على خلاف ما اعتقد البعض الكثير، ممّن أصابتهم اللوثة الطائفية التي انتشرت مثل النار في الهشيم، لا فرق بين الشرائح غير المسيّسة أو المثقفين، ظهرت بوادر الوعي الشعبي في القاعدة "الشيعية" في بغداد والفرات والجنوب، فاختارت أوساط كثيرة اتخاذ موقف سلبي بالاستنكاف عن المشاركة في الانتخابات، وتقدمت القوى الحيوية منها لوضع إرادتها في صناديق الاقتراع وحجب الثقة عن قوائم ومرشحي دولة القانون وحزب الدعوة، ومنحت ثقتها لمرشحي الأحرار والمواطن، والانحياز لمرشحين مدنيين "على قلتهم" ورموز أخرى، تجرب حظوظها معهم لعلها بذلك تخلق حالة جديدة في الحياة السياسية الموسومة بكل مسميات الفساد والتفسخ وانعدام الضوابط القيمية والأخلاقية. وقد أسفرت النتائج حتى الآن عن هزيمة "دولة المختار" وتشكيل حكومات بقيادة الائتلافات المواجهة للمالكي. ومن المؤكد أن ما أسفرت عنه انتخابات المحافظات، ما هو سوى محاولة للتوثق من مصداقية قوى التحالف الجديد من وضع العراق بعد عشر سنوات عجاف على طريق التحول الديمقراطي العابر للمحاصصة الطائفية "المذمومة منها" في وسائل الإعلام والدعاية الانتخابية ولقاءات الحوار غير المقررة، وإطلاق برامج وتوجهات تنطوي على مسعىً لإخراج المواطنين مما هم فيه من فاقة وانعدام امن وخدمات، وتضييق على الحريات تحت مختلف الشعارات المنافية للدستور وحقوق الإنسان وسلطة القانون. وسيراقب المواطنون، الذين حجبوا الثقة عن الفاسدين، سلوك الحكومات الجديدة ومدى التزامهم ببرامجهم الانتخابية وأمانتهم وحرصهم على حفظ المال العام من دورة نهب جديدة، وإعادة تسويق المسوغات السابقة في الاعتداء على الحريات، بما في ذلك استخدام الشعارات الدينية في التضييق على المواطنين وامتهان كراماتهم وحرماتهم. أن أحداً لا يجهل أن تعطيل الدستور وإعاقة فضح الفاسدين وإعادة بناء مؤسسات الدولة وأجهزتها، واستمرار الانتهاكات وتوسع مختلف الظواهر السلبية في الدولة والمجتمع، والعجز عن إمرار القوانين والتشريعات الديمقراطية في البرلمان، ليست كلها رهناً بإرادة المالكي وائتلافه، بل إنها مظهر للتواطؤ بين "الشركاء"! وليس بعيداً عن ذلك القوى الفائزة في الانتخابات المحلية. فدعنا نتأمل خيراً، ولنتوسل بالأمل في أن تنجح تجربة القوى الجديدة التي منحها الناخب الثقة، توطئة لجولة الانتخابات التشريعية التي يفصلنا عنها اقل من عام واحد، لا غير.
لنتأمل خيراً من حكامنا الجدد في بغداد والمحافظات
[post-views]
نشر في: 17 يونيو, 2013: 10:01 م