TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المستقبل في نينوى والأنبار

المستقبل في نينوى والأنبار

نشر في: 18 يونيو, 2013: 10:01 م

دخول قائمة متحدون في شراكة مهمة مع الصدر والحكيم ضمن الحكومة المحلية لبغداد، ونتائج الانتخابات الوشيكة في نينوى والانبار، من شأنها ان تقدم لكل المفاوضين قضايا اوضح على طاولة العام المقبل المليئة بالاثارة.
وخلال الشهور الستة الماضية صارت مظاهرات المحافظات الشمالية الغربية، بمثابة مسرح قدمت الاطراف السياسية فيه مقولاتها عن مستقبل السياسة. الرؤى هذه لم تكن تحظى بالدرجة الكافية من النضج والوضوح النهائي وهذا ليس انتقادا لها، لان الامور المعقدة تطرح للوهلة الاولى وسط مناخ محاط بألف سؤال واعتراض، ولا يبلورها سوى استمرار الجدل.
ولعل ابرز دور للمظاهرات وما اكتنفها من حوادث مؤلمة دون شك، هو انها عرضت السجال العلني الاول بهذا المستوى في المحافظات الشمالية الغربية، حول مستقبل السياسة. فقائمة المطالب الطويلة وظهور فكرة الاقليم التي انقسم بسببها المتظاهرون احيانا، ستختصر ببضع نقاط كبرى تؤثر بشكل او بآخر على اتجاهات الناخبين وميولهم، وهو ما شهدنا بوادره الاولى في انتخابات صلاح الدين وبغداد، وسنشهد بعد بضعة ايام في نتائج اقتراع نينوى والانبار، اثرا اكثر تحديدا له.
المطالب التي طرحها المتظاهرون ستتعرض الى عملية تقييم من الجمهور رغم كل الاعتبارات القبيلة والمناطقية الاخرى، والاهم من ذلك ان هذه المطالب ستتعرض الى المزيد من السجال يمكنه ان يتحول الى نقاط جديدة في "ملحق تفاوض" يوازي اتفاقية اربيل المهمة التي تشكلت في ضوئها الحكومة عام ٢٠١٠.
كل الاطراف العراقية المطالبة باصلاح بنية مؤسسات الدولة، ستعيد الاعتبار عام ٢٠١٤ لخطة المراجعة التي وضعتها اتفاقية اربيل. وسيكون على رئيس الوزراء المقبل ان يوافق على جوهرها، لكن تقدم القوى المؤيدة لمطالب المتظاهرين في اقتراع نينوى والانبار في مواجهة اطراف رضيت بأن تظل قريبة على خيارات المالكي، سيجعل الاطراف العراقية امام "ملحق تفاوضي جديد" يتعامل بشكل اكثر عمقا وخطورة مع قضيتين اساسيتين: مستقبل اجتثاث البعث كأزمة اجتماعية قبل ان تكون سياسية في المحافظات المتظاهرة، ومطلب الاقليم او اللامركزية الادارية بعد فشل ادارة بغداد للملف الامني والحقوقي في تلك المناطق وما جره من ويلات تفتح باب عنف اسود.
نتائج انتخابات نينوى والانبار ستثري جدلها حول مستقبل السياسة. وأي وضوح في القضايا الاساسية لهذه المحافظات المهمة سيقدم خدمة للجميع، وسيسهل على التحالف الكردستاني والقوى الشيعية والتيارات المدنية، ان تدير تفاهمات وتسويات كبيرة لسماع صوت طرف عراقي منهك بسلسلة اجراءات أمنية لا تنتهي وملف حقوقي رهيب يتعلق بالمعتقلين، وطريقة التعامل مع مخرجات المساءلة والعدالة.
واذا سارت التفاهمات الداخلية لمجالس المحافظات الجديدة في الشمال الغربي، بشكل جيد، فيمكن ان تكون امام مفاوضات ٢٠١٤ محاور لم تحظ سابقا بهذا القدر من التبلور، حول ادارة الملف الامني داخل المدن، وهو مثار شكوى اساسية للاهالي، وهناك مطالب بأن تمنح مسؤوليته للشرطة المرتبطة بالمجالس المنتخبة. وأيضا فيما يتعلق بسياسات المساءلة والعدالة وقضايا اخرى، اذ يمكن ان يعترف الجميع في اطارها بخصوصية المجتمعات المحلية وايكال مسؤولية علاج مشكلاتها للبرلمانات المصغرة التي ستنتخب خلال الساعات المقبلة.
مسار تشكيل الحكومة المحلية في بغداد افرز متغيرا شيعيا مهما يوازن سياسة المالكي. زعيم ائتلاف دولة القانون اختار بمنطق تحريك الجيوش، "فرض الامر الواقع" والتحالف مع "الطرف السُنّي الاضعف". اما تحالف الصدر والحكيم ومعه طيف مدني مؤثر، فاختار التعامل مع كتلة "متحدون" ومنحها رئاسة مجلس بغداد، وهو امر ترك اثرا طيبا على المستوى الداخلي والاقليمي، لكنه غامر باثارة سخط المالكي، بل اكثر، اذ راح انصار دولة القانون يتهمون التحالف الذي اطلق عليه تسمية "شيعة ضد الحرب"، بأنه "سلم مفاتيح بغداد الى السنة او الارهابيين". لكن هذا لم يمنع اتجاها شيعيا متعقلا من عرض تصوره حول السلم الاهلي ومستقبل العراق، والقيام باعتماد جريء لفكرة محور اربيل النجف حول الشراكة المسؤولة والشجاعة التي تجعل الجميع امام مسؤولياتهم وتحولهم الى جزء من نظام ينبغي لجميع العراقيين الدفاع عنه، بدل التعامل معهم كطرف متهم بالارهاب ويجري اجباره على احترام نظام لا يمنحه سوى شراكة شكلية ويرفض الحوار معه.
ان اية ضمانات طيبة تمنح للموصل والرمادي، ستعني صناعة تماسك داخلي بوجه حفلة الموت الاقليمية. وبخلافها فان الحدود مرشحة لأن تختفي بين دمشق وبغداد، كما اختفت تقريبا بين لبنان والشام. والايام المقبلة ستسهل علينا رؤية اكثر جلاء، للبنود التي ستوضع على طاولة ٢٠١٤، وستحدد "النظرية الفائزة" بشأن مستقبل السياسة في العراق، وتشجع كل القرارات الشجاعة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram