TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الداخلية ... وحملات الوعي الأمني المطلوبة

الداخلية ... وحملات الوعي الأمني المطلوبة

نشر في: 16 يونيو, 2013: 10:01 م

اعتمد تفسير الجريمة طويلا على الاتجاه النفسي والاستعداد الجرمي لدى المجرم والاتجاه الاجتماعي للظروف المحيطة ، والغريب ان اكثر الباحثين في علم الإجرام والجريمة لم يقفوا امام المواقف المحرضة على ارتكاب الفعل الجرمي .. او يمكن تسميته استغلال الفرصة المناسبة .. فاذا ما وجدت مبان بدون حراسة او محال يكتفي اصحابها باقفال متواضعة امام ما تحوي من معروضات .. اليست هذه امور تعتبر بمثابة المحرض لمن تسول له نفسه بارتكاب الفعل الجرمي ؟ واذا وجدت منطقة غارقة في الظلام بعد غروب الشمس ، اليست هي بمنطقة محرضة لارتكاب فعل جرمي ؟ او على الاقل تصبح مأوى وملاذا للفارين من وجه العدالة ومعتادي الاجرام ؟ وفي تتابع ما خطته ايدي علماء الجريمة ، نجد انهم صنفوا المواقف المحرضة على ارتكاب الافعال الجرمية الى نوعين :
1- الموقف الخطير : وهو الموقف الذي يغري المجرمين بارتكاب الجريمة ، لانعدام وجود موانع مادية او وسائل مراقبة فعالة تمنع المجرم عن تنفيذ مخططه الإجرامي ، وان ارتكب الجرم فانه يكون في حالة تسرع وعدم اطمئنان .
2- الموقف الخامل : وهو الموقف الذي لا يشجع ايا من المجرمين على ارتكاب الفعل الجرمي ذلك ، نظرا لظروف تأمين ما فيه ومن فيه ضد خطر الجريمة . المسافة بين الموقفين بعيدة ، فهما على طرفي نقيض ، ويتيح هذا التناقض في ان أصحاب الموقف الثاني لديهم من الوعي الأمني ما يوقف حائلا في مواجهة الجريمة ، اذن فالمسألة في تفاوت الوعي الامني . وقد اكدت الدراسات المختلفة ان الوعي الامني لا يمكن ان يخص في موقف او سلوك فردي ، بل هو سلوك جماعي يظهر مع بداية التخطيط والاعداد لبناء المدن والاحياء ، مع الاخذ باساليب الوقاية من الجريمة مثل مقاومة البطالة والعناية بالاسرة والوعي الدائم للشباب ضد مخاطر ما هو معروض عليهم من صور الانحراف والاعتناء بالتربية والتكوين الديني .
واذا ما نظرنا حولنا نجد ان البعض يرى ان التصدي للمجرمين ليس من مهامهم ، اللهم الا في حالات الدافع الشرعي ، والبعض الاخر يرى انه واجب لان عدم الابلاغ عن أي امر خارج على القانون يقلل من فرص القبض على المجرمين ، كما ان التستر على المجرم او ما يسمى قانونا بالمشاركة في ارتكاب الجريمة موجب للعقاب ، وعلاوة على هذا الجانب القانوني فانه توجد علاقة وطيدة بين تماسك المجتمع وقوة وحدته والتصدي للمجرمين ، وتغلغل القيم الفردية التي تساعد على القيام بهذا الدور الاجتماعي . المهم في هذه الفترة ان تزيد الجهات الامنية من جرعات الوعي الامني .. والتي تستطيع بها من مواجهة الجريمة ... نريد مجتمعنا ان يرفع شعار الوعي الامني ويطبقه عمليا لا بالكلام فقط ضمن التصريحات.. نريد ان نجد الوعي الامني مادة تدرس في مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا ولا نكتفي بامور مسطرة في بعض الكتب الرسمية هنا وهناك... او انها مواد تدرس فقط في الأكاديميات الأمنية !
ان الهدف من الوعي الامني هو ان تعمل على ان يخرج اصحاب الموقف الخطير ليصبحوا من جانب الموقف الخامل ، ذلك الامر الذي لا يتم الا بوعي امني يقدر اصحابه اهمية المطاردة والحراسة والتقصي والمتابعة .
أهمية الوعي الامني تبرز خلال القصور الواضح لدى ابناء المجتمع في بعض النواحي الامنية خاصة ان العراق بتركيبته السكانية يحتاج الى حملات اعلامية وبرامج متنوعة ومناسبة لجميع الاطياف والقوميات وبكل اللغات... تحتاج الى حملات تهدف الى نشر الوعي الامني بين الجميع من خلال توضيح اهمية المواطنين وقيمة التطوع لخدمة العمل الامني المشترك على اساس ضمان الحقوق والمصالح .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: صنع في العراق

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

 علي حسين عاش العلامة المرحوم محسن مهدي ينقب ويبحث في كتب التراث ويراجع النسخ المحفوظة في مكتبات العالم من حكايات ألف ليلة وليلة، ليقدم لنا نسخته المحققة من الليالي، يقول لنا فيها إنّ...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

التكامل الاقتصادي الإقليمي كبنية مستدامة للواردات غير النفطية

ثامر الهيمص المرض الهولندي تزامنت شدته علينا بالإضافة لاحادية اقتصاديا كدولة ريعية من خلال تصدير النفط الخام مع ملف المياه وعدم الاستقرار الإقليمي. حيث الاخير عامل حاسم في شل عملية الاستثمار إجمالا حتى الاستثمار...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram