عبد الزهرة المنشداوي تيسرت لي متابعة برنامج تلفزيوني بث من على احدى القنوات الفضائية المصرية ،يتعلق بقضايا الفساد الإداري، الذي يشكو منه المجتمع مثلما هو الحال عندنا، ولكن اخف وطأة من فساد عدد من المؤسسسات لدينا التي بلغت فيه شأوا بعيدا لم يبلغه الغير في المال العام وهدره.
المال العام يرصد من اجل تقديم خدمات وبناء مشاريع في الظاهر لكنه يتلاشى ما بين لجان مشتريات ومقاولين يختارهم المسؤول على اسس غير الاسس المتعارف عليها .وفي نهاية الامر يتم ذر الرماد في العيون وكم الافواه بالفائض من القسمة ما بين الاطراف ونصيب المواطن خراب على خراب والشواهد كثيرة. البرنامج الذي ذكرناه يستضيف الراشي والمرتشي مع شواهد الادانة الصريحة ويعرضها مباشرة من على التلفزيون.! باعتقادنا ان مثل هذا البرنامج سيكون له صدى لدى الجمهور وسيجعل من المفسد لايأمن كثيرا على نفسه ولايغلو في فساده مثلما هو حاصل عندنا الآن. حين قام مسؤولون في وزارات ودوائر مهمة بفتح ابواب الفساد على مصاريعها وذهبوا مذهبا بعيدا في مجال (بيع) الوظائف الشاغرة وبمبالغ كبيرة او حسب اهمية الوظيفة وجندوا لهذا النوع من الفساد جيشا من السماسرة وفي مناطق مختلفة لكي يبحثوا عن العاطلين عن العمل ممن لديهم امكانيات دفع الرشوة للحصول على الوظيفة، هذه التجارة المحرمة كثيرا ما اشتكى منها الفرد وكتبت عنها الصحف وابرزتها شاشات الفضائيات العراقية من خلال لقاءات جرت مع مواطنين اشاروا فيها الى مكامن هذا الفساد .لكن الامر عتم عليه ولا يزال نشاط بيع الوظائف يجد رواجا واستهلاكاً ويدر اموالا طائلة على فريق الوزارة او المؤسسة الذين عهد لهم بهذا التخصص. شكوى المواطن ومساهمة وسائل الاعلام في كشفه لم يستطيعا الحد منه او تقليصه في الأقل والسبب في ذلك يعود الى ان عملية الفساد تجري بعلم ومشاركة موظفين كبار وعلى أعلى المستويات. امنوا المساءلة من خلال تعهد الحزب او الكتلة للوقوف الى جانبهم بالضد من المواطن في حالة اتخاذ الاجراءات القانونية والدليل على ذلك ان حالة الفساد الشائعة في اغلب وزاراتنا لم يتم اتخاذ أي إجراء قانوني او محاسبة مسؤول يدير عدداً من الإفراد في وزارته لترويج(تجارة بيع الوظائف) الشاغرة والتي تجري على قدم وساق في وزارات بعينها. المواطن بات يخشى الشكوى للمسؤول في الوزارة اذ ان المعلومات التي يحصل عليها،كلها تفيد بأنه من المتورطين في هذا النوع من الفساد. لذلك يضطر الى ان يتقبل الامر الواقع ويصمت عسى ولعل ان تنتبه الأجهزة الرقابية وتفعّل القانون لمحاسبة هؤلاء الذين يشيعون الفوضى والفساد بغطاء الوطنية والحزبية وما الى ذلك. الآلية التي اعتمدتها الاجهزة المصرية التي نحن بصدد الحديث عنها تستقبل المشتكي في اجهزة الشرطة وتزوده بجهاز تسجيل وكاميرا للتصوير وتطلقه باتجاه المفسدين ليحصل على ادلة وافية شافية للادانة وعرض القضية برمتها على الجمهور من خلال الشاشة. لتكون رسالة تحذير شديدة لممارسي الفساد في دوائر الدولة، إضافة الى ان المواطن المساهم في الكشف يلقى الحماية الكاملة في حالة تعرضه لمضايقات من تتم ادانته .ولكن يبقى ان المهم في الامر هو الرسالة البليغة في التحذير ونعتقد بأنها ستكون فاعلة فيما تم استخدام هذه الالية لدينا ،اذ ان المفسد سيتورع ويراجع نفسه كثيرا في استخدام المنصب الوظيفي لدواع شخصية غير شرعية، وربما أغلقنا من خلالها بابا من ابواب الفساد الكثيرة المفتوحة على مصاريعها.
الكاميرا والتسجيل الصوتي والفساد
نشر في: 2 نوفمبر, 2009: 04:23 م