السياسيون الأجانب الذين شاركوا في احدى مؤتمرات القمة في لندن عام 2009، تعرضت أجهزة (الكومبيوتر) الخاصة بهم الى المراقبة وكذلك مكالماتهم الهاتفية بناءً على طلب من الحكومة البريطانية، كما خدع بعض الوفود لاستخدام (الانترنت) في مقاهٍ قريبة أقيمت من قبل الاستخبارات البريطانية طوال المؤتمر.

هذا الكشف حدث أخيراً وبريطانيا تهيئ لعقد قمة ثانية للدول الثمانية، التي حضرت القمة الأولى وتعرضت للتجسس عليهم، مما سيخلق بعض التوتر بين أعضاء الوفود التي ستطالب رئيس الوزراء بشرح وتفسير للتجسس عليهم عام 2009، وهل ان الأمر سيتكرر!

وهذا الكشف يثير أسئلة جديدة حول دور الاستخبارات البريطانية (G26) وشقيقتها الامريكية، وكالة الاستخبارات الوطنية، والتي يعتبر قيامها بالتجسس على الهواتف وتسجيل المكالمات الى التجسس على شبكات الانترنت، أمراً مهما في الحرب على الإرهاب والجرائم الكبيرة.

لقد كانت الإشاعات كثيرة حول هذا النوع من التجسس في المؤتمرات الدولية، ومع ذلك لم يكن هناك دليل دامغ يؤكده، وقد تم الحصول على الأدلة وهي مجموعة من الوثائق المصنفة بكونها (سري للغاية) والتي كشف عنها إدوارد سنودن، واطلعت عليها صحيفة (الغارديان) ومنها المكالمات الهاتفية التي أجراها (ديمتري ميد فيديف) عبر الأقمار الصناعية، مع روسيا.

وتضمنت الوثائق التي تم الكشف عنها، كافة ما يتعلق بأزمة البنوك عام 2008، والدور الذي لعبه الـ G26 في ذلك، في الهجوم على أجهزة الكومبيوتر والهواتف الخاصة لأعضاء الوفود.

وكان ذلك الهجوم يعتمد على طريقة خاصة في الوصول الى رسائلهم عبر الانترنت، ونقلها قبل ان تذهب الى المرسل اليهم، أي انها كانت تقرأ من قبل الاستخبارات البريطانية قبل الأشخاص التي ترسل اليهم.

ونفس هذه الوثيقة تشير الى مقر قيادة الاستخبارات، ومقاهي الانترنت العائدة اليهم: (انها كانت قادرة على كشف مفتاح الدخول الى الكومبيوتر منذ اللحظة الأولى، وهي بذلك تتمكن من مراقبة أجهزتهم حتى بعد انتهاء المؤتمر).

وتختصر وثيقة أخرى حملة متواصلة للتسلل الى أجهزة الكومبيوتر في جنوب أفريقيا، قبل الوصول الى الشبكة الخاصة بوزير الخارجية وبالتالي الى خططها في اجتماعات المجموعة G20 وG8.

وهناك أيضاً وثيقة أخرى تتناول بالتفصيل جهود (ناسا) للتنصت على المكالمات الهاتفية ما بين لندن وموسكو: بين الرئيس ديمتري ميدفيديف والوفود الروسية في الخارج.

وهناك وثائق أخرى تسجل المحاولات الناجحة للتسلل الى أجهزة الهاتف الذكية-بلاك بيري، ليصبح الدبلوماسيون والوزراء هدفاً.

وقد استمرت تلك العملية ستة اشهر في الأقل، وتشير احدى الوثائق ان مركز قيادة الاستخبارات البريطانية، كانت مستعدة قبل مؤتمر عام 2009 على رسم مخطط بياني للمكالمات الهاتفية القادمة وتسجيلها.

وهناك وثائق أخرى عن العديد من الوزراء والدبلوماسيين الأجانب وأحاديثهم وهم يناقشون قضايا سياسية تخص بلدانهم.

وفي اجتماع وزراء المالية، في شهر أيلول-لندن، كان قد تم التوصل الى إمكانية نقل تقرير حي عن أي جهاز هاتف وأية مكالمة تجرى من قبل الوفود، ونقل كافة المعلومات عبر مخطط بياني مباشر الى شاشة فيديو (15 مترا مربعا) في مركز عمليات قيادة الاستخبارات البريطانية، الى جانب عرضها شاشات لـ45 من الخبراء والمحللين السياسيين، كانوا يراقبون الوفود.

وهكذا حصل المحللون على صورة حيّة ومباشرة عن اللقاءات الجانبية بين الوفود.

وهناك ايضاً جانب آخر للأمر، إذ ان ما يتوصل اليه أولئك الخبراء، كان ينقل فوراً الى الدبلوماسيين الانكليز وهم في الاجتماعات السياسية، دون ان يحس بذلك أعضاء الوفود الأخرى، الصديقة او غير الحليفة، وهكذا يتم الاستفادة من تلك المعلومات في الحال ودون أي تأخير او انتظار للأحداث القادمة.

وفي الاسبوع التالي لاجتماع أيلول، أرسلت مجموعة من المحللين السياسيين، رسالة شكر الى مركز قيادة الاستخبارات البريطانية، عن ذلك البث المباشر، (إن التسلل الى الهواتف كان أمراً ناجحاً وحيوياً بالنسبة الينا). وقد برهن ذلك لملاحظة نشاط الوفود في خلال المؤتمر وما بعده.

وباختصار كانت مسألة التنصت على الهواتف أمراً ناجحاً.

 عن: الغارديان