TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > جلسة فصل عشائري

جلسة فصل عشائري

نشر في: 27 مايو, 2013: 10:01 م

يرفض بعض القرويين اللجوء الى الفصول العشائرية كوسيلة لحقن الدماء بعد حوادث القتل او حتى حوادث السير غير المتعمدة مطالبين باخذ الثأر ممن كان سببا في فقدانهم احبتهم، فتمر السنوات عليهم وهم يعيشون عذاب انتظار الانتقام بينما يعيش الفريق المقابل عذاب الخوف من اسلوب الانتقام وتوقيته اذا لم يكن اصلا قد وقع في قبضة العدالة وعاش عذابا من نوع آخر..وان حصل واخذ الفريق الاول بثأره فذر الرماد على جرحه وبردت نار انتقامه، ستكون النتيجة سقوط قتيل آخر وتعرض قاتله الى ملاحقة العدالة او اهل المقتول للثأر مرة اخرى..وهكذا يستمر مسلسل الانتقام دون حلقة اخيرة او نهاية سعيدة بينما كان الاجدى للجميع الانصياع لنداء العقل والرضوخ للفصل العشائري واستخدام اوراق المال الخالية من الروح لشراء ارواح يمكن ان تكون مسالمة واجبرتها الظروف على القتل المتعمد او غير المتعمد ثم ينتهي الامر بالفريقين الى العناق وربما الزواج من بعضهم البعض لتوطيد عرى الصداقة والاخوة..
في بلدنا الذي تشهد اريافه حالات مماثلة، كان يعيش اغلب ابناء المدن المتحضرين بمنأى عن افكار الثار والانتقام من بعضهم تاركين القصاص ممن يتعرض لهم بالاذى للعدالة،وكانوا يحلمون بيوم يخلصهم من طغيان سلطة ظلمتهم بلا استثناء ولم تحاب او تقرب الا المتزلفين لها وخدامها من الطوائف المختلفة..وبعد عام 2003 وغياب تلك السلطة سنحت الفرصة لمعارضيها بدخول العراق فصارعليهم ان يعبروا عن حبهم للعراق لا عن حقدهم على اهله..
والآن وبعد مرور عشر سنوات رفعت الاقنعة عن الكثير من الوجوه المزيفة وصار يطل علينا سياسيون انيقون بوجوه متعافية وتاريخ مدجج بالنضال المعارض والشهادات الدراسية العليا المزورة منها والصحيحة ليقولوا ويعبروا بطرق مباشرة وغير مباشرة عن نوايا ورغبات خطيرة بالثأر والانتقام والتمسك بمقاعد السلطة لكيلا تذهب لطائفة اخرى في الوقت الذي تنتفخ فيه اوداجهم وهم يتحدثون عن التغيير والديمقراطية امام المذيعات الجميلات في القنوات الفضائية..لو نزل هؤلاء السياسيون الى الشارع سيجدون نسبة عظيمة من الناس لاتشترط فيمن يعتلي مقعد السلطة ان يكون سنيا او شيعيا او كرديا او تركمانيا، بل ان يشعر بهم فقط ويخدمهم، فقد تعب العراقيون من سلطات تثرثر اكثر مما تعمل وتخدم مصالحها اكثر مما تخدم الشعب..واذا كان النظام السابق مولعا باشعال الحروب للبقاء في السلطة فرئيس مجلس الوزراء الحالي مولع باشعال الفتن للتمسك بمقعده..
العراقيون في الريف والمدينة يحلمون الآن بجلسة فصل عشائري كبرى يشارك فيها السياسيون من كل الطوائف والاديان..يجلسون معا..يتحاورون، يسامحون بعضهم على قتل متعمد وآخر غير متعمد ويمدون أيدياً نظيفة من الحقد والرغبة بالثار والانتقام وتصفية الحسابات القديمة ليسلموا على بعضهم وليتهم يتعانقون وليس شرطا ان تحصل زواجات بين ابناء الطوائف المختلفة فقد فعلها العراقيون دائما قبل ان يدق السياسيون اسفين الطائفية بينهم..وليعلموا ان اتفاقيات السلام مهما كانت التنازلات فيها كبيرة فالكل رابح لأن الغاية منها حقن الدماء والعيش بامان..
العراقيون اليوم يحلمون بقائد يفكر بطريقة غاندي الذي قال يوما انه يكره لعبة الشطرنج لأنه يضطر فيها الى قتل جنوده وجيشه وكل ماعلى رقعة الشطرنج كي يحيا الملك..لقد سئموا الحروب وهتافات (يحيا القائد) ويحلمون بيوم لاهتاف فيه الا للوطن ولاتحية الا للحب والسلام ولاعزم وقوة قانون الا لبناءالوطن والنفوس.. البناء فقط!!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram