TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سلطة هرمة

سلطة هرمة

نشر في: 27 مايو, 2013: 10:01 م

في تصنيف لا يخلو من طرافة ، حاول احدهم تشبيه الدول بالنساء ،فالمتحضرة منها ذات الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني والاجتماعي ، تبدو كامرأة جميلة  جذابة  تلفت الأنظار برشاقتها وعطرها ، وعندما تكون الدولة بهذا الجمال فيعني ذلك ان السلطة القائمة على إدارتها ،تتمتع بذات الأوصاف ، بحسب مبتكر  التصنيف الذي طرحه على  حسابه الخاص على شبكة التواصل الاجتماعي .
الدول  الأخرى المعروفة بصراعاتها السياسية واضطراب أمنها ، وتدني المستوى المعيشي لأبناء شعبها ، والحريصة على الدوام على تعزيز ترسانتها العسكرية ، وملفها في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان غير مشرف ، هذه الدول ،  تشبه امرأة مسترجلة سليطة اللسان ، تديرها سلطة هرمة ينخر الفساد مؤسساتها ، وسجونها مزدحمة على الدوام ، تستمد بقاءها من الأزمات وعلاقاتها بجيرانها متوترة ، وحدودها منتهكة ، ، وأبرز مواهبها أنها على استعداد للانضمام إلى أي محور إقليمي ، لغرض إثبات حضورها في الساحة الدولية بوصفها مصدرا لتصدير المشاكل.
    الدول العربية صاحبة التاريخ العريق الممتد إلى حضارة قديمة،  كما تقول كتب التاريخ من الصنف الثاني ، جعلت شعوبها تعيش في تعاسة أزلية  ، ومن ملامح قبحها ان السلطة فيها تستمر عشرات السنين بإدارة الحزب الحاكم ، وهذه القاعدة لا تنطبق على دول مثل سويسرا وبريطانيا وهولندا والسويد وغيرها صاحبة الإرث الديمقراطي ، لأنها عرفت مسارها منذ مئات السنين ، فحافظت على شبابها وسر جمالها .
السلطة الهرمة ، اعتمدت دستورها الخاص  المكتوب بإرادة فئة قليلة ليضمن بقاء حاكمها  على العرش مدى الحياة ، وعندما ينتقل إلى جوار ربه سواء بالمرض أو بانقلاب عائلي ، أو بحادث اغتيال يتربع على العرش الوريث الشرعي ، بلقب صاحب الجلالة ،  تبدأ دورة أخرى جديدة ،تكرس القبح في غياب الديمقراطية .
    شعوب الدول  الخاضعة لسيطرة السلطة الهرمة ، شخصوا أسباب قبحها ، فأذعنوا للأمر الواقع ، لأن القضية خارج إرادتهم ، وبعضهم استسلم للقدر لأنه مكتوب على الجبين ، ومن واجب الفرد تقديم الولاء والطاعة لأولي الأمر ، وانتظار رحمة الله ، وترك القضايا المصيرية الكبيرة،  تأخذ مسارها الطبيعي  من دون تدخل البشر ،  فاعتمدت السلطة الهرمة ، على هذه النظرية  لضمان بقائها،  وترتيب حساباتها لعشرات السنين المقبلة ، ولا يهم ان كانت الدولة  ضمن التصنيف الأول أو الثاني.
 صاحب التصنيف استند إلى  حالة اجتماعية كانت سائدة في حي بغدادي قديم ، وفي مراجعة لما سجلته  ذاكرته  عن طبائع  نساء الحي ، وجد ان من تتمتع بالجمال أكثر حفظا للسانها ،  وتحرص على الابتعاد عن  الشجار والدخول في حلبات "عركات النسوان " على عكس صاحبة  اللسان السليط المستعدة للدخول بشجار مع الرجال واستخدام مختلف الأسلحة ، للحصول على الحزام الفضي  بالمصارعة الحرة ، والدول على  هذين النموذجين ، ويالتعاسة الشعب عندما  يكون  تحت رحمة سلطة هرمة ، لطالما ادعت أنها توجت ملكة جمال المنطقة العربية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

 علي حسين عاش العلامة المرحوم محسن مهدي ينقب ويبحث في كتب التراث ويراجع النسخ المحفوظة في مكتبات العالم من حكايات ألف ليلة وليلة، ليقدم لنا نسخته المحققة من الليالي، يقول لنا فيها إنّ...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

التكامل الاقتصادي الإقليمي كبنية مستدامة للواردات غير النفطية

ثامر الهيمص المرض الهولندي تزامنت شدته علينا بالإضافة لاحادية اقتصاديا كدولة ريعية من خلال تصدير النفط الخام مع ملف المياه وعدم الاستقرار الإقليمي. حيث الاخير عامل حاسم في شل عملية الاستثمار إجمالا حتى الاستثمار...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram