اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > الموت في العاصمة مصرف يوزع صكوكه على البغداديين

الموت في العاصمة مصرف يوزع صكوكه على البغداديين

نشر في: 28 مايو, 2013: 10:01 م

يلوّحون للأمهات، يودعون بغداد، يقسمون بأن القتلة سيكون يوم قصاصهم قريبًا، وأنا وحدي، غربة تضرب قلبي، تطوف داخله، وتفترش أمكنة لا أبالي بانتشارها. البغداديون لم تفاجئهم الانفجارات، ولكنهم وجدوا أنفسهم في ذهول بعدما كانت آمالهم عريضة بأن لا تعود أمواج

يلوّحون للأمهات، يودعون بغداد، يقسمون بأن القتلة سيكون يوم قصاصهم قريبًا، وأنا وحدي، غربة تضرب قلبي، تطوف داخله، وتفترش أمكنة لا أبالي بانتشارها.
البغداديون لم تفاجئهم الانفجارات، ولكنهم وجدوا أنفسهم في ذهول بعدما كانت آمالهم عريضة بأن لا تعود أمواج الدم تملأ الشوارع 
هل سيعود الخوف الطائفي ليصبح حكماً في الشارع ،أين بغداد الجمال والسلام, أين هي بغداد الحضارة , أين هي بغداد التي لطالما تغنت فيها الأغنيات
كلنا نخاف من عودة الطائفية التي ما زالت جراحها تنزف ولم ترحم صغيرا أو كبيرا نريد الأمن والأمان والمحبة و الناس خائفة جدا
خوف ورعب ،موت ، قتل ،تهجير ، تسليب، طائفية ، سيطرات وهمية ، أصوات انفجارات سيارات مفخخة عبوات ناسفة أسلحة كاتمة ،جثث مرماة في الشوارع ،الطب العدلي قبلة ذوي الضحايا ، هستيريا يومية ، أصوات حزينة تتعالى وسط البيت الشارع والمستشفى ،نساء يصرخن لفقدان أب أخ زوج ، أطفال يصرخون من هول الصدمة وهم يرون آباءهم يقتلون أمام أنظارهم ، شوارع خاوية من الناس بيوت خافتة أضواؤها ، كاميرات نصبت لرؤية القاصد القادم عدو أم صديق . ما الذي حدث في بغداد هل سوف يعود الخوف الطائفي ليصبح حكماً في الشارع ،أين بغداد الجمال , أين بغداد الحضارة, أين هي بغداد التي لطالما تغنت فيها الأغنيات و تغزلت فيها القصائد, أين هي بغداد و الشعراء و الصور، هذا الشارع يبدو اليوم كغيره من شوارع بغداد مهملا، تنتشر الحفر على اديمه مثل بثور الجدري التي تشوه الوجه، بسبب الانفجارات التي خلفتها السيارات المفخخة في شارع السعدون اشلاء تطايرت لبائع الرقي الذي كان يجلس على الرصيف ينتظر المساء ليعود إلى عائلته حاملا كيسا بداخله بعض الفاكهة والخضار، وقرب جثته تناثرت بعض الحلويات التي قد كان اشتراها لأطفاله .
سيارات سلفادور وجثث
نساء يصرخن من هول المنظر دماء تسيل على الأرصفة والشارع، جثث ،ايدي وارجل ممزقة ، ملامح وجه اختفت لرجال الأمن ، أطفال يصرخون بحالة هستيرية وهم يرون والديهم ينزفون ،نار ،دخان ،زجاج مهشم لواجهات المحال التجارية ، سيارات إسعاف تنقل الجرحى والشهداء وعجلات سلفادور ترمي الجثث عشوائيا في الخانة الخلفية . والبكاء حاضرًا في جميع العيون، مثلما كان الحزن يعتصر القلوب، لذلك كانت الكلمات تخرج من الأفواه سريعة، وهي تكبت صراخها، البغداديون لم تفاجئهم الانفجارات، ولكنهم وجدوا أنفسهم في ذهول بعدما كانت آمالهم عريضة بأن لا تعود أمواج الدم تملأ الشوارع.
الناس تكره الحكومة
منظر يتكرر يوميا في اغلب شوارع العاصمة لكننا كنا قريبين هذه المرة من الحدث ،.تبين إنها أزمة ثقة بين الفرقاء، يدفع المواطن البسيط ضريبتها من دمه المباح، ستار محمد موظف قال " هل سيعود الاحتراب الطائفي "يا الله ماذا يحدث، هل سنعود إلى ظاهرة القتل على الهوية، لماذا يباح الدم العراقي بهذه الصورة والحكومة صامتة؟، هل تفرق شظايا المفخخات بين المذاهب ؟ هل تميز الشيعي عن السني؟، انها استهداف لجميع العراقيين وبسيناريو مخطط ومرسوم، من المستفيد؟ ، اصبحنا نخاف من كل شيء أي حياة هذه نعيشها نحن العراقيون ، الموت والدمار والحقد هو ما جناه العراق من حكومات ما بعد التغيير .
ليتك تستيقظ يا أبا فرات لترى كم جعفر قد سقط اليوم شهيدًا، وهو يكافح من أجل لقمة العيش!، كم طفلاً بريئًا قد ثكل أمه أو تيتم!. فالعراق أصبح كله كربلاء: كلام بدأه أبو عمار الذي يعمل كاسب : الله ينتقم من الذين فعلوا اليوم إجرامهم ببغداد الحبيبة، هؤلاء الأبرياء.. ما جرمهم لكي يرحلوا باتجاه القبور؟ لأجل من يستشهدون اليوم ويتركون زوجاتهم أرامل وأولادهم أيتاما؟، بالله عليكم هل هؤلاء السياسيون يستحقون الحياة، ؟، ام انه شعار يعمل تحت لافتة (الساسة المسؤولون للقصور والأبرياء للقبور)، مضيفا إن البغداديين اليوم يخشون حتى الخروج من البيت، مرددين بأسى حسبنا الله ونعم الوكيل .
صمت يضرب الشوارع
عالية طالب روائية ومديرة تحرير نرجس عبرت بكلمات رائعة جدا عن الامها وحزنها قائلة : غادرت بيتي صباحًا أطوف في بغداد التي غلف سماءها الحزن كالتلوث، الصمت يضرب شوارعها، الغيوم حجبت شمسها، الهواء يحمل رائحة الموت والدخان، الصدى يردد صراخ الأمهات والأموات وخوف الصغار، والأرض تهتز بين تفجير وآخر، وتلعن القتلة، آه يا بلدي، حزينة، أدور في أمكنتك التي أحبها، مجروحة أنزف وجعي، الغيظ يكتسحني، لا أدري كيف أواسي الأرواح، التي كنت أتخيل أنني أراها، وهي تصعد إلى سمائك ياعراق، اكتظت السماء بهم، يلوّحون للأمهات، يودعون بغداد، يقسمون بأن القتلة سيكون يوم قصاصهم قريبًا، وأنا وحدي، غربة تضرب قلبي، تطوف داخله، وتفترش أمكنة لا أبالي بانتشارها.
أشلاء مقطعة
يقول الدكتور مهند قاسم أستاذ جامعي : الموت في بغداد اصبح مثل المصارف يوزع صكوكه على الفقراء فالعراقيين جميعا باستثناء السياسيين يخرجون صباحاً للبحث عن لقمة العيش، وسرعان ما يمنحهم الموت صكوكه، فيعودون إلى بيوتهم جثثاً مقطعة أشلاءً، اية بلاد هذه واي حاكم هذا ينظر الى شعبه يقتل ويصمت، الجميع يريد المغادرة منه ،الأوضاع تتغير بين ساعة واخرى، ولا يعلم الناس ما يحدث من مهاترات وسجالات وتصريحات للمسؤولين تحث وتدعو الى الطائفية وتحشيد الناس من اجل الاقتتال .
الطالب مصطفى حسن المرحلة الرابعة كلية الإدارة والاقتصاد جامعة المستنصرية قال : قبل أسابيع كانت بغداد هادئة جميلة لانعود الى البيت إلا في ساعات متأخرة الآن اصبحنا نعود الى البيت وقت الظهيرة ،ولم نخرج الى الشارع ابدا لأننا نقرأ ونسمع بوجود سيطرات وهمية، والغريب ان هناك من يقول انها اشاعة لكن الجثث تشيع يوميا والطب العدلي ممتلئ بجثث مجهولة الهوية ، وهناك من يقول لا صحة لهذا الكلام ،ويرافق كواتم الصوت في حصد أرواح الأبرياء دوي الانفجارات التي تهز المناطق في جانبي العاصمة الكرخ والرصافة .
حظر تجوال إجباري
ومع اشتداد الأزمة السياسية وضعف القوات الأمنية وخشية المواطنين من عودة المليشيات الطائفية والقتل على الهوية ، ترتفع إيجارات المنازل فمن امن على نفسه وعاد الى منزله ابان حقبة الاقتتال الطائفي عام 2006 و2007 خرج طوعيا الآن لا مجبرا، يبحث باسرع ما يمكن عن النجاة بنفسه وعائلته و يسابق الزمن في الخروج من داره التي عاد اليها مؤخرا، حتى لايتعرض الى نفس المعاناة التي تعرض لها في أعوام الفتنة الطائفية ،التي هجر فيها حيث تم إحراق منزله الذي اغتصب منه وعاد اليه بعد استتباب الامن بحسب قوله، وتحدث الينا أبو جمال وهو صاحب محل عقار في منطقة حي الجهاد : الإشاعات المغرضة التي تقول إن السيطرات الوهمية عادت وجعلت الكثير من العوائل تريد ترك منازلها والمغادرة والبحث عن دور في مناطق اخرى كأن تكون من نفس الطائفة ،لان الناس خائفون بكل الاحوال والوضع جعلنا جميعا نتعب ونخاف من المجهول ولهذا السبب ارتفعت أسعار إيجارات المنازل وكذلك بيعها الى ضعفين كما يقول أبو جمال .
بينما علق سلمان كاظم سائق تاكسي يسكن منطقة الشعب قائلاً: اخرج من البيت وانا اودع عائلتي لان دوي الانفجارات لاينتهي لكن في هذا الاسبوع أصبت بنوع من الهستيريا لانني كنت واقفا في السيطرة الامنية قبل يومين في منطقة بغداد الجديدة ، كان الزحام شديدًا، وكانت أصوات البشر تتعالى، لم أكن أريد النظر إلى ما يجري ، لكنني ألتفت وإذا بي أرى دماء وسيارات إسعاف تحمل جثثًا وجرحى، فلم أتمالك نفسي. صرخت ولم استطع من ذلك الوقت النوم ومنظر امرأة تسبح في الدم يسيطر على مخيلتي لماذا العراقيون يخرجون من مأساة وتتلقفهم مأساة أخرى؟ . لا أعرف ماذا أقول سوى إن هذا الشعب صارت حياته أحزانًا تلو أحزان، ليست هناك مسرة ولا فرح، لماذا؟ لا أدري يقول صاحب التكسي.
كاميرات مراقبة في المنازل
وبالمقابل نجد إن البغداديين اصبحوا ذوي خبرة في التحوط من المجهول ،حيث اصبحت الكاميرات ملاذهم الآمن لرؤية القادم الى منزلهم هل هو عدو ام صديق حيث يقول صالح علي صاحب محل لبيع ونصب الكاميرات في منطقة الباب الشرقي : اصبح الطلب خلال الأسبوعين الأخيرين كبيرا جدا على نصب الكاميرات التي تعرض الصورة ويبلغ سعرها 400 $ وهي سهله ويتم نصبها على اي تلفاز ،لذلك اصبح الطلب عليها كبيرا لان المواطنين يخشون من عودة الطائفية التي ما زالت جراحها تنزف ولم ترحم صغيرا او كبيرا ،مضيفا اننا جميعا نريد الامن والامان والمحبة، مبينا بان الناس خائفة جدا ولاتعلم ما تفعل. موضحا ان المجتمع العراقي يقوم على أساس العشائرية ، وقد تجد ‏في العشيرة الواحدة السني والشيعي.
عامل يخاف الخروج للعمل
سلام حسن يعمل بأجر يومي ويجلس مع عدد كبير من العمال في مسطر شارع ساحة الطيران قال : نحن نعمل بأجرة يومية والان اصبحنا نخاف الخروج مع اي شخص لان ذلك لايضمن لنا العودة، هاجس الخوف مريب ونحن اصحاب عوائل مصيرها سيكون مجهولا اذا ما قتلنا، ويضيف حسن بان الجميع ينشد العيش بحرية وكرامة ،ولا ننشد القصور التي يسكنها أمراء الفتنة من السياسيين ،ولا نريد حصة النفط التي تنازلنا عنها لهم نريد الامان ...الامان فقط.
لذلك نجد المواطنين يتحدثون عن نشاط نقاط التفتيش الوهمية في ضواحي العاصمة التي لا يتجاوز انتشارها اكثر من نصف ساعة لاصطياد المواطنين على الهوية، ثم تختفي تلك العناصر سريعا في وضح النهار.ويبدو ان الرسالة التي يحملها الانفلات الامني المتسارع محل غموض وما خلفته التصريحات من فشل جهاز الفحص السونار كان ايعاز للارهاب بعودة نشاطه الذي تقلص نوعا ما بسبب الخوف من جهاز الكشف ان يكشفهم، لكن الآن العاصمة بغداد اصبحت مسرحا لعرض فنون ارهابهم ولانعلم كيف يسرح ويمرح الإرهابيون في بغداد وأين الاستخبارات والقوات الأمنية الى متى تبقى غافلة عنهم ؟.
تصريحات وزارة داخلية
في المقابل قالت وزارة الداخلية إن : قيادات العمليات والأجهزة الأمنية في بغداد لم تؤشر رسميا وجود نقاط تفتيش وحواجز وهمية في العاصمة او نشاط لعناصر مسلحة، مشيرة الى ان الاداء الامني لتشكيلات وصنوف القوات الحكومية هو افضل بكثير من الفترة السابقة
وقال المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية العقيد سعد معن :ان الترويج عن عودة حواجز التفتيش الوهمية يهدف لزعزعة الامن الداخلي وتعكير الثقة المتبادلة بين الأجهزة الأمنية والمواطن.
وأضاف معن ان وزارة الداخلية وقيادة عمليات بغداد والاجهزة الامنية لم تؤشر رسميا احصاءات عن عمليات قتل وخطف على الهوية او نشاط لحواجز تفتيش وهمية، لكنه عاد ليقول ان بعض اعمال العنف وحوادث الاغتيالات بنحو 5 عمليات قتل كانت بدافع جنائي وذات طابع عشائري، وان حادثتين منها قد يكونان بدافع إرهابي.
وكشف المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية عن تعميم امني بتخفيف الزخم في نقاط وحواجز التفتيش الرسمية في اطار ستراتيجية امنية لتقليل عدد نقاط التفتيش داخل العاصمة، مبينا ان اجراءات التضييق والتفتيش المفاجئ في تلك الحواجز تكون اعتمادا على معطيات استخبارية بحثا عن مطلوبين ومركبات مشبوهة لضبطها بحسب قوله.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تربوي يشيد بامتحان "البكالوريا" ويؤكد: الخطا بطرق وضع الأسئلة

إطلاق سراح "داعشيين" من قبل قسد يوتر الأجواء الأمنية على الحدود العراقية

(المدى) تنشر مخرجات جلسة مجلس الوزراء

الحسم: أغلب الكتل السنية طالبت بتعديل فقرات قانون العفو العام

أسعار صرف الدولار في العراق تلامس الـ150 ألفاً

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram