في اللحظة التي سمعت وقرأت بها ان نوري المالكي "أجرى، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، تغييرات بدت واسعة في القيادات الأمنية ردا على التدهور الأخير في الوضع الأمني بالبلاد شملت قادة فرق وعمليات"، وضعت يدي على قلبي متوقعا كارثة إرهابية جديدة ستحل ببغداد. غيّر القادة يوم الخميس الفائت (22/5)، ولم تمر سوى خمسة أيام لتشهد بغداد يوم الاثنين (27/5) انفجار 16 سيارة مفخخة في ساعة واحدة!
من يغير القائد العسكري الميداني يجب ان يكون ذا خبرة ميدانية اعلى منه. لا ادري كيف يتحكم بأمور تتعلق بدماء الناس وحياتهم من "لم يكن عسكريا ولم يخدم بالجيش يوما واحدا بحياته حتى ولو بصفة جندي مكلف أو نائب عريف متطوع"؟ لم يفعلها بنا من قبل، وسوّد بفعلته حياتنا وحياة الأجيال التي ستأتي بعدنا لقرون طويلة، غير صدام بالأمس، وها هو المالكي يعيدها اليوم. صدام صار قائدا عاما للقوات المسلحة "بالعنتكة"، والمالكي استلم المنصب ذاته وفقا للدستور. واي من الطريقتين، "العنتكة" او الدستور، لا تعني بان صاحب المنصب صار خبيرا بالشؤون العسكرية او الأمنية. الفرق الذي بينهما هو ان المنصب في الأولى "مغتصب" وفي الثانية "سياسي".
ليس الدستور العراقي وحده، بل هناك دساتير كثيرة في بلدان متقدمة تمنح منصب القائد العام للقوات المسلحة لرئيس الوزراء او رئيس الجمهورية. منصب كهذا يظل سياسيا. وحتى ان قلتم "رمزيا" فقولكم لا يخلو من الصحة.
والمناصب السياسية، مثل الإدارية، تجدها في كل مؤسسة صحية أو علمية أو تربوية أو اقتصادية. وهكذا قد نجد وزير صحة ليس طبيبا أو وزير دفاع ليس عسكريا أو وزير تربية كان اختصاصه بحارا أو مهندسا مدنيا. صاحب المنصب السياسي مكانه المكتب. أما الذي يدير شؤون الوزارات بالفعل فهم الخبراء.
أعود للبلدان المتقدمة لأقول بانها لو دخلت في حرب داخلية أو خارجية، لا يتدخل القائد العام للقوات المسلحة في رسم الخطط الميدانية، لأنها من اختصاص رئاسة أركان الجيش أي الخبراء. وهنا ربّاط كلامي بعمود الأمس واليوم، وأسال:
هل ما شهده العراق من مذابح بفعل نجاحات الإرهابيين "الباهرة" في حصد أرواح الناس واستهدافهم متى أرادوا، يجعلنا نثق بقدرات القائد العام للقوات المسلحة والأمنية معا؟ احسبوا مدة ولايتيه بالسنين أو الأشهر أو الساعات والدقائق وقسموا عليها عدد الضحايا. أقسم لكم واجزم بأنكم لن تجدوا يوما واحدا مر على العراق بدون عمل إرهابي "ناجح". مقابل ذلك سوف لن تجدوا يوما واحدا ليس فيه اكثر من دليل على فشله في مجابهة الإرهاب والمفسدين.
وا عجبي ممن صفق وهلل وبارك لتغييرات المالكي الأخيرة. ووا أسفي ان يسكت العسكريون من الذين غيّرهم وهو الذي لا يملك خبرة نظرية ولا عملية بشؤون إدارة العسكر أو مكافحة الإرهاب. فهل ينتظرون انفجار اكثر من 16 مفخخة خلال ساعة واحدة ببغداد حتى ينطقوا بالحق؟
كم كنت أتمنى ان اسمع فيهم من تمرد صارخا بعد فاجعة الاثنين أن "من ينقذ وطنا من الخراب وحياة شعب من الهلاك لا يعد متمردا". وآخر ينادي: ان من غيّرنا ميدانيا كان الأولى به أن يغيّر ما في نفسه أولا، أو نغيّره بأنفسنا لان نزيف دماء الناس ازداد غزارة وأيام البلاد ازدادت سوادا.
مَـن يغيـّر مَـن؟
[post-views]
نشر في: 28 مايو, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 2
خالد ويس
القليل يعلم ان فكرة تفجير السيارات هي موديل الجيش الحر الايرلندي( شين . فين ) ضد مراكز وشخصيات الحكومة البريطانية المحتلة للاراضي الايرلندية منذ فترة السبعينات. لكن مانشاهدها اليوم في العراق من توسيع نطاق التفجيرات وبرعاية وتحت انظار الحكومة العراقية التي
المدقق
ها انت ايها الكويتب المتدكتر تحرض القادة العسكريين على الانقلاب على الدولة والحكومة وبانت حقيقة اهدافكم في تخريب العملية السياسية لصالح اجندات مشبوهة .. لكن المالكي لن يسقط باذن الله ,, اتعرفون لماذا ؟؟؟ لانه على الحق وانتم ومن ورائكم على الباطل ... فتعسا