منذ إعلان نتائج الانتخابات المحلية ، وحتى الان لم تظهر على السطح مؤشرات وبوادر تكشف عن قرب تشكيل الحكومات المحلية في المحافظات التي خاضت العملية الانتخابية ، الامر الذي يرجح الحاجة الى سقف زمني اوسع لحين تحقيق التحالفات ثم اختيار المحافظ ، ورئيس مجلس المحافظة ، الفشل في انجاز هذا الاستحقاق ، يراه المعنيون بالشأن العراقي بانه يؤكد الانقسام ، واتساع الخلاف على قضية لا تستحق كل هذا الوقت ، ولاسيما ان برامج القوائم الانتخابية اعلنت حرصها على تشكيل حكومات تأخذ على عاتقها الارتقاء بمستوى تقديم الخدمات ، و"الحرص الشديد " اصطدم كما يبدو بعقبات تشكيل التحالفات ثم الاتفاق النهائي على صيغة موحدة ليتولى المرشح الأوفر حظا منصب المحافظ.
الحكومة الحالية الاتحادية استغرق تشكيلها عدة اشهر ، وباتفاق اربيل حصلت الولادة فانطلقت الهلاهل من حناجر العراقيات ، واعلنت الكتل النيابية ، المشاركة في الحكومة انها ستعمل على بناء دولة المؤسسات وتحسين الملف الامني ، وبتضافر جهودها واعتمادها الدستور ستنقل البلاد الى مصاف الدول المتقدمة ، بتوفير الطاقة الكهربائية ، والحد من معدلات الفقر ، وتجفيف منابع الارهاب ، ومكافحة الفساد الاداري والمالي ، وما تحقق على الواقع جاء مخالفا لما اعلن ، فاندلعت ازمات مازالت حاضرة في المشهد ، تنذر بعواقب وخيمة .
الازمات المستعصية على الحل القت بظلالها القاتمة على عملية تشكيل الحكومات المحلية ، وهي الاخرى اصبحت بحاجة الى اتفاق على غرار اربيل ليمهد الطريق لحسم هذا الملف ، ثم الانتقال الى مرحلة البناء والإعمار، عندما "تتصافى القلوب " على حد قول العراقيين على الرغم من فقدانهم الامل في تحقيق هذه المعجزة ، وسط رغبة كل طرف في ان يتصدى للمسؤولية لانه الأجدر في شغل منصب المحافظ .
تعطيل الإسراع بتشكيل الحكومات المحلية ماعاد يشغل اهتمام الكثير من العراقيين، لان النسبة الاكبر منهم رفضت المشاركة في الانتخابات ، ولاسباب معروفة، من ابرزها فقدان الثقة بالمرشحين ، وخشيتهم من تكرار تجربة السنوات السابقة بتحقيق نجاح ساحق في التراجع الخدمي ، فاذا كانت الحكومة الاتحادية وباعتراف مسؤوليها عاجزة عن تحقيق برنامجها فكيف يكون اداء الحكومات المحلية؟
اداء الحكومات المحلية والاتحادية ، طيلة السنوات الماضية ، وصفه "سياسي متقاعد" بانه
اصبح عاهة مستديمة وسلوكا ممنهجا ، اعتمدته بعض القوى لتحقيق مكاسب سياسية" بروس الغشمة " لتوسيع قاعدتها الشعبية ، تمهيدا لخوض الانتخابات التشريعية المقبلة ، فالحصول على منصب المحافظ، يعني تحشيد الناخبين للإدلاء باصواتهم لصالح قائمة معينة ، عرفت بتراثها "النضالي" في تسخير موارد الدولة لصالح مرشحيها من حملة أنواط الشجاعة وأوسمة الاستحقاق العالي في المنازلة التاريخية ضد دعاة حرية التعبير ، والمدافعين عن الحقوق المدنية .
المعطيات الحالية وفي ضوء مستجدات الوضع السياسي ، واتساع الخلاف المزمن ، بين القوائم الفائزة ، ولكثرة أعداد حاملي أنواط الشجاعة الراغبين في تولي منصب المحافظ ، ستجعل الحكومات المحلية بحاجة الى المزيد من الوقت حتى "تتصافى القلوب " ثم تنطلق الزغاريد فرحا بنجاح العملية القيصرية .