اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ناس وعدالة > الشرطة ما بين التكنولوجيا الاجتماعية ... والتكنولوجيا المادية

الشرطة ما بين التكنولوجيا الاجتماعية ... والتكنولوجيا المادية

نشر في: 9 يونيو, 2013: 10:01 م

إن دراسة النظام الشرطي كنظام اجتماعي أصبحت مطلباً تنموياً ملحاً، ذلك أن النظام الشرطي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بعلاقات دينامية مع النظام السياسي والاقتصادي والثقافي والأسري والتي تشكل في مجموعها البناء الاجتماعي بهدف تحقيق السعادة والرفاهية للإنسان، من

إن دراسة النظام الشرطي كنظام اجتماعي أصبحت مطلباً تنموياً ملحاً، ذلك أن النظام الشرطي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بعلاقات دينامية مع النظام السياسي والاقتصادي والثقافي والأسري والتي تشكل في مجموعها البناء الاجتماعي بهدف تحقيق السعادة والرفاهية للإنسان، من خلال جعله أكثر تكيفاً مع مجتمعه أو مع ما يستجد في مجتمعه من أزمات وكوارث وتغييرات، ولذلك فإن ذلك لا يتم إلا في مجتمع يسوده الاستقرار والتماسك والتفاعل الإيجابي بين أفراده.

إن فكرة تحقيق الأمن والاستقرار عملياً هي من مسؤولية النظام الشرطي في الوقت الذي تتحدد فيه مسؤولية النظام الاجتماعي في تنشئة الأفراد على احترام الأمن والنظام والالتزام بقواعد المجتمع، أما ما عدا ذلك فإن الشرطة مسؤولة عن إجبار الأفراد على احترام قواعد المجتمع وقوانينه لضمان الاستقرار وبالتالي العيش بأمن وسلام والقدرة على القيام بأداء الأدوار المتعددة في كل مكان وزمان. إن الشرطة كنظام تستند إلى قواعد المجتمع وقيمه وأيدولوجيته، كما تتكون من أفراد المجتمع نفسه، فإمكانية التجانس ممكنة وقابلة الحدوث.
تشير التقارير العالمية إلى أن عدد الجرائم المكتشفة أقل بقليل من عدد الجرائم الحقيقية غير المكتشفة ولذا؛ فإن إشراك أفراد المجتمع بمسؤوليات شرطية ووطنية لزيادة إمكانية الوقاية من الجريمة يعتبر أولوية وضرورة ملحة، بحيث يصبح الأفراد بالخبرة أكثر حذراً في ارتكاب الجرائم ويصبح جهاز الشرطة أكثر قدرة على اكتشافها بفضل تضافر جميع الجهود المجتمعية.
إن خلق حالة التقبل والتعاون بين رجل الشرطة وأفرد المجتمع يخلق مزيداً من المرونة لرجال الشرطة ويزيد من قدراتهم في نشر الوعي بحقوق المواطنين وواجباتهم، إضافة إلى اعتبار مساعدة رجال الشرطة وسرعة التفاعل معهم هي جزء من المسؤوليات الوطنية التي تقع على عاتق المواطنين داخل المجتمع، وهذا يشكل جوهر عمل الشرطة المجتمعية سواء في الدور التوعوي أوالوقائي داخل المجتمع من خلال مجالات عديدة.
إن الجماعات الاجتماعية رسمية كانت أم تطوعية يجب أن تمد يدها لجهاز الشرطة لمساعدته على أداء دوره، كما أن على جهاز الشرطة أن يُفعِّل دور الشرطة المجتمعية ويكثف من نشاطاتها في المجتمع لتصل إلى كل مؤسسات المجتمع وجماعاته لإدامة الأمن والاستقرار. ومن الأمثلة على هذه الجماعات الاجتماعية: الأسرة، طلبة المدارس، الشباب، الأندية الرياضية وغيرها. وقد تكون الفائدة تجسيداً أكبر من فكرة ومعنى لمفهوم الشرطة المجتمعية خاصة في القضايا الخاصة بالأطفال أو النساء الذين يتعرضون للعنف وحمايتهم داخل المجتمع.
إن الشرطة المُجتمعية في المجتمعات الغربية تعنى بتوزيع مهام الشرطة التقليدية في منع وضبط الجريمة بين أجهزة الشرطة الرسمية، وبين فئات تطوعية من المُجتمع المحلي، وقد لجأت المُجتمعات الغربية إلى ذلك إما تطلعاً لدور إيجابي من المواطنين في مواجهة الجريمة - كما حدث في أوروبا وإما بسطاً للسيطرة الأمنية على مساحات شاسعة من أراضي الدولة - كما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية في ظل القصور في القوة البشرية الأمنية أو المعدات والتجهيزات، مما دفع بالمسؤولين في هذه المجتمعات إلى الاستعانة بأفراد من المجتمع المحلي مع منحهم سلطات الشرطة لفرض الأمن والنظام. أما في مجتمعاتنا العربية، فيتمثل دور المواطنين عموماً في مشاركة المجتمع بكل فئاته في مكافحة الجريمة من خلال تفعيل الدور الإيجابي للمواطنين في التعاون مع أجهزة الشرطة في منع وضبط الجريمة من منطلق المسؤولية الاجتماعية لكل مواطن.
إن ما نتمناه أن يتحول ويتسع مفهوم الشرطة  المجتمعية من  مجرد المساهمة في حفظ الأمن والنظام، ليشمل مجالات الأمن السياسي، والأمن الاقتصادي، والأمن الاجتماعي، والأمن البيئي والأمن الغذائي  وغيرها من هذه المجالات التي  استجدت على ساحة العمل في المجتمعات المحلية والدولية، ولم يُعد هناك شك في أنه لا استقرار ولا تنمية ولا اقتصاد دون أمن شامل بمفهومه السياسي والجنائي، وبأبعاده الثلاثة الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والذي يقوم على دعامتي الشرطة والمواطن.
إن الشرطة في كل مجتمع تواجه على الدوام بعض الصعوبات في إقامة علاقات جيدة مع الجماهير، وتتجه الشرطة المجتمعية بالتحديد نحو ما يطلق عليه «التكنولوجيا الاجتماعية»، وذلك من خلال إحداث تحول في الأسلوب المهني الشُرطي، حيث يتم تقليص الدور الذي تلعبه التكنولوجيا المادية (المُعدات والأسلحة)، ويحل محلها تدريجياً التكنولوجيا الاجتماعية، بالبحث عن المُشكلات وحلها وتفعيل العلاقات الاجتماعية وتشجيع رجال الأمن على اعتناق ثقافة جديدة لشراكة المُجتمع العملية والفعلية. ليصبح الأمن مسؤولية مُشتركة بين مُمثلي الدولة وأفراد المجتمع.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

كانت ليلة من ليالي رمضان، تناول الزوج (س) فطوره على عجل وارتدى ملابسه وودّع زوجته، كان الأمر عادياً، لكن لسبب تجهّله، دمعت عينا الزوجة. ابتسم في وجهها وهَمَّ بالخروج الى عمله بمحطة الوقود الخاصة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram