كاظم الجماسي أخذت تتعالى الأصوات التي تشكو مشكلة البطالة، حتى راح دويها يصم الأذان، فاعداد حملة الشهادات من الخريجين والخريجات ممن لم يحصلوا على فرصة عمل، مازالت في تزايد مستمر، هناك مئات الالوف بل عدة ملايين من العاطلين عن العمل(نسبة عدد العاطلين عن العمل حسب التقرير السنوي لوزارة التخطيط تبلغ18% من عدد سكان العراق)..
وهذه المشكلة الرئيسة من بين المشكلات التي لا يزال يقاسيها العراقيون، تنتج العديد من المشاكل الفرعية والتي تمس في الصميم مختلف نواحي معيشة المجتمع، فالبطالة وفقا لمختلف الدراسات الاجتماعية تشكل السبب الاساس في اتساع رقعة الجريمة، وانتشار حالات الطلاق، وتضخم مشكلة العنوسة، واستفحال مشكلة الأمية، وانتشار الامراض الناتجة عن سوء التغذية لدى الاطفال خصوصا، وكذلك تشكل البطالة السبب الأساس في شيوع الظواهر النفسية المرضية والسلوكيات الشاذة المتفشية في اوساط شريحة الشباب.. باختصار البطالة هي ام المشاكل معظمها.. يقول سلمان عباس الحلفي/ 45 سنة/ اب لسبعة اطفال/: لم يتغير شيء في معيشتي، كنت معوزا ايام(صدام حسين) واليوم اكثر عوزا، عندي ثلاثة شباب عاطلين عن العمل، وانا رابعهم، لا تتصور ان شغل(العمالة) شغل، يوم نطلع وعشرة قاعدين، اخلف الله على الحكومة تعطينا حصة تموينية، لابأس قليلة وغير منتظمة، لكنها تسد صفحة.. حاول ابنائي الانتساب الى الشرطة والجيش ولم يحالفهم الحظ، العملية صعبة فاعداد المتقدمين كثيرة، كما ليس بقدرتهم دفع( المعلوم) لقبول انتسابهم، حكي الحكومة كثير والفعل قليل، وليس قدامنا الا رحمة الله الواسعة. وانت تتجول في ممرات وفروع سوق شلال في منطقة الشعب في بغداد، تسرق نظرك الكثير من المشاهد لشباب في عمر الزهور، الذين اما يدورون راجلين لبيع اكياس النايلون او السكائر او البخور والعطور او يقتعدون الشارع امام بسطاتهم يبيعون مختلف البضائع المنزلية.. يقول صلاح هاشم علي/18 سنة/ بائع في بسطة(حاجة بربع): اعمل بأجرة(5000) دينار يوميا، منذ الساعة الثانية عشرة ظهرا حتى اقفال السوق في التاسعة او اكثر مساء، صاحب البسطة خالي عنده عائلة كبيرة وبنفس الوقت يساعدنا، لأن والدنا متوفٍ، ونحن خمسة أفراد، ثلاث بنات وانا ووالدتي، حاولت ان احصل على تعيين، راجعت عدة دوائر، لايوجد تعيين، وعندي اختي اكملت اعدادية تجارة وجالسة في البيت بعد ان يئست من الحصول على تعيين، اما الوالدة فتعمل (فراشة) في روضة اهلية للاطفال براتب 75 الف دينار في الشهر، ولانحصل على اية منحة او معونة من شبكة الحماية الاجتماعية او غيرها. وفي منعطف من منعطفات السوق يجلس الحاج نعمة جويعد الدراجي/77 سنة/امام بسطة صغيرة على الارض يفترش فوقها، عددا من المسبحات والخواتم الرجالية، اجاب عن سؤالنا عن الاحوال بالقول:(همه زينين).. ولدى استفسارنا عن من يقصد بكلمة هم، اجاب ساخرا: لاتغشم روحك عمي، قبل.. بزمن ذاك الخائس كانوا هم زينين واليوم ايضا هم زينين، اما نحن فأننا مانزال نأكل الوحل، لاعندي تقاعد ولااولاد يعينوني، عندي بنت واحدة وزوجة مقعدة، ونسكن غرفة واحدة سقفها من (الجينكو)، الله وكيلك اذا امطرت الدنيا تخر علينا مثل المزاريب. ولكن الله موجود.. العم نعمة يصنع المسبحات التي يبيعها بيده، اما الخواتم الرجالية فيشتريها من اسواق الجملة في الكاظمية. عند احد اركان السوق الداخلية كانت مقهى ابو كرار مكتظة بالرواد الذين يتوزعون مقاعدها وموائدها، يلعبون الدومينو او الطاولة ويدخنون النراجيل بشراهة واضحة، يقول عبد الحسين عبد علي/ 43 سنة/: أحوال العمل تعبانة جدا، انا (خلفة بناء) وهنا في هذه المقهى الكثير مثلي، ننتظر الفرج، عندما يأتي من يطلبنا للعمل من اصحاب الدور او المقاولين، ونادرا مايحدث هذا، نقضي اغلب اوقاتنا في هذه المقهى ونتفادى الجلوس في البيوت مع نسائنا، حياء و خوف ان يقال عنا(عطالة بطالة). ولابد ان اقول ان لدينا من ضمن الكثير من العمال، عمالا من خريجي الكليات والمعاهد، ومنهم أصحاب عوائل، وحالهم اسوء بكثير من أحوالنا.
تقرير: نسبتها بلغت 18 % من السكان .. الــبــطــالـــة أمّ الـمـشـاكــل فـي حـيـاة ال
نشر في: 2 نوفمبر, 2009: 04:26 م