TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > على قدر أهل العزم

على قدر أهل العزم

نشر في: 15 يونيو, 2013: 10:01 م

جمعتني، مرة، جلسة على هامش أمسية ثقافية بالقاهرة، مع مسؤول عراقي بمنصب "عال". الرجل، حسب ما اشاهده على الشاشات وأقرأ  له من تصريحاته، مغرم برئيس مجلس الوزراء. بدأ بحديث عام ثم عرج على المالكي و"منجزاته" بدون مناسبة. لم أعلق. انهى حديث المدح بقوله: المالكي بدوي!! شتكول؟ عفوا عن شنو اكول؟ كرر علي: ان المالكي بدوي. سألته: شلون يعني بدوي؟ لأنه شهم؟ هم شلون؟ لأنه غيور. هنا سألته: هل تعني أنه إن مّر بشارع ووجد أطفالاً من العراقيين يبيعون الكلينكس تحت لهيب الشمس او يرتجفون في عز الشتاء تهتز عنده الغيرة ويلطم على رأسه ولا ينام تلك الليلة الا بعد ان يوفر لهم عيشاً كريماً، ليس من جيبه بل من ميزانية العراق المدرارة؟ قال لو جلست معه ساعة لعرفت سبب وصفي له بالبدوي. قلت له، لكني جلست معه اكثر من ساعة فلم اسمعه يغني بيت عتابة ولم يكن في خيمة او كانت بجانبه ربابة؟ ضحك ورد علي بلطف: ما تجوز من سوالفك!
بعد حديث من هنا وكلام من هناك صرح لي أخونا بدون مناسبة ومن دون أن أسأله انه مستعد ان يقسم بأي إمام أختاره ان المالكي لم يقصّر. قلت له وانا قبلك أقسم بأي نبيّ تختاره ان المالكي لم يقصّر! تفتحت أساريره وارتاح كثيراً وقال: اي زين ليش ما تكتبها؟ راح اكتبها واذا تحب احجيها الك من هسه. يا ريت.
دعني يا صاحبي، أروي لك حدثاً عن الشاعر محمد صالح بحر العلوم صاحب قصيدة "أين حقي" الشهيرة. البعض يعتبر ان القصيدة مثل "بيضة الديك" اذ انه لم يكتب قبلها او بعدها قصيدة أرقى منها او توازيها. قرأ ذات يوم شعراً في أمسية لاتحاد الأدباء فأبدى احد النقاد امتعاضه معتبرا ان ما يسمعه من بحر العلوم لا يعد شعراً. رد الشاعر عليه: صدقتي لو كنت اعرف اكتب افضل مما سمعته مني لما قصرت. ثم قال "على قدر أهل العزم" ونزل عن المنصة.
ربّاط الكلام ان ادارة المالكي لشؤون البلاد خاصة الأمنية والخدمية تحددها قدرته. انه مثل الذي لا يستطيع حمل اكثر من 50 كيلوغراماً على كتفه وانت تطلب منه ان يرفع 100 كيلو.
ولأقرب المثل "للمعزّب" اكثر، ذكرت له حادثة كادت تودي بحياة حفيدي آدم، قبل شهر، اثناء ممارسته للتدريب على  القفز العالي. كان في مقابله طفل بعمره يتدرب على رمي الثقل. استعجل الطفل فحمل كرة أثقل من طاقته ليجرب حظه برميها ففقد توازنه ورماها على الحاضرين وسقطت على ساق آدم فرضّته.
نعم ان المالكي لم يقصّر لأن حدود إمكاناته ودرجة استيعابه للأحداث قد تنفع في ادارة مدرسة ابتدائية مثلا، لكنها لا تساعده على النجاح في ادارة بلد مثل العراق. رئاسة الوزراء اذا تولاها من لم يكن مؤهلا لحمل ثقلها، قد يهّد بلداً بأكمله ويذّب طركاعة سودة على اهله. قطعا، لن يرحم الله امرءاً لا يعرف قدر نفسه؟.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram