اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > الملاحق > نحن والديمقراطية الفرنسية

نحن والديمقراطية الفرنسية

نشر في: 1 نوفمبر, 2009: 06:44 م

حازم مبيضين لم تشفع مدة خدمة جاك شيراك الطويلة رئيساً للجمهورية الفرنسية، في منع القضاء من استدعائه للمحكمة بتهمة التلاعب بالمال العام، في قضية وظائف وهمية في بلدية باريس عندما كان عمدتها، وذلك في سابقة من نوعها لرئيس استفاد من الحصانة القضائية خلال توليه منصبه في وﻻيتين متتاليتين مدتهما ١٢عاماً،
ولم يخجل القضاء الفرنسي من اتهامه اليوم باختلاس أموال عامة، واحتراماً للقضاء لم ينف شيراك التهمة في وسائل الإعلام،، وقال مقربون منه إنه هادئ، ومصمم على أن يثبت أمام المحكمة، أن أياً من الوظائف التي ﻻتزال موضع سجال لم تكن وظيفة وهمية، ومعروف أن التحقيق شمل ٣٥ وظيفة وهمية مفترضة في فترة امتدت خمسة عشر عاماً بالتمام والكمال، وكم نتمنى أن يكون هناك تحقيق نزيه في أي مؤسسة حكومية في عالمنا العربي لنكتشف أن مئات الوظائف الوهمية تعشش في ثناياها سنوياً وبشكل علني ومقبول من الدولة والمواطنين. كم هو مثير للضحك – ولكنه ضحك كالبكا – أن نسمع أن الرئيس السابق وقع مرسوم تعيين سائق، كان يتقاضى راتبه من البلدية، بينما هو يقوم بقيادة سيارة محافظ سابق من أنصار شيراك، الذي اعترف بالواقعة مؤكداً أنها كانت ضرورية، ونافياً أي اختلاس للأموال العامة، ومرة أخرى نتمنى أن يتم التحقيق في وظائف مئات آلاف السواقين في عالمنا الثالث، الذين يقودون سيارات الزوجات، ويتنقلون بسياراتهم الحكومية بين أسواق الخضار، ومدارس الأنجال، والمشاركة في الأفراح والأتراح، والسهر حتى الفجر بانتظار خروج المسؤول من المقهى، أو الفندق الذي يقضي فيه سهرته مع الأصدقاء والخلان. لو تم تحويل أي مسؤول في عالمنا العربي الممتد من الماء إلى الماء للقضاء بتهمة شبيهة بتهمة شيراك، لانعقدت حلقات الدبكة فرحاً من المواطنين المقهورين، ولوزع بعضهم الحلوى، ولقامت قيامة الرجل الذي سينفي التهمة فوراً، ويتهم خصومه السياسيين بفبركتها، ولكن الفرنسيين يختلفون، إذ لم تلق فكرة إحالة رئيس سابق إلى المحكمة، أي تأييد في أوساط الطبقة السياسية، سواء في اليسار أو اليمين، وحتى أن بعض خصومه أسفوا لهذه النهاية، باعتبارها اختباراً مؤلماً، ونوهوا بأن شيراك شخصية يحبها الفرنسيون كثيراً، ومن المؤسف أن يحال، في نهاية حياته المهنية إلى المحكمة، واعتبر البعض أنها لن تكون جيدة لصورة فرنسا. شيراك الذي يكرس وقته هذه الأيام لمؤسسة أنشأها تعنى بالتنمية المستدامة والحوار بين الثقافات، يتمتع بشعبية كبيرة عند الفرنسيين، وأظهر استطﻼع للرأي أجري مؤخراً أن ٧٦% من مواطنيه يؤيدونه، متقدماً بذلك على جميع السياسيين في بلاده، رغم أنه خارج إطار المسؤولية، ولو أن الاستفتاء جرى في عالمنا البعيد عن تقاليد الديمقراطية الفرنسية فالمؤكد أن المتقدم سيكون الشخص المتربع على كرسي المسؤولية، ولن يحظى واحد من المتقاعدين بأكثر من بضعة أصوات يدلي بها لمصلحته أفراد عائلته المقربون، وبعد ذلك هل من يلوم مواطني العالم الثالث الذين يغرقون عند شواطئ فرنسا وهم يسعون للجوء إليها؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

اشتعال أزمة سوريا وتركيا.. ورومني يدعم تسليح المعارضة
الملاحق

اشتعال أزمة سوريا وتركيا.. ورومني يدعم تسليح المعارضة

  دمشق / BBCبعد أيام من سقوط القذائف السورية عبر الحدود إلى تركيا، ما يزال التوتر وأعمال القتل، تتصاعد على جانبي الحدود، في وقت أعلن فيه مقاتلو المعارضة قرب السيطرة على معسكر للجيش النظامي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram