حين ينفق واحد من أفراد العائلة المالكة في السعودية، حوالي 15 مليون يورو على الترفيه في ديزني لاند باريس، خلال 3 أيام فقط، فإن من حق وسائل الإعلام الغربية التي تتمتع بالحرية، أن تلفت الانتباه إلى أن هذا السفه تجاوز الحدود، وهو ليس أكثر من تعويض عن الإحساس بالدونية، وأن الشهادة الجامعية التي حصل عليها هذا المأفون، وأقام احتفاله الباذخ لحيازته إياها، لن تتعدى ورقة تضيع في ملفه الوظيفي، هذا إن كان يفكر أن يكون موظفاً، أو صورةً معلقةً على الجدار للتباهي، والمؤكد أنه طيلة فترة مكوثه في الجامعة لم يتعلم شيئاً، والمؤكد أنه لا يستحق شهادته، إلاّ إن كانت من جامعة مغمورة قبضت ثمنها، وهي تشعر اليوم بالراحة، لتخلصها من هذا الطالب السفيه.
لم يكتف الأمير السعودي بدعوة ستين من أصدقائه، حيث تكلف تذكرة دخول الواحد منهم حوالي 100 دولار، لكنه حجز لنفسه وضيوفه مناطق كاملةً من الحديقة، منذ الافتتاح وحتى بعد الإغلاق، ولمدة ثلاثة أيام متوالية، تم خلالها تنظيم حفلات التنكر والمسرحيات والتصوير، وتم استيراد 80 راقصة بشكل خاص لخدمة السفيه السعودي خلال الحفلة، وتم تأمين الاحتفال بأعداد كبيرة من رجال الأمن، إضافة إلى أن احتفاليته استحوذت على مساحات كبيرة من الحديقة التابعة للمدينة الترفيهية، ولعل هذا يدفع إلى السؤال عن مقدار ما أنفقه هذا الفتى خلال سنوات "دراسته" في باريس، أو غيرها من عواصم الغرب، وكم طالب علم كان ممكناً أن يواصلوا تعليمهم بالمال الذي أنفقه، وهو الذي لم يستفد من العلم شيئاً، ولن يفيد " بعلمه " أحداً.
السفيه في الشريعة هو من يسرف في إنفاق ماله، ويضيّعه على خلاف مقتضى العقل أو الشرع، فيما لا مصلحة له فيه، وباعثه خفة تعتري الإنسان من الفرح والغضب ، فتحمله على الإنفاق، من غير ملاحظة النفع الدنيوي والديني، وقد جاء في سورة النساء القرآنية ﴿ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا)، والمقصود بالسفهاء في هذه الآية هم الذين يبذِّرون أموالهم وينفقونها فيما لا ينبغي، وحين تقول الآية "أموالكم" مع أنها أموالهم، فإن المقصود أن تنفق الأموال في خدمة المجموع، فهي لو وظفت في التجارة أو الصناعة أو الزراعة، انتفع بها الناس كافة، وفي السيرة النبوية، أن النبي عليه السلام مرّ بسعد وهو يتوضأ، فقال ما هذا السرف يا سعد، قال أفي الوضوء سرف؟ فرد عليه الرسول نعم، وإن كنت على نهر جار، وهو هنا يتحدث للفت النظر إلى النزوع النفسي للإسراف، وليس عن المشكلة الاقتصادية الناجمة عن هذا الإسراف، الواضح أن لا ضرر مادياً فيه، ما دام يتم على ماء نهر جار.
من حكايات إنفاق السفهاء العرب التي شاعت، أن أحدهم أنفق حوالي 140 ألف دولار على زجاجة شمبانيا في ناد ليلي بدبي، وأنفق آخر 60 ألف دولار على زجاجة مماثلة في إحدى حانات نيويورك، ومنها أن البعض يطلون سياراتهم الفارهة أصلاً بالذهب أو الفضة، ولو فكر أحدنا بالبحث على موقع اليوتيوب عن إنفاق السفهاء، لرأى العجب العجاب، والمؤكد أن كل واحد من هؤلاء يتوجب الحجر عليه من عائلته، فإن لم تفعل فإن على السلطات الحجر عليه وعلى عائلته معاً، إن لم يكن هو نفسه من صلب تلك السلطات.
إنفاق السفهاء ؟!
[post-views]
نشر في: 7 يونيو, 2013: 10:01 م