اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أكثر من شبيبي وأبعد من لندن

أكثر من شبيبي وأبعد من لندن

نشر في: 17 أكتوبر, 2012: 05:47 م

زف عدد من رجال الاعمال البريطانيين مؤخرا "بشرى سارة" لشعبنا العراقي الابي، قائلين ان مشاريع شركاتهم ستنحسر في جنوب البلاد بينما سيكبر النفوذ الصيني ويتسع في المستقبل، لان القنصلية البريطانية أغلقت وجرى تحويلها الى مجرد مكتب في البصرة بعد ان فتحت موسكو قنصلية مهمة هناك.

ان الخرائط تدوخني هذه الايام، وحين امر عليها ترتسم امام ناظري خطوط متقاطعة تحتاج الى تفسير. ماذا يعني اننا صرنا اقرب الى الصين البعيدة وأبعد عن أنقرة القريبة؟ كيف للعولمة الغربية التي خلصتنا من صدام ان تقوم بوضعنا على بوابات الكرملين؟

لا اريد تكرار اشياء قلناها خلال الايام الماضية بشأن صفقات التسلح، لكن الامور تتسارع وتجعلنا نمر باستغراب لا نهاية له. نشتري اسلحة من حليف ايران، ونقوم بتوجيه شتائم لتركيا جارنا الوحيد العضو في الناتو، ونوجه اتهامات "مروق" وتحذيرات لجهة اقليم كردستان الشريك القديم، ثم نطرد سنان الشبيبي الذي امتدحه الشرق والغرب خلال رحلة الدينار من الحضيض الى الاستقرار، بطريقة مفاجئة، وبعد اسابيع من طردنا بطريقة مشابهة لوزير الاتصالات محمد علاوي وهو خبير تعرفه اوساط الاعمال، والحكومة يتناقص عدد خبرائها وتكنوقراطها بعد كل دورة انتخابية.

وفي المدة غير الطويلة التي سبقت هذه القرارات، كانت هناك تصفية حساب لكل رئيس هيئة مستقلة عارض "فتوى" إلحاق الهيئات بمكتب رئيس الحكومة. فقبل ان "يطير" سنان الشبيبي محافظ البنك المركزي، "طار" القاضي رحيم العكيلي الذي قام بتنشيط هيئة النزاهة في ظروف مستحيلة، ويشهد له بالكفاءة النادرة رئيس مجلس القضاء الاعلى السيد مدحت المحمود نفسه.

جرى ايضا اعتقال فرج الحيدري الرئيس السابق لمفوضية الانتخابات بسبب مكافأة قدرها 300 دولار، وقبله اختفى برهان الشاوي داخل لجنة تحقيق اوشكت على ايقاف شركات الهاتف النقال عن العمل وطردها من البلاد شر طردة، ضمن ظروف صعبة تحيط بكل الاقتصاد العالمي! بينما لم يحقق احد في "القنبلة" التي فجرها احمد الجلبي مرات ومرات بشأن نحو 40 مليار دولار انفقها السيد رئيس الحكومة خارج قانون الموازنة، اي بشكل غير قانوني، منها فقط 7 مليار دولار للعام 2011!

وعلينا هنا ان نتذكر هنا غياب ضباط لعبوا دورا حاسما في عمليات البصرة وبغداد مثل عبد الكريم خلف الذي احيل على التقاعد بطريقة غير لائقة ابدا تتنكر لتضحياته العائلية ولا تتفهم وضعه الامني الحساس. وكذلك حكاية السيد الازري المدير السابق للمصرف التجاري العراقي والمقرب على احمد الجلبي والذي كان المصرف الوحيد المعتمد للمعايير الحديثة في العراق.

وفي كل هذه الاحداث ظل كل شيء غامضا ولم يعلم الرأي العام شيئا عن اسباب هذه الملفات الجسيمة. واذا كنا نعلم بمصير هؤلاء وبعض الملابسات الرئيسة التي احاطت عملية التخلص منهم، فإننا لا نعلم بتفاصيل مشابهة يذهب ضحيتها الكوادر الوسطية لكل المؤسسات، حيث تنحسر مساحة الخبراء ويجري استبدالهم بموالين لآلهة المنطقة الخضراء. انه حديث نسمعه كل يوم عن مديرية التربية تلك ومديرية الصحة هذه وقطاع التخطيط ذاك وهلم جرا.

كل طريقة مفاجئة ومرتجلة وغامضة للتعامل مع الخبراء القائمين على ادارة اماكن حساسة، تثير قلق الجهات الدولية التي تبحث عن معايير حديثة داخل عراق جعله انصاف المتعلمين، بلا اي معايير من زمن القائد الاوحد صدام حسين الى عهد آلهة المنطقة الخضراء.

وحين هاجمت همرات الحكومة مقر عمل الازري الذي كان مثل الشبيبي في رحلة عمل الى لبنان، كان كل الاجانب المهتمين بقطاع المال العراقي واصحاب الشركات الكبيرة الذين يمررون تحويلاتهم المصرفية عبر مصرف التجارة، يتناقلون بقلق شديد هذا الخبر على تويتر وفيسبوك.

آخر ما علق في ذهني من كلام سنان الشبيبي، تلك الجلسة البرلمانية التي جرى خلالها استضافته مع القاضي رحيم وفرج الحيدري حين تحدثوا عن معنى ارتباطهم بمكتب رئيس الوزراء بدل البرلمان وآثار فقدانهم الاستقلالية المتعارفة في الدول المتقدمة. سنان قال ما معناه ان الدستور اكد استقلال السلطة النقدية، وسيثير ربطها برئيس الحكومة قلقا دوليا على حركة المال في العراق.

يوم الثلاثاء سألت خبيرا قريبا على "الآلهة" عن معنى كلمة الشبيبي تلك، في هذه اللحظة. اختصر الامر قائلا: آخر تحذير ارسله الشبيبي الى الجميع هو اننا حين نواصل تقديم التسهيلات للبنوك المغضوب عليها في مجلس الامن، فسنجد انفسنا نتعرض الى عقوبات دولية مثل ايران وسوريا بالضبط!

اما رجال اعمال انكلترا وفي الاجواء نفسها، فإنهم يبشروننا عبر تقرير لوكالة اصوات العراق، بأن سوق الاعمال والانشاءات العراقي سيصبح صينيا اكثر، بانسحاب قنصلية بريطانيا من البصرة. الدكتاتور لن يظهر بسرعة ولكن الى اين تسير الامور حقا، و"من هو التالي"؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. التيار اليساري الوطني العراقي

    الأن وليس غداً الشعب العراقي يريد كشف حساب : ب 600مليار دولارمنهوبة على يد حيتان الفساد..فقد حان يوم الحساب سئم الشعب العراقي الوجوه المقنعّة بالوطنية المزيفة وتصريحات حيتان الفساد وأزلامهم وفضائياتهم الصفراء, فالمتاجرة بالمظلوميات والعنصريات باتت بضاعة ف

  2. قاسم عبد الله

    استاذ سرمد حضرتك عراقي اصيل...بارك الله فيك ... الاربع الاسطرالخيرهمن المقال هي بيت القصيد.....حماكم الله ورعاكم

  3. ميثاق

    تحيه طيبة اخي سرمد الطائي انا من اشد المعجبين بافكارك وارائك القيمه ومن متابعين اخبارك ومقابلاتك في كافة النوافذ الاعلامية , اضف الى ماتفضلت بة واتسائل عن الاتي 1 - مهلة المئة يوم 2- تمديد المهلة الى مئتي يوم 3- مهلة مقتدى للحكومه ستة اشهرر لتحسين الخدمات

  4. صبار عاصي

    لسبب ما لم يذكر السيد سرمد الطائي السيد الطائي أن المالكي تمسك بالمفتش العام لوزارة الصحة، عادل محسن، رغم أن البرلمان صوت باكثرية كبيرة على إقالته، فهل هناك تجاوز أكثر من هذا على القانون ومشرِّعيه؟ولم يذكر إقالة السيد أحمد البراك من هيئة دعاوى الملكية لأن

يحدث الآن

اليوم ..خمس مباريات في انطلاق الجولة الـ 36 لدوري نجوم العراق

بدء التصويت في انتخابات فرنسا التشريعية

"واتساب" يختبر ميزة جديدة عند الفشل بارسال الصور والفيديوهات

تطوير لقاحات جديدة للقضاء على الحصبة نهائياً

الأونروا: سكان غزة فقدوا كل مقومات الحياة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

العمودالثامن: جمهورية بالاسم فقط

 علي حسين ماذا سيقول نوابنا وذكرى قيام الجمهورية العراقية ستصادف بعد أيام؟.. هل سيقولون للناس إننا بصدد مغادرة عصر الجمهوريات وإقامة الكانتونات الطائفية؟ ، بالتأكيد سيخرج خطباء السياسة ليقولوا للناس إنهم متأثرون لما...
علي حسين

قناديل: لعبةُ ميكانو أم توصيف قومي؟

 لطفية الدليمي أحياناً كثيرة يفكّرُ المرء في مغادرة عوالم التواصل الاجتماعي، أو في الاقل تحجيم زيارته لها وجعلها تقتصر على أيام معدودات في الشهر؛ لكنّ إغراءً بوجود منشورات ثرية يدفعه لتأجيل مغادرته. لديّ...
لطفية الدليمي

قناطر: بين خطابين قاتلين

طالب عبد العزيز سيكون العربُ متقدمين على كثير من شعوب الأرض بمعرفتهم، وإحاطتهم بما هم عليه، وما سيكونوا فيه في خطبة حكيمهم وخطيبهم الأكبر قس بن ساعدة الإيادي(حوالي 600 ميلادية، 23 سنة قبل الهجرة)...
طالب عبد العزيز

كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته البيئية-المناخية الخانقة؟

خالد سليمان نحن لا زلنا في بداية فصل الصيف، انما "قهر الشمس الهابط"* يجبر السكان في الكثير من البلدان العربية، العراق ودول الخليج تحديداً، على البقاء بين جدران بيوتهم طوال النهار. في مدن مثل...
خالد سليمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram