كيف سيقضي الله، يوم القيامة، بين القاتل والمقتول من العراقيين؟ فقضيتهم ملتبسة لدرجة كبيرة. أقصد بأن القاتل ينتظر أن يحظى بالحور العين بينما يساق قتلاه إلى الجحيم؛ لأنهم، كما يعتقد هو، كفار أو مشركين أو ملحدين أو لا أقل "مخالفين". القتلى من جهتهم لا ينتظرون أقل من درك النار الأسفل عقوبة منصفة وتأخذ بحقهم من قاتلهم المجرم. لكن يبدو أن هذا القاتل لن يسلك طريق النار بهذه السهولة؛ لأنه سيطالب الله بتنفيذ وعوده التي وعد بها المجاهدين. وأقل وعوده لمن يبذل روحه في سبيله هي مرضاته وغفران ذنوبه. فكيف يستحق الجحيم!؟ إذاً يبدو أن حجة الانتحاري قوية، الأمر الذي سيدفع المقتولين إلى الغضب وتأزيم الموقف، وسيطالبون الله بأن لا يسمع أعذار قاتلهم ثم يشرحون له بشاعة جريمته، رافضين ادراج هذه البشاعة والوحشية في لائحة العمل الجهادي الصالح. عند ذلك أظن أن القاتل سيصرخ قائلاً: يا رب، إني أطلب شهادة أولي الأمر الذين أوجبت عليَّ طاعتهم، فأولي الأمر أولئك هم الذين أمروني بقتل هؤلاء واخبروني أن في قتلهم غاية رضاك. فإن كان ثمة جريمة تستحق العقوبة فليتحملوها هم، ممن افتوا بوجوب التفخيخ، فما أنا في النهاية غير عبد ذليل مغلوب على امره.
أولي الأمر عند استدعائهم وبعد أن يتبين لهم طبيعة الموقف ومبلغ ما به من تعقيد، لن يعدموا الحيلة أبداً، وأول ما سيلوذون به من عذر، هو عذر الاجتهاد، سيقولون يا رب اجتهدنا كما امرتنا، فإن اصبنا فلنا اجران وإن أخطأنا فلنا أجر المشقة والتعب في تتبع أصول دينك والكشف عن حلالك وحرامك، ولم نكن نطلب غير رضاك وإعلاء كلمتك ونشر دينك، وهذا كتابك الكريم فيه كلامك الذي امرتنا فيه أن نفعل الذي فعلنا. فإن كنا قد أخطأنا بفهم هذا الكلام فارحمنا اكراماً لنوايانا الصادقة.. طبعاً الكلام هنا يقتصر على الصادقين من رجال الدين واتباعهم من التفخيخيين الواهمين، أما الذين يستخدمون الدين غرضاً لتحقيق مآرب سياسية أو إجرامية فهؤلاء لا كلام لهم وجهنم بانتظارهم.
عموماً، بعد أن يتبين بأن لكل من طرفي النزاع حججه القوية، لا يعود أمام العدالة الإلهية غير حل واحد، هو أن تُدخل القاتل والمقتول للجنة، بعد أن تصلح بينهم ليعيشوا فيها سعداء. خاصَّة بعد أن ينكشف للجميع بأن سوء فهم النصوص المقدسة هو الذي تسبب بكل هذه الكوارث. أي سيفهم الجميع بأن عباد الله أساؤوا فهم كلام الله فقتلوا عيال الله. أما نحن الذين لم يفجرنا سوء الفهم هذا لحد الآن، فعلينا أن نفعل شيئاً لإيقاف مهزلته قبل أن تأتي علينا كلنا.
بين عباده وعياله
[post-views]
نشر في: 9 يونيو, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 4
رمزي الحيدر
من المسؤول على سوء فهم النصوص الخالق أم العباد. ؟؟...؟.
صلاح امين
للحظه لم تستغرق طويلاان المقال لايستحق ان اقرأه ولكني قررت قراءته حتى اعترض عليه بقوه لكني فوجئت ان المقال ابهرني برؤياه البعيده لحاله يوميه مقيته من صنع الله لذلك ايقنت لماذا اعدمت لدينا الحلول فسلمت امري ان المشكله الهيّ وحلها الهي فليس لنا الا الصبر
اياد وانلي
اعتقد يااستاذ سعدون انك مررت بصراع كبير قبل ان تكتب هذا المقال المهم ولكن الصرع الاكبر هوكيفية افهام الناس ان يعيشوا مستقلين من دون التسلط على البقية مهما اختلفوا معنا بافكار وان نجعل الدين موضع خاص جدا وان نترك مسولية ادخال الناس الى الجنة الى الله وحده
صلاح
عزيزي أستاذ سعدون أظن أنك هنا تواجه سوء فهم كبير الله عز وجل له الحجة البالغة على خلقه كما يقول في كتابه القرآن و أنت تتصور هنا أنه سيكون للخلق الحجة عليه. و هو قال أن الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره. إنه عز و جل لم يتركنا تائهين لا نعرف كيف نتلم