تأخذني أحياناً نسمات الذكريات إلى العمل الصحفي النقي برفقة الدكتور هادي عبد الله الذي تشرفت بالعمل معه في ملحق (الجمهورية الرياضي) الأسبوعي بعد صدور العدد الأول منه في 20 نيسان 2001 الذي استمر 20 عدداً لظروف فنية، فإضافة إلى شفافيته في التعامل الودي من دون مكابرة أو تعسف مهني مثلما يشكو اليوم الكثير من الزملاء الشباب ممن ولجوا بيوتاً صحفية لا يشعرون خلالها بالألفة والتراحم، كان الزميل هادي ينأى عن نشر حلقات الإثارة الإعلامية غير المسؤولة في ما يخص أسرار النجوم لئلا تسهم في تأجيج فضيحة يغيب دفاع طرفها الآخر بسبب موته أو انغماسه في شجون الحياة القاهرة ، ولهذا كنت أتحذر عندما أستل ملفات مهمة من مشوار النجوم بالرغم من سردها بألسنتهم في حلقات متوالية كان بعضهم ينتهز الفرصة لرد الاعتبار بعنف أو كشف مستور خطير يُطيح الرقاب آنذاك !
ومن بين الملفات الهادئة التي استذكرتها عن قصد في مصارحة اليوم هي البوح الأول لمايسترو الكرة العراقية السابق هادي احمد عن سبب اعتزاله بصمت بعد خليجي أبو ظبي 1982 ، فبعد عودة المنتخب من الإمارات عقب القرار السياسي المفاجئ بالانسحاب من الدورة السادسة لمصلحة الكويت ، استدعى الراحل عمو بابا لاعبي المنتخب لاستئناف الوحدات التدريبية في ملعب الشعب استعداداً لتصفيات لوس أنجلوس الأولمبية وخلت القائمة من اسمه ، وبالرغم من الضغط المتواصل على عمو من الجهات الرياضية والشعبية لمعرفة السبب إلا انه التزم الصمت حيال الجميع ، وبدوره اتخذ هادي قرار الاعتزال بصمت أيضاً احتراماً لمسيرته التي أراد لها عمو أن تتوقف عند هذا التاريخ من دون أن يؤثر على علاقته به وبالاتحاد الذي لم يحرّك ساكناً!
فأين هم أنصاف النجوم اليوم من حكاية ابن البصرة الخلوق هادي أحمد؟ كلنا نعلم أن ما يسمى بـ(مايسترو الأسود ) نشأت أكرم قدم أسوأ نهاية لمسيرته مع المنتخب الوطني بعد أن تخلى عن مرافقته إلى أستراليا بقرار شخصي – صرف - إثر خلافه مع المدرب المساعد باسل كوركيس، وحزم حقيبته متوجهاً إلى إحدى الدول الخليجية لقضاء فترة من الاستجمام وسط عجز تام لنائب رئيس الاتحاد عبد الخالق مسعود وعضوي الاتحاد نعيم صدام وقادر شمخي الذين سمحوا له بالانفصال عن الوفد من دون اتخاذ موقف رسمي يشير إلى حزم الاتحاد في بسط الانضباط والالتزام مع الجميع وهو مؤشر سلبي يؤكد تسلط المحترفين على مقدرات المنتخب منذ زمن بعيد وعبثهم في مشاركات مهمة خرجنا منها بخفي حنين بسبب سياسة الكيل بمكيالين إزاء اللاعبين الشباب والكبار!
نشأت أكرم لم يكن كريماً مع منتخب البلد بعد أن أحيا المدرب الصربي بتروفيتش أمله في إمكانية إسكات صوت المشككين بقدراته ومواصلته حمل الراية واستعادة ألقه في زمن الإنجازين اليتيمين بأثينا وجاكارتا طوال السنوات العشر الماضية ، لكنه خسر الكثير بعودته الصورية الخالية من ومضات فنونه وحماسته واندفاعه لتعديل النتيجة أمام عُمان .وجاء لقاء اليابان لجسّ نبض صبره على دكة الاحتياط تلك الحقيقة التي كان ينبغي ان يعيها نشأت من دون تحسس تاركاً تقدير الأمور للمدرب بترو ، لكنه استسلم لأنانيته ومكابرته وتعاطفه مع يونس محمود الذي أعلن اعتزاله في توقيت متأخر حسب ادعائه وهو يدرك جيداً ضلوعه مع عدد من اللاعبين الكبار في مخطط الإبقاء على أبطال " الهزيمة المذلة " في خليجي مسقط 2009 أمام صاحب الأرض بالأربعة وكسرهم توصية أمين السر السابق احمد عباس الذي اتخذه بالتشاور مع حسين سعيد وناجح حمود وعبد الخالق مسعود ومحمد جواد الصائغ قبل لقاء الكويت في حل التشكيلة بعد العودة إلى بغداد!
إن ملف الانضباط في تاريخ الكرة العراقية شهد الكثير من العلامات المضيئة للمنتخب والأندية وكان التنسيق يجري بتوأمة مع الاتحاد من اجل بسط النظام وعدم السماح للتهاون ،بدليل ان مؤسس نادي الزوراء الراحل عدنان أيوب صبري العزي أوقف خمسة لاعبين مهمين بالفريق لسوء عروضهم في نهائيات أولمبياد موسكو 1980 ،ومن ابرزهما فلاح حسن وعلي كاظم ، فهل نرى عقوبة انضباطية بحق الهارب نشأت أكرم بعد تهاونه في المهمة الوطنية وهروبه في الوقت الذي يحتاج المنتخب إلى تعضيد دوره مع اللاعبين الشباب أمام أشرس منافس في التصفيات ؟
نادي الشرطة المعني بالتساؤل مطالب بفرض ضوابط العلاقة التربوية والمهنية بين اللاعب ومنتخب بلاده قبل أن يصدر عن اتحاد الكرة قرار بشأن ذلك ،علماً أنه على ذمة المنتخب حتى الثلاثاء المقبل ،ولم يرد إنهاء مشواره الدولي كما فعل السفاح مستعطفاً رضا الجماهير التي خذلها في غير مناسبة ، ذارفاً دموع التمساح !
الهارب نشأت أكرم
[post-views]
نشر في: 15 يونيو, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 2
مقداد
والله كلامك جميل وعين العقل .. وبصراحة كأنك تسرد ما يجول بخاطري حول أنصاف النجوم الذين يرومون دخول التاريخ عن طريق الثرثرة والجعجعة دون المستوى والعطاء .. وباعتقادي يونس محمود يستحق أكثر من هذا الهجاء ، اذا ان ليونس دور في تحطيم امال الجماهير بسبب انانيته
عامرعمار
مقال لا يتصف بالموضوعية ولا بالوفاء ,تعيبون على نشأت ويونس بأنهم أصحاب أنجازين يتيمين (أثينا وجكارتا) وهل لكم طوال هذه السنوات السوداء غير هذين الأنجازين ؟!كفى نكرانا للجميل وأتركوا عادة التهجم على لاعبي المنتخب إن قل عطائهما بحكم العمر ولا تنسوا أن فضل ا