرزق محدد من السماء، وهي وحدها التي تقرره ولا دخل لصاحب الشركة او رب العمل في زيادته او نقصانه. وتبقى العوائل الفقيرة بلا فكاك من طائلة الفقر الذي لا يضر الفقير وحده بل تتعدى اضراره الى المجتمع برمته وتسود حالة مجتمعات زوايا الشوارع ومجتمعات المقاهي وحالات التمرد وافراز افراد يتعدى ضررهم المحيط والمجتمع الى الدولة من خلال عدم وعيهم وتفاهة الحياة التي يعيشونها بسبب عدم توافر ادنى متطلباتها من استقرار منزلي ودخل شهري ثابت، لذلك يبقى الفقر حقلاً خصباً للمرض والجهل اللذين يبقيان متلازمين ويدوران مع العائلة او المجتمع، القول بأن الفقر يورث مقولة صحيحة ولكن بالجانب الاخر يمكن ان نجد له العلاج. الدول المتقدمة التي ننظر الى مواطنيها مثلما ننظر للنموذج الامثل في العيش في الحياة.صحة وفيرة وسكن ملائم ودخل ثابت وبيئة صحية وحقوق لا تمس، هذه الدول كانت في يوم من الأيام أيضاً تسودها المجتمعات الفقيرة وعانى فيها المواطن ما عاناه فقيرنا الآن من عدم استقرار وشظف عيش. البعض يقول ان بريطانيا قبل عام 1850 كانت تعج بالشرائح الفقيرة وتعاني من شحة سكن وتدهور في البيئة والصحة العامة ولكي يعالجوا الفقر بدؤا من المدرسة الابتدائية وبالذات في المناطق الفقيرة لكي يمنعوا اجيال الفقراء من ان يسيروا على هدي فقر عوائلهم ويورثوه ثانية. من المدرسة بدأ امر مقارعة الفقر وبهذه الطريقة استطاع البريطانيون ان يهيئوا لاجيال قالت له وداعا. يا ترى هل لدينا رؤية شبيهة بهذه من اجل مقارعة الفقر في مجتمعاتنا التي لايمكن معها الوصول الى بناء الدولة وهي مستسلمة للقدر واللامبالاة؟
قضية للمناقشة: دورة الـــفــــقــــر فـــي مـــجـــتـــمـــعـــنــــا
نشر في: 1 نوفمبر, 2009: 05:15 م