طوت إيران امس السبت صفحة من تاريخها يمكن تسميتها بجدارة "صفحة نجاد" فهذا الأستاذ الجامعي المنتمي إلى الطبقة الفقيرة يعتبر من أكثر الشخصيات العالمية والإيرانية إثارة للجدل، فمع انطلاق الانتخابات الرئاسية يكون محمد أحمدي نجاد الذي ترأس إيران لولايتين م
طوت إيران امس السبت صفحة من تاريخها يمكن تسميتها بجدارة "صفحة نجاد" فهذا الأستاذ الجامعي المنتمي إلى الطبقة الفقيرة يعتبر من أكثر الشخصيات العالمية والإيرانية إثارة للجدل، فمع انطلاق الانتخابات الرئاسية يكون محمد أحمدي نجاد الذي ترأس إيران لولايتين متتاليتين خارج السلطة ولا يُعرف بعد ما المستقبل الذي يُخططه لنفسه أو تُخططه له القيادة الدينية الممثلة بالمرشد الأعلى علي خامنئي.
ولد محمود أحمدي نجاد الذي بدأ حياته العملية في الحرس الثوري الإيراني، في قرية أرادان بالقرب من جارمسار، وهو الطفل الرابع من بين سبعة أطفال لوالد يعمل حدادًا وبقالاً وحلاقًا ومعلم للقرآن. وقد غير الأب اسمه في سن الرابعة من "سابورجان"، عندما انتقلت العائلة إلى طهران.
وكان أحمدي نجاد الذي يغادر مقر (نخست وزيري) اجتاز في عام 1976، مسابقات القبول في الجامعات الإيرانية الوطنية، وقيل إنه حاز على المرتبة ال 132 من بين 400,000 مشارك في تلك السنة، وسرعان ما التحق بجامعة إيران للعلوم والتقنية كطالب في كلية الهندسة المدنية. وهو تحصّل على دكتوراه في هندسة النقل والتخطيط من نفس الجامعة في عام 1997، عندما كان حاكما لمحافظة أردبيل في شمال غرب إيران.
انضم أحمدي نجاد (وينطق بالفارسية:محمود احمدی نجاد) وهو الأستاذ الجامعي المنتمي للطبقة الفقيرة إلى مكتب تعزيز الوحدة بعد الثورة الإسلامية، ثم عُين كحاكم إقليم، لكنه أقيل بعد انتخاب محمد خاتمي رئيسًا لإيران، فعاد إلى التدريس.
عيّن نجاد من جانب مجلس بلدية طهران رئيساً للبلدية عام 2003، وهو ما مثّل انعطافًا نحو التيار الديني المتشدد على عكس الاتجاهات الإصلاحية للرؤساء المعتدلين السابقين.
وكانت حملته الانتخابية الرئاسية عام 2005، بدعم من تحالف بناة إيران الإسلامي، ووعد فيها بأن أموال النفط ستكون للفقراء، ورفع شعار "هذا ممكن، ونحن نستطيع أن نفعل ذلك". أصبح رئيسًا بعد حصوله على 62% من الأصوات الانتخابية في الثالث من آب (أغسطس) 2005.
البسيط المتواضع
يعتبره أنصاره، "رجلاً بسيطًا" يحيا حياة "متواضعة"، إذ وبعدما أصبح رئيسا، أراد الاستمرار في سكن منزل الأدرة المتواضع في طهران، إلا أن مستشاريه الأمنيين أجبروه على الرحيل.
وكان أحمدي نجاد طوى السجادة الفارسية العتيقة الموجودة في قصر الرئاسة، وبعث بها إلى متحف السجاد، واستخدم بدلاً منها سجادًا ذا تكلفة منخفضة، ويقال إنه رفض مقعد كبار الشخصيات في طائرة الرئاسة، واستبدله بمقعد طائرة شحن بدلاً من ذلك.
وظل نجاد على الدوام يعتبر أن مرشده الروحي هو محمد تقي مصباح يزدي، وهو من كبار رجال الدين في قم، ومعلمه الروحي والعقائدي. وكان مصباح يزدي أسس مدرسة حاغانى الفكرية في إيران، وأيد هو وفريقه بقوة نجاد في حملته في الانتخابات الرئاسية.
وعند وصوله إلى كرسي الرئاسة، عقد أحمدي نجاد أول اجتماع لحكومته في ضريح الإمام الرضا في مشهد، وهو عمل ينظر إليه على أنه "متدين".
وحيث تبقى بعض التفاصيل عن حياة نجاد خلال الثمانينيات من القرن الفائت غير معروفة، فإنه من المؤكد أنه شغل العديد من الوظائف الإدارية في محافظة أذربيجان الغربية.
وتذكر العديد من التقارير، أنه بعد أن قام الرئيس العراقي صدام حسين بغزو إيران انضم أحمدي نجاد لحرس الثورة الإسلامية، وخدم في جهاز المخابرات والأمن العام، لكن مستشاره مجتبى سمارة هاشمي قال "أنه لم يكن يومًا عضوًا أو مسؤولا بالحرس الثوري"، حيث كان أقرب ما يكون بمتطوع باسيج.
لم يكن أحمدي نجاد معروفًا على نطاق واسع عندما دخل حملة الانتخابات الرئاسية الأولى بالرغم من كونه عضوًا في اللجنة المركزية لمجلس المهندسين الإسلامي، ولكن الدعم السياسي الرئيسي له كان من تحالف بناة إيران الإسلامية (ائتلاف ابداجران الإسلامي أو المطورين).
وحينذاك، كانت تصريحات أحمدي نجاد متباينة حول خططه الرئاسية، ربما لجذب كل من التيارات الدينية والطبقات الفقيرة، فكانت حملته تحت شعار: "أنه أمر ممكن، نستطيع أن نفعلها".
حظي نجاد بشعبية كبيرة في هذه الحملة، فقد أشار إلى حياته المتواضعة وأبرز ذلك، حيث قارن نفسه بمحمد علي رجائي، الرئيس الثاني لإيران الذي قال في انفجار في منتصف ثمانينيات القرن الفائت.
وكان نجاد أعلن أنه يعتزم إقامة "حكومة مثالية لشعوب العالم" في إيران، وهو التزم في عمله السياسي بمبادئ إسلامية وثورية، وكان من أهدافه "وضع دخل النفط على طاولة الشعب"، أي أنه سيتم توزيع أرباح النفط في إيران على الفقراء.
ورغم ذلك واجه أحمدي نجاد انتقادات واسعة خلال سنوات ولايتيه الرئاسيتين، محليًا وعالميًا، قد انتقد محليا بسبب الأزمة الاقتصادية والاستخفاف بحقوق الإنسان. وفي عام 2007، أطلق مشروعًا للحد من استهلاك الوقود في البلاد، وخفض أسعار الفائدة المصرفية.
وواجهت نجاد خلال انتخابات عام 2009 الرئاسية، احتجاجات داخلية كبيرة، ووجهت له انتقادات دولية كثيرة، كما شككت أحزاب المعارضة الرئيسية في شرعية رئاسته.
وفي عهد نجاد تعرضت الناشطات في مجال حقوق المرأة للاضطهاد، بعد مطالبتهن البرلمان بتطبيق "مشروع قانون حماية الأسرة" قبل صدوره. كما انتقدت العديد من منظمات حقوق الإنسان والحكومات الغربية، سياسة أحمدي نجاد في مجال حقوق الإنسان. ووفقًا لتقرير صادر عن رابطة حماية حقوق الإنسان : "منذ تولى الرئيس أحمدي نجاد السلطة، ومعاملة المعتقلون قد ازدادت سوءاً في سجن إيفين، وكذلك في مراكز الاعتقال السرية التابعة للسلطة القضائية ووزارة الاستخبارات والحرس الثوري الإسلامي".
وأضافت أيضًا رابطة حماية حقوق الإنسان "إن احترام حقوق الإنسان الأساسية في إيران، وخاصة حرية التعبير وتكوين الأحزاب قد تدهورت.
برنامج إيران النووي
كما دعم نجاد برنامج إيران للطاقة النووية، حيث أكد مراراً على أن برنامج بلاده النووي معد للأغراض السلمية، وليس لتطوير الأسلحة النووية. وتحت قيادته، رفضت إيران نداءات مجلس الأمن الدولي لإنهاء تخصيب اليورانيوم داخل إيران.
وأعلن أحمدي نجاد أن العقوبات الغربية لإيران بسبب تخصيب اليورانيوم "غير قانونية" وقال إن إيران ستواصل التزامها بتمكين الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مراقبة برنامجها النووي، على الرغم من أن إيران لم تفعل ذلك.
وكانت هناك انتقادات واسعة لسياسة إيران النووية تحت إدارة أحمدي نجاد من جهات عدة على رأسها الولايات المتحدة وإسرائيل.
وشملت الاتهامات سعي إيران للحصول على السلاح النووي وتطوير قدراتها في إطلاق الصواريخ بعيدة المدى، وأن أحمدي نجاد أصدر أمرًا لمنع مفتشي الأمم المتحدة من زيارة المنشآت النووية للبلاد بحرية وعدم عرض التصاميم عليهم.
وبعد نجاح اختبار إطلاق صاروخ بعيد المدى في ايار (مايو) 2009، أعلن أحمدي نجاد أنه "ببرنامجها النووي، إيران ترسل رسالة للغرب أن جمهورية إيران الاسلامية هي التي تدير العرض".
ويعتبر أحمدي نجاد من أشد المعارضين لسياسة الولايات المتحدة وإسرائيل، لكنه عزز العلاقات بين إيران وروسيا وفنزويلا وسوريا ودول الخليج العربي، وخلال
فترة ولايته، كانت إيران واحدة من كبار مانحي المعونة إلى أفغانستان.
وخلال رئاسة أحمدي نجاد، وصل الاحتكاك بين إيران والولايات المتحدة إلى أعلى مستوى لها منذ 30 عامًا تقريبًا. وكانت تجمدت العلاقات الدبلوماسية بين إيران والولايات المتحدة منذ عام 1980، ولم يكن هناك علاقات دبلوماسية مباشرة حتى مايو 2007.
وفي الوقت الذي ظلت الولايات المتحدة تربط فيه تأييدها لاقامة الدولة الفلسطينية، بالاعتراف بحق إسرائيل في الوجود، فان نجاد إن ظل يرد بان إسرائيل يجب أن تنتقل إلى أوروبا بدلاً من ذلك.