أظهرت إحدى القنوات الفضائية المحلية لقطات من الزمن الجميل للكرة العراقية وهي تنتشي بفوز باهر على سوريا قادها أول مرة إلى مونديال مكسيكو عام 1986 وتارة تذرف دموع القهر على هدف القطري محمود الصوفي الذي أقصاها من مونديال 1990 في ملعب الشعب ، واختتمت اللقطات بعبارة ( منتخب العراق للذكرى فقط) ، تزامناً مع القهر الجديد الذي تغلغل في نفوس العراقيين إثر الخروج الرسمي لمنتخبنا من المنافسات المؤدية إلى كأس العالم 2014 بعد ان شاءت ظروف مباراتنا أمام اليابان أول من أمس ان تكون نتيجتها درساً موجعاً لمن أخفى رأسه تحت سقف النقد الشعبي الصارخ وراح يتحيّن دقائق المباراة لعلها تنجيه من فضيحة التكاسل والإهمال وهدر المال ، فجاء العقاب مستحقاً بالدقيقة 88 مع من تهاون وتغطرس وعبث بمقدرات كرة صغيرة بحجمها كبيرة بمرارتها على الشعوب!
وماذا بعد .. هل من حلٍ شافٍ يخرجنا من دوامة الفشل المونديالي كل أربعة أعوام والذي أصبح عكاز اتحاد الكرة كلما واجه سهام النقد المباشر كي يعيّرنا بتلك السنين العجاف التي أعقبت التأهل اليتيم من دون ان تتمكن كرتنا من تسجيل بصمة عالمية جديدة تصطف بها مع خيرة المنتخبات 32؟!
نعم الحل يبدأ من القمة ودونها تسفيه وتمييع واجترار عبارات اللوم والتقريع التي حوّلت القضية إلى حلبة خصومة وتسقيط شخصي وفرصة للانتقام من الاتحاد المتهم الأول في تعريض سمعة اللعبة إلى النكوص والتمرّغ في وحل الهزائم المتوالية ، وآن الأوان ان نتخلص من هاجس عواقب المساءلة لاتحاد الكرة تلك الأكذوبة الفجّة التي يلوح بها الأخير كلما حاول البعض تصحيح مساره وسياسته وأجنداته التي بات طابعها شخصياً بلا حدود ، ولابد ان تضطلع اللجنة الأولمبية الوطنية الجهة المسؤولة عن قانونية الاتحاد لتشرف على جميع مفاصل قيادته الإدارية والمالية والمتابعة الدقيقة لبرنامجه حاله حال الاتحادات الأخرى التي تمتلك اتحادات دولية بأهمية و(أبهة) فيفا !
ومن حق لجنة الشباب والرياضة البرلمانية ان تفتح ملف التحقيق فوراً باستدعاء جميع الأطراف بدءاً من رئيس الاتحاد إلى أصغر موظف يؤدي مهمة مرتبطة بفشل منتخبنا في تصفيات المونديال ، ومن حق اللجنة تنسيق عملها مع وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية عن مسألتين غاية في الأهمية ، الأولى كيف لا تؤخذ استشارة الوزارة في تخصيص الميزانيات لاسيما ان قانونها النافذ يشير إلى مسؤوليتها في هذا الأمر الذي اصبح سائباً بلا تخطيط أو رقابة بدليل انه تم إقرار تخصيص مبلغ 15 مليار دينار لاتحاد الكرة هذا العام من دون مناقشة مفاصل مهمة أهدر خلالها ملايين الدنانير على عقود خاسرة مع مدربين أمثال أولسن وزيكو ، فالأول أقصي من مهمته بعد مباراة واحدة ورفع شكوى ضد الاتحاد وكسبها بدفع 500 الف دولار له ، والثاني نال عقداً لم يحلم به حتى في المنام ولم يكتف بذلك ، بل تشير آخر أخبار دعوته القضائية انه في طريقه لكسبها وهي ضربة موجعة للاتحاد تؤكد تخبطه في إنفاق المال في عقود عقيمة آخرها ونأمل أن يكون آخراً العقد الغريب مع مدرب مجهول الهوية بتروفيتش في وقت يقف العديد من المدربين الوطنيين مسلحين بعلمية ودراية متميزتين وهم عاطلون عن العمل الوطني مع المنتخبات.
والجهة الثانية اللجنة الأولمبية الوطنية الغائبة عن مراقبة الاتحاد عن عمد بحسب تصريح أحد مسؤوليها لنا بأن الأولمبية لا تستطيع محاسبة اتحاد الكرة أو مناقشته في إشارة واضحة إلى وجود سوء فهم ناتج عن ظروف سابقة تصاعدت خلالها حدة التوتر بين الطرفين على إشكالية اللوائح الخاصة بانتخابات الاتحاد قبل ثلاثة أعوام ، الأمر الذي يفترض كسر حاجز الحياد الأولمبي ومكاشفتها عن واجبات المكتب التنفيذي في مراقبة مناهج الاتحادات والتشاور معها في أبواب الصرف الخاصة بإعداد المنتخبات وما تستلزمه مشاركاتها الخارجية فضلاً عن تحديد المقصرين في بطولات مهمة مثل تصفيات كأس العالم التي تعد أهم محطة لاختبار قيمة المجهود المبذول من العاملين على إنجاحها من فشلها.
نأسف أشد الأسف أن يتم تعامل أعضاء اتحاد الكرة مع موضوعة إقصاء المنتخب كأنه غير معني بها تماماً على شاكلة الخسائر السابقة التي لم نجن منها غير التبرير ودفع التهم إلى درجة النأي عن الاستقالة لأن وقعها في نفوسهم أهم من وقع آلام ملايين العراقيين الذين باتوا ليلتهم بقلبٍ مفجوع على قدر وطن استفاد من خيراته كثيرون ولم يفوا حقه إلا النز القليل !
وأخيراً .. كانت ذات القناة المحلية تعرض لنا عاجل تهنئة مسؤول كبير في الحكومة لفوز منتخبنا الوطني حال إطلاق صفارة الحكم نهاية المباراة في مناسبات ماضية شعوراً منه بوجوب مشاطرة الشعب فرحة النصر ، لكننا توقعنا هذه المرة (عاجل الاستجواب) لمحاسبة المساهمين في الإضرار بسمعة البلد في كرة القدم .. ولمّا نزل نترقب ..!
أين عاجل الاستجواب؟!
[post-views]
نشر في: 12 يونيو, 2013: 10:01 م