TOP

جريدة المدى > عام > وجهة نظر: البياض النصي.. مساحة للتعبير والإفصاح

وجهة نظر: البياض النصي.. مساحة للتعبير والإفصاح

نشر في: 14 يونيو, 2013: 10:01 م

يقصد بالبياض النصي : هو الفراغ أو التقطيع أو نثيث النقاط الذي يتركه الناص على فضاء الورقة الطباعي ، ضمن أعراف وتقاليد ، بات الأديب يتبعها لتدعيم النص شكلاً ، ومضموناً . وإذ يعد الآن البياض نصاً !! فإنه يخضع للقراءة والتأويل ، وقد لازم البياض النصي ال

يقصد بالبياض النصي : هو الفراغ أو التقطيع أو نثيث النقاط الذي يتركه الناص على فضاء الورقة الطباعي ، ضمن أعراف وتقاليد ، بات الأديب يتبعها لتدعيم النص شكلاً ، ومضموناً . وإذ يعد الآن البياض نصاً !! فإنه يخضع للقراءة والتأويل ، وقد لازم البياض النصي الأجناس الأدبية بأنواعها، ولاسيما في العصر الحديث ، على أننا هنا نشير إلى البياض المنظم المقصود ، الذي يوظفه الناص ضمن تقاسيم معينة ، يبدؤها من العنوان الرئيس ، وصولاً إلى عنواناته الفرعية الأخرى ، وليس من شك أن هذه العملية أتت بتأثير الحداثة ، والتجريب من جهة ، ومن جهة أخرى ؛ لأن البياض يفعل فعله في النص ، حتى بات النص يعدل إلى البياض السردي كثيراً ، ولعل ثيمات ، مثل الموت ، الفراق ، اللقاء ، اليأس ، الصراع الطبقي ... الخ تجعل الناص يستعمل البياض السردي ؛ لأن فيه دلالة لرؤية العالم من جديد ، ولاسيما أن الأديب أحياناً يتعمد الى موازنة في أحجام فصوله وفصلها بين بعضها ببياضات الورقة التي تبقى فارغة أو منقطة أو مقطعة لكلمة ما أو مشفعوة بعنوان ، أو بعبارة مأثورة ؛ لكي تحاكي بصرياً المتلقي. إن القصدية الموضوعة ، غالباً ما تكون دلالية أو صوتية ، وقد يضمحل النص أمام المتلقي شيئاً فشيئاً منتهياً بنثيث نقاط منتظم ، وقد يكون عددها محسوباً بوصفها دلالة عامة لبقاء النص مفتوحا بلا نهاية ، وهذا ما ينقلنا إلى التساؤل حول قضية مهمة هل كل ناص يجيد هكذا شكل من الكتابة ؟ ولعل الإجابة تكاد أن تكون بالنفي ؛ إن هذا النوع من الكتابة ـ إن صح الاصطلاح عليها بالكتابة ـ يجيده المتمرسون الذين خبروا أولا علامات الترقيم والتقطيع للكلمات بشكل عمودي أو أفقي وكيفية توظيفها ، ورسمها أو تشجيرها طباعياً ؛ لكنها لا تعوض بالطبع عن النص الكتابي الأسود ؛ ذلك لأن البياض الطباعي إطار رسموي قد يوازي الملفوظ ، لكنه لا يضارعه في الماورائية ، فقد يعد مرجعاً لا بأس به لقراءة المتن وتأسيساً على ما سبق ؛ فالبياض النصي له صلة شارحة للنص ويمكن أن نشير إلى أنه قد وظف حديثاً بكثرة ، حتى أصبح مساحة للتعبير والإفصاح عن هذا العصر ، ومواقفه المتناقضة ، ووجد الناص عن طريقه وسيلة للتعبير عن رؤيته بجعله الخلفية التي يتكئ عليها ، فمن خلاله أيضاً يستجلب المتلقي ويثير اهتمامه ومما لاشك فيه أن التقدم التقني للطباعة الحديثة ، قد ساعد الناص في التقدم أيضاً ، والتفنن في صنع وتشكيل هذا البياض ؛ مما يزيده متعةً وجمالاً في أحيان كثيرة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

بروتريه: فيصل السامر.. قامة شامخة علماً ووطنيةً

الحكّاء والسَّارد بين "مرآة العالم" و"حديث عيسى بن هشام"

موسيقى الاحد: 250 عاماً على ولادة كروسيل

الكاتب يقاوم الغوغائية والشعبوية والرقابة

في مجموعة (بُدْراب) القصصية.. سرد يعيد الاعتبار للإنسان ودهشة التفاصيل الصغيرة

مقالات ذات صلة

الكاتب يقاوم الغوغائية والشعبوية والرقابة
عام

الكاتب يقاوم الغوغائية والشعبوية والرقابة

أدارت الحوار: ألكس كلارك* ترجمة: لطفية الدليمي يروى كتابُ مذكرات لي ييبي Lea Ypi ، الحائز على جائزة، والمعنون "حُرّة Free" تجربة نشأتها في ألبانيا قبل وبعد الحكم الشيوعي. أما كتابُها الجديد "الإهانة indignity"...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram