TOP

جريدة المدى > عربي و دولي > انتبهوا للانتخابات الإيرانية!

انتبهوا للانتخابات الإيرانية!

نشر في: 11 يونيو, 2013: 10:01 م

  أغفل العديد من المحللين السياسيين الحديث عن الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة، مرجعين السبب في ذلك إلى أن المرشد الأعلى هو الذي يتخذ جميع القرارات السياسية المهمة على أي حال ـ وقبل كل شيء تلك المتعلقة بالبرنامج النووي. لكن يبدو أن الانتخ

 
أغفل العديد من المحللين السياسيين الحديث عن الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة، مرجعين السبب في ذلك إلى أن المرشد الأعلى هو الذي يتخذ جميع القرارات السياسية المهمة على أي حال ـ وقبل كل شيء تلك المتعلقة بالبرنامج النووي.
لكن يبدو أن الانتخابات الرئاسية تمثل أهمية لعلي خامنئي ـ ولهذا السبب تحديداً ينبغي أن تمثل أهمية بالنسبة للمراقبين في الغرب. ينبغي النظر إلى الانتخابات بوصفها إحدى المنتديات، التي تبرز النوايا السياسية للمرشد الأعلى، بما فيها تلك المتعلقة بالمسألة النووية.
وعلى الرغم من أن المرشد الأعلى قد بذل العديد من المحاولات لكي ينأى بنفسه عن الخلافات السياسية المحتدمة، إلا أنه كثيراً ما وجد نفسه على خلاف مع الرؤساء الإيرانيين، الذين كانوا يتطلعون إلى ممارسة سلطتهم التنفيذية ويحاولون انتهاج سياسات كانت تتعارض مع رؤيته. وقد انطبق ذلك بكل تأكيد على الرئيس محمد خاتمي، الذي سعى بكل قوة إلى إلقاء بذور الإصلاح على الصعيد المحلي ومد جسور للعلاقات على الصعيد الدولي. وربما لم يتملك الرئيس أحمدي نجاد الحرص على مد جسور للعلاقات على الصعيد الدولي، إلا أنه تبنى نهجاً شعبوياً وسعى نحو بناء قاعدة قوة مستقلة، بالإضافة إلى نجاحه في إيجاد حالة من التنافر الشديد داخل النخبة عن طريق توجيه اتهامات متكررة بالفساد.
وعلى الرغم من رغبة علي خامنئي في رأب الصدع المستفحل داخل النخبة، إلا أنه أراد القيام بذلك على طريقته الخاصة. ودائماً ما كان خامنئي يتشكك في إبرام صفقات مع واشنطن ـ إذ أنه يرى أن الغرب يفسر التنازلات على أنها دليل على الضعف ـ وقد كان خامنئي بوجه عام يفضل تشديد الرقابة على النخبة السياسية، من أجل خدمة قيم المحافظين، وكان ذلك مقدماً لديه على التوصل إلى توافق عام في الآراء. وفي الواقع، منذ اعتلاء خامنئي لمنصب المرشد الأعلى، سعى جاهداً إلى تشكيل إجماع سياسي جديد يعكس فلسفته الخاصة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي اقتصادياً وإظهار العداء للولايات المتحدة.
وخلال انتخابات 2009، كان خامنئي على استعداد للتخلي عن كافة مظاهر الادعاء بأنه فوق الصراع السياسي الداخلي؛ ويبدو أنه كان يعتقد أن بتدخله لضمان فوز محمود أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية سوف يحول دون عودة ظهور المزيد من الإصلاحيين والقوى البراغماتية، التي يمكن أن تمثل تحدياً لتوجهاته السياسية بشكل أكثر مباشرة. ولم يشك المرشد الأعلى كثيراً في أنه بعد إنقاذه الرئيس الإيراني أحمدي نجاد من الهزيمة، فإنه سوف يتحداه ويصبح أحد مصادر التوتر الدائم ـ وهو الأمر الذي قد لا يهدأ حتى بعد مغادرة أحمدي نجاد منصبه الرئاسي.
لذا فقد قرر آية الله خامنئي الآن عدم ترك أي شيء للصدفة. فبعد استبعاد "مجلس الأوصياء" لكل من أكبر هاشمي رفسنجاني واسفنديار رحيم مشائي ـ لا شك أن ذلك يعكس رغبات المرشد الأعلى- قضى خامنئي على أي احتمال لظهور مرشح مستقل. وإذا كان هناك أي أمل في أن تمهد انتخابات الرئاسة الإيرانية طريقاً نحو مناهج سياسية مختلفة للتعامل مع الولايات المتحدة، فان خامنئي يؤكد الآن وبكل وضوح أن الأمر لن يصل إلى ذلك المستوى.
ينبغي النظر إلى ما يقوم به خامنئي على ما هو عليه ألا وهو: رغبته المتأصلة في منع المزيد من التحرر على الصعيد الداخلي، وتسوية الخلافات على الصعيد الخارجي. وسوف يقدم الرئيس الإيراني المقبل فروض الولاء والطاعة له، ومن الافضل أن يعمل بمثابة نائبه الإداري.
لاقى استبعاد رفسنجاني على وجه الخصوص، وهو أحد مؤسسي الجمهورية الإسلامية، أصداءً واسعة. واستبعاد مشائي ـ المدعوم من أحمدي نجاد، الذي كان مستعدا لتحدي مؤسسة الملالي وبناء نظام قومي شعبوي ـ أمر يعكس على الأرجح توافقاً عاماً في الآراء بين المؤسسات التقليدية للجمهورية الاسلامية. لكن استبعاد رفسنجاني يمثل أمراً آخر تماماً. فدعم رفسنجاني لأولئك الذين طعنوا بشرعية انتخابات 2009 أثار غضب المحافظين المتشددين بكل وضوح. ومع ذلك، فإن تاريخه دائماً ما كان يضمن له في السابق مكاناً بين النخبة السياسية.
إن استبعاد رفسنجاني يسمح للمرشد الأعلى بتجنب عدم اليقين فيما يتعلق بإجراء انتخابات رئاسية تشهد مرة أخرى إقبالاً واهتماماً كبيرين من الشعب الإيراني. والمرشد الأعلى يريد وبوضوح تجنب هذا النوع من الإثارة، التي قد يحدثها رفسنجاني إذا ما واصل الإدلاء بتصريحات عامة، كما كان يفعل على مدار العامين الماضيين، عن حاجة إيران إلى إجراء إصلاحات اقتصادية والحد مما تعانيه من عزلة دولية (وهذا من ضمن الأفكار التي كان يشدد عليها في السنوات الأخيرة). بيد أن إقصاء رفسنجاني من سباق الانتخابات الرئاسية يبعث إشارة مهمة إلى أي شخص يشعر بالقلق إزاء البرنامج النووي الإيراني. فلو كان المرشد الأعلى يرغب في إبرام اتفاق مع الغرب بشأن البرنامج النووي الإيراني، لأراد أن يكون رفسنجاني رئيساً.
أقول ذلك ليس لأن رفسنجاني كان قادراً على إبرام أي اتفاق من تلقاء نفسه ـ إذ كان يتحتم على أي اتفاق يمكنه التوصل إليه أن يحظى بقبول المرشد الأعلى ـ ولو كان المرشد الأعلى مهتماً بالتوصل إلى اتفاق، فإنه على الأرجح سيرغب في ايجاد قبول واسع لها مسبقاً. وبدلاً من وضع بصمته عليها فقط، كان سيرغب في توسيع دائرة صنع القرار لتقاسم المسؤولية. كما كان سيمهد الطريق من خلال وجود شخص مثل رفسنجاني ليترأس مجموعة من شأنها إيضاح الأمور بشكل مفصل للتوصل إلى تفاهم.
إن تاريخ رفسنجاني، كمساعد للخميني ورئيس سابق وله علاقات مع "الحرس الثوري" والنخبة بشكل عام، سوف يصب في صالحه للاضطلاع بهذا الدور.
لكن لم يكن استبعاد رفسنجاني الإشارة الوحيدة، التي تنذر بوجود مشاكل بشأن اتفاق نووي. فهناك أربعة مرشحين من بين الثمانية المتبقين يتمتعون بصلات قوية مع المرشد الأعلى ومقربين منه، وربما يتمتعون بمصداقية أكثر في المفاوضات وهم: علي أكبر ولايتي، مستشار خامنئي لشؤون السياسة الخارجية؛ محمد باقر قاليباف، رئيس بلدية طهران وقائد سابق في "الحرس الثوري"؛ حسن روحاني، رجل الدين والمفاوض الإيراني السابق مع الأوروبيين بشأن البرنامج النووي الإيراني؛ وسعيد جليلي، ممثل خامنئي الحالي في المحادثات النووية مع مجموعة 5 + 1 ـ الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن + ألمانيا. وفي حين أن أي من هؤلاء المرشحين يمكن ـ من الناحية النظرية ـ أن يفوز في الانتخابات، إلا أن حقيقة تركيز وسائل الإعلام اهتماما على جليلي توحي بأنه مرشح خامنئي المفضل، على الرغم من تضاؤل ما يتمتع به من أوراق اعتماد مقارنة بالآخرين.إذا أصبح جليلي الرئيس الإيراني في نهاية المطاف، سيضحى من الصعب تجنب الاستنتاج بأن المرشد الأعلى اهتمام ضئيل بالتوصل إلى تفاهم مع الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي الإيراني. فقد استمر جليلي، وفقاً لكل الروايات، في التعامل مع جميع المحادثات بحماس عقائدي والتزام تام بتوجيهات المرشد الأعلى، إلى جانب الاستعداد للحديث إلى الأبد من دون التوصل إلى نتائج ملموسة. كما تدور حملته الانتخابية الان حول موضوع المقاومة ـ وقد بلغ به الأمر مبلغاً لدرجة أنه لا يتحدث كثيراً فقط عن المقاومة ضد "القوى المتعجرفة" على الصعيد الدولي، وضمنيا عن القضية النووية، بل إنه يتحدث أيضاً عن بناء "اقتصاد مقاومة".
قد لا يثلج الشعار الأخير صدور الشعب الإيراني، إلا أنه يأتي عذباً حلواً على مسامع علي خامنئي. ولو أصبح جليلي الرئيس الإيراني المقبل ـ لأنه أداة طيعة في يد المرشد الأعلى ما يجعله المرشح المثالي لشغل المنصب من جانب خامنئي ـ فلن نحتاج إلى التكهن حول نوايا خامنئي وأهدافه في المفاوضات النووية: فهو من سيخبرنا بها.

 المساعد الخاص السابق للرئيس الأميركي باراك أوباما، ومدير أقدم لشؤون المنطقة الوسطى في مجلس الأمن القومي الأمريكية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

ترامب: تركيا استولت على سوريا بطريقة "غير ودية"

بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال خلال زيارتي العراق

صحيفة عبرية: نتنياهو لا يريد انهاء الحرب في غزة لاستمرار نظامه الديكتاتوري

مقتل زعيم "داعش" بضربة أميركية في سوريا

الحوثي يعلن الحرب على إسرائيل ويهدد "بن غوريون"

مقالات ذات صلة

بابا الفاتيكان يدين وحشية غارات جيش الاحتلال الإسرائيلي

بابا الفاتيكان يدين وحشية غارات جيش الاحتلال الإسرائيلي

متابعة المدىدان البابا فرنسيس مرة أخرى، امس الاحد «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، بعدما قام بذلك السبت، مثيراً احتجاج إسرائيل، التي اتهمته بـ«ازدواجية المعايير». ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، قال الحبر الأعظم بعد صلاة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram