لا تحتفظ ذاكرة العراقيين سابقا ولا حقا بأية ذكريات طيبة عن "المساعي الحميدة " فمنذ اندلاع الحرب العراقية الايرانية، مطلع عقد الثمانينات من القرن الماضي، علقوا آمالهم على المساعي الحميدة لايقاف الحرب بين البلدين، لكنها أي الآمال ومساعي اعضاء اللجنة، باءت بالفشل الذريع واستمرت الحرب ثماني سنوات، خلفت أعدادا كبيرة من الجرحى والمفقودين فضلا المعاقين، وملايين الارامل والايتام في كلا البلدين.
محنة ثماني سنوات من الحرب جعلت الذاكرة العراقية تنظر الى جهود لجنة المساعي الحميدة على انها نشاط اقتصر على اعداد "العصيدة" بزيارات مكوكية الى ايران وطهران، لم تسفر عن نتائج ايجابية، وبعد انهاء الحرب بقرار من مجلس الامن، تلاشت الحميدة وضاعت العصيدة، فدخلت حرب الخليج الاولى الى التاريخ بوصفها لم تحقق نصرا لطرف على حساب اخر، وظل سؤال البحث عن المنتصر او المندحر، واحدا من الالغاز المجهولة، والملفات السرية المختومة بالشمع الاحمر من قبل اجهزة مخابرات دول كبرى، حرمت الشعب العراقي من الحصول على "العصيدة" بجهود المساعي الحميدة.
الاوضاع السياسية في العراق هذه الايام وبعد ازمة اندلعت بعد انسحاب القوات الاميركية من البلاد، ومازالت مستمرة حتى الان، اصبحت ساحة ملائمة لنشاط اصحاب المساعي الحميدة وفقهم الله، وجهودهم تحتاج الى "قول وفعل" واستجابة حقيقية، من الاطراف المشاركة في الحكومة للتوصل الى اتفاق نهائي لحسم الخلافات، واداء القسم في ما بعد بإعداد "العصيدة" لشعبهم، وانقاذهم من تداعيات تراجع الوضع الأمني، ثم الانتقال الى مجلس النواب لتفعيل دوره في تشريع القوانين المعطلة ومن ابرزها العفو العام، وتعديل النظام الانتخابي، لخلق أرضية صلبة تكون قاعدة لحياة سياسية جديدة في المرحلة المقبلة، خالية من التشنجات والتوجه نحو ارساء وتوطيد الديمقراطية، لكي يقتنع العراقيون بالمواقف الوطنية لقادتهم السياسيين.
الوضع السياسي في العراق اصيب بمرض مزمن، وعدواه انتقلت الى الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، وخطورة المرض تتمثل بغياب العلاج الحقيقي، واحباط محاولات التوصل الى اتفاق نهائي، لتصفير المشاكل، وهي كثيرة، وعلى الرغم من ادراك الجميع بان برميل البارود يهدد مستقبل البلاد، لم يعلن اصحاب الشأن، موقفا يعبر عن استجابة واضحة وحقيقية لجهود "المساعي الحميدة"، باستثناء الظهور على شاشات الفضائيات بابتسامات عريضة بحاجة الى اثبات حقيقتها كونها صادرة من القلوب، وليست مصطنعة ومخصصة للكاميرا فقط.
الأيام المقبلة كفيلة بكشف أصحاب الأقنعة، ومجلس النواب في حال اكتمال نصابه، ومزاولة عمله والقيام بدوره التشريعي، سيكشف هو الآخر عن مدى الاستجابة للمساعي الحميدة على الرغم من الانطباع السائد عنها بفشلها حتى في أعداد العصيدة، بطريقة "حميدة" المرأة المعروفة بطبخ "الحديدة".
مساعٍ حميدة
[post-views]
نشر في: 8 يونيو, 2013: 10:01 م