TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الإسلام الإرهابي

الإسلام الإرهابي

نشر في: 27 مايو, 2013: 10:01 م

حادثة مقتل الجندي البريطاني، قبل أيام، جنوب شرقي لندن على يد إرهابيين نايجيريين مسلمين، فتحت الباب مجدداً أمام سؤال الهوية والحوار والاندماج والتعدد الثقافي والوجود الإسلامي في الغرب المسيحي.
اللافت أن أكبر شخصية رسمية تنفيذية في بريطانيا، ديفيد كاميرون رئيس الوزراء، أدلى بتصريح متوازن إلى حد بعيد، رغم الغضب والألم في تعابير وجهه وبلاغة عينيه، إذ قال:
"لم يكن الأمر مجرد هجوم على بريطانيا وأسلوب حياة البريطانيين. إنه أيضاً خيانة للإسلام وللمجتمعات المسلمة التي تقدّم إسهامات كبيرة لبلادنا. ليس في الإسلام ما يبرّر مثل هذا العمل الفظيع».
في التصريح المذكور مغزى عقلاني بتأكيده على أن الإرهابيين "خونة للإسلام" لأنه "قدم إسهامات كبيرة لبلدنا".
أي أن الغضب المشروع جراء الجريمة لم يفقد المسؤول الأول في البلد حرصه على الاعتراف بالجانب الإيجابي لجمهرة من المسلمين البريطانيين أسهموا في إغناء الثقافة البريطانية، اجتماعياً وثقافياً، وهو الوجه الحقيقي للمسلمين بخلاف الوجه المزيف لمسلمي الإرهاب.
كاميرون أشار أيضاً إلى إنه: " لا يوجد مبرر في الإسلام لشن مثل هذه الهجمات، التي تقع مسؤوليتها على الأفراد الضالعين فيها "وحدهم"، أي أن الرجل لم يصرخ بأوداج منتفخة أن "أبيدوا المسلمين حيثما وجدتموهم"، إنما ثمة تنظيمات مسلحة لا تمثل إلا نفسها.
أخذ الصراع بين المسلمين المتشددين والغرب طابعاً إرادوياً بدلاً من أن يكون حواراً فكرياً/ ثقافياً بغية خلق "بنية تحتية" يمكن أن تكون منطلقاً لتفاهم أشمل وصولاً إلى صيغة معقولة للتعايش بين المختلفين.
تاريخ الصراع بين الغرب المسيحي والشرق المسلم لم يكن حضارياً، بل بدأ واستمر على شكل حروب واحتلالات وإقامة مستعمرات ونهب ثروات وتدخلات سافرة بشأن بلدان بعيدة عن مراكز القرار الغربي المسيحي، والتاريخ يمتلئ بشواهد ووقائع كثيرة.
هم نهبونا ويريدون نهبنا أكثر، ولكن هل بمقدورنا أن نوقف من ينهبنا محلياً ووطنياً ودينياً؟
هل قتل جندي كافر يعيد لنا مجد أمتنا التليد؟
يقول الإسلامي المتشدد إن ما يسميه الغربيون "إرهاب إسلامي" هو ردة فعل على إرهاب غربي مسيحي أشد خطراً وأكثر إجراماً وتهديداً للأمة الإسلامية.
ردود فعل الإسلاميين المتعصبين على إرهاب الغرب لم تحقق أي شيء يذكر من أجل المقاومة والتحرر ، إنما جاءت النتائج معكوسة: بعد كل عملية إرهابية يخسر الإسلام، ديناً، وليس المتشددون وحدهم، مساحات واسعة من أوطانهم وثقافتهم ووجودهم وتفهم الآخر لهم أو عطفه عليهم.
مثال: ما الذي حققته هجمة أسامة بن لادن على نيويورك في 11 سبتمبر (أيلول)عام 2011؟
على الجانب الآخر يقول الباحث الإسلامي أسامة حسن: "قضيت عقدين من الزمان، ابتداء من سني مراهقتي، أروج للتفسيرات السطحية ضيقة الأفق للإسلام في بريطانيا، جنبا إلى جنب مع الآلاف هنا والملايين في الدول التي تعيش فيها أغلبية مسلمة، إلى أن تكفلت تجارب حياتية وعقائدية عميقة بإخراجي من هذا الوضع" – BBC.
هذا يعني إن تغير الجماعة لا يمكن أن يحدث إلا بتغير الفرد.
العودة إلى الإسلام القديم لا تضع بين أيدينا مفاتيح جديدة، دائماً، لفتح آفاق ما نحو حلول حضارية لمشكلة الآخر المختلف عنا ومعنا.
لكن الإسلام القديم كان أكثر تحضراً واستيعاِباً للآخر من الإسلام الجديد، إذ تعايشت في ذلك الإسلام، بسلام، ديانات متعددة مثل المسيحية واليهودية وغيرها تحت قبة ما يسمى بـ "الأمة الإسلامية".
لماذا يقصد المسلمون بلاد الكفار والإقامة بينهم؟
الإسلام الإرهابي جناح خطر من منظومة دينية دعت إلى الحوار بالتي هي أحسن ذات يوم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram