لم يكد صدى خطاب الشيخ حسن نصرالله، الذي أكد فيه استمرار مجاهدي حزبه بالقتال إلى جانب النظام السوري، يصل إلى القصير، حتى جاء رجعه على شكل زخة صواريخ استهدفت معاقل الحزب في ضاحية بيروت الجنوبية، وحظي الرد الصاروخي كما الخطاب الصارخ بحملة إدانات.
وصف الرئيس اللبناني مطلقي الصواريخ، بأنهم إرهابيون مخربون لا يريدون السلم والاستقرار للبنان، ودعا مواطنيه إلى اليقظة والوعي حيال أي مشتبه أو تحرك مشبوه، للحفاظ على السلم الأهلي، وهو كان انتقد تورط حزب الله في القتال الدائر في سوريا، مؤكدا تداعيات ذلك على الوضع الداخلي في بلاده، وشدد أن معاني المقاومة أسمى من أن تغرق في الفتنة.
ودان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الحادث، ووصفه بالعمل الإرهابي والإجرامي، كائناً من كان من قام به وخطط له، وهو كان رد على نصرالله، معتبراً أن خطابه إعلان صريح عن السقوط في الهاوية، وانه يساوي صفراً مكعباً، في حين رأى رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي، أن إطلاق الصواريخ يهدف إلى إحداث بلبلة أمنية، ومحاولة استدراج ردات فعل معينة.
رئيس أركان الجيش السوري الحر، نفى تورط أي من كتائبه في إطلاق الصواريخ، بسبب ما قال إنه الحرص على سيادة لبنان، وعدم تعريض أهله لأي نوع من الخطر، سواء في الضاحية الجنوبية أو في غيرها، وأمر جميع جنوده بألا تطلق أي صواريخ أو مقذوفات، ولا أي نوع من أنواع الذخائر، وألا تستخدم أي أسلحة ضد الأراضي اللبنانية.
اتفق مفتي لبنان "السني"، وحزب الله "الشيعي"، أن هدف إطلاق الصواريخ هو إشعال الفتنة، وهو عمل مدان ومستنكر، وله دلائل خطيرة، وهو إشعار بالانفجار الكبير القادم لإدخال لبنان في معترك الأحداث الكبرى الأليمة في المنطقة العربية، ووصف الحزب إطلاق الصواريخ، بأنه مشروع أميركي إسرائيلي، يريد إسقاط لبنان في أفخاخ الحروب، وشدّد أنه لن يسمح بتمرير مشروع الفتنة.
ليس معروفاً كيف سيمنع الحزب تلك الفتنة، التي لم تكن نائمة، ولم نكن بحاجة للعن من يوقظها، فهي انطلقت بالفعل من طرابلس، ووصل شررها إلى بيروت، وهي مرشحة للوصول إلى كل بقعة في وطن الأرز على أسس طائفية، وليس متوقعاً أن لايرد الحزب على الصواريخ التي استهدفت منطقة نفوذه، رغم أن الشيخ نصر الله دعا مناوئيه لمواجهة مجاهديه في سوريا وليس على الارض اللبنانية.
كان متوقعاً التأثير المباشر لما يجري في سوريا، على الساحة اللبنانية، المهيئة والجاهزة للتأثر، وكانت طرابلس بوابة ذلك، وهي المحتقنة طائفياً، وتواصلت الاشتباكات بين تل محسن وباب التبانة، بوجه طائفي سافر غذاه بعض الساسة، وكادت تعصف بصيدا، على يد الشيخ الأسير، لكن انتقالها إلى بيروت جاء بعد اعتراف صريح من "سيد المقاومة"، بأن معركته الرئيسية اليوم هي في سوريا.
يصح اتهام حزب الله بنقل المعركة السورية إلى لبنان، بغض النظر عن مقولة المؤامرة الأميركية الصهيونية، ويكفي أنه أعطى للمؤامرة أن صحت، أرجلاً تجوس بها لبنان، مشعلة الحرائق في كومة القش الجافة، ويصح أيضاً الغمز من طائفية مناوئيه، الذين يجهرون بها، باعتبارها رداً على طائفية معلنة.