المدى الاقتصادي شارع النهر معلم تجاري من معالم بغداد يقع على جانب الرصافة ومدخله الرئيس يبدأ من حافظ القاضي الذي تقع ساحته في منتصف شارع الرشيد مقابل جسر الأحرار ويمتد في قلب بغداد وبمحاذاته تقع مصارف مهمة كالبنك المركزي الواقع في شارع الرشيد ومصرفي الرافدين والرشيد ويلتقي معه سوق الصفا فير .
يبدأ بجسر الأحرار وينتهي بجسر الشهداء.. فهو من الأماكن الأثيرة الى قلوب البغداديين حيث يضفي على العاصمة نشاطا تجاريا ملحوظا. (المدى الاقتصادي) تجولت في شارع النهر وتحدثت مع عدد من العاملين فيه. تعددت الأسماء والشارع واحد أسماء متعددة لشارع واحد فسمي بالنهر لقربه من نهر دجلة ولأنه يمتد بمحاذاته، أو شارع البنات لان اغب مرتاديه من النساء، فهو اكبر سوق في العراق للملابس والإكسسوارات والحلي والمصوغات، والأقمشة والمكياج والعطور . ونظرا لضيق هذا الشارع لا تسير فيه المركبات وهو لا يبعد عن نهر دجلة سوى أمتار قليلة حيث تمتد على جوانبه البنايات القديمة التي لا تزال شاخصة في المكان نفسه منذ زمن ليس بالقصير. في جنوب هذا الشارع من جهة جسر الأحرار لا تزال محال صاغة المجوهرات والحلي الذهبية والفضية، وهي في طريقها الى الانحسار التام، وهناك بعض محال الأنتيكات المجاورة لبناية غرفة تجارة بغداد التي تأسست عام 1926، وهي البناية القاسم المشترك بين الشارع ونهر دجلة حيث تطل واجهتها على الشارع وخلفيتها على النهر. ويقول هلال زاهي صاحب محل في الشارع نفسه: "تغير حال السوق عما كان في السابق لأسباب عدة الأوضاع الأمنية وما سبقها من حروب متتالية والإهمال الذي عاناه منذ التسعينيات". ويتابع زاهي: الشارع كان سوقا مزدهرا مشرقا خلال سبعينيات القرن الماضي، حتى خلال الثمانينيات كان أفضلاً ومعروفاً ان شارع النهر من الشوارع التي ترتادها النساء اكثر من الرجال. أما علي جاسم صاحب محل لبيع الحقائب الجلدية يقول: "نبيع من الحقائب والجلود للمحافظات الجنوبية ومحافظات الوسط بالجملة لان في تلك المحافظات طلب اكثر من المستورد. ويوضح محمد حسن صاحب محل بيع ملابس: "حمل هذا الشارع الكثير من الأسماء منها شارع العرائس أيضا لان العروس تجهز من هنا كاملة؛ ملابس ومجوهرات ومستلزمات العرس". يقول محمد موسى صاحب محل في هذا الشارع: ان حركة التسوق تزداد مع بداية كل موسم وكذلك بعد نهاية كل شهر لان اغلب مرتادات السوق من الموظفات فوجود الدوائر الحكومية ساعد على إنعاش حركة التسوق. اما جبار كامل صاحب محل صياغة فيقول: لم يعد الحال في هذا الشارع كما كان في السابق فقد كان سوقا مزدهرا مشرقا خلال السبعينيات من القرن الماضي حتى خلال الثمانينات كان أفضلاً، حيث كانت النساء يكثرن من الشراء للذهب والمجوهرات لان دخل الفرد كان جيدا أما ألان فأن الإقبال على شراء الذهب قليل جدا حتى ان نوع الذهب تغير بعد دخول الإماراتي والسعودي والأوروبي و أصبح الإقبال على المصنّع محليا قليلاً جداً. وفي تقاطع شارع النهر مع شارع السموأل تبهرك محال الفساتين التي تحيط بك ليأتي بعد ذلك سوق دانيال الذي سمي بهذا الاسم نسبة الى أول من باع به وهو يهودي يدعى دانيال، وهذا السوق متخصص ببيع لوازم الخياطة كافة والى جانبه سوق لبيع الأقمشة النسائية والرجالية. شارع النهر من أشهر شوارع بغداد حيث يعود تاريخ إنشائه الى أكثر من مئة عام وهو اليوم يستعيد عافيته نسبيا بعد سنوات من الركود والكساد. ويقول هاشم عطية أبو حيدر: من المؤسف ان يفقد الشارع ملامحه التاريخية وحيويته التي عرف بها منذ عشرات السنين، خلال الفترة الماضية بعدما تراجعت أنشطته ولم يتبق منه سوى ذكريات ماضيه الجميلة. ويتابع أبو حيدر: عانى شارع النهر من التراجع الاقتصادي منذ تسعينيات القرن الماضي عندما بدأت البلاد تواجه العقوبات الاقتصادية لتتحول محاله الى مخازن للمواد والسلع المختلفة ويفقد وظيفته تحت قسوة الحياة الاقتصادية. فقد دفعت تلك الموجة الحادة من الكساد والركود أصحاب المحال التجارية التي تشتهر بتسويق وبيع الملابس النسائية الى تغيير حرفهم والتحول الى حرف أخرى لا تدخل في اهتمام المرأة العراقية حتى هجرته تماماً. وتقول سمر محمود الموظفة في دائرة قريبة من شارع النهر: تعودت ان اشتري احتياجاتي وخاصة بعد استلام الراتب أنني أجد في هذه السوق كل ما أحتاجه. ويؤكد محمد فيا ض صاحب محال لبيع الملابس النسائية "حركة البيع جيدة والعائلات بدأت تزور الشارع وتتجول في أسواقه ومحاله بعدما هجرته خلال السنوات الماضية بسبب الوضع الأمني". شارع النهر لا يعرف الشيخوخة لم تصبه عدوى الخمول التي عرفها الكثير من الأسواق، فبرغم ان الأماكن تشيخ أيضا الا شارع النهر يظل قلبه نابضاً بالحب فهو مترع بالحركة والمرتادين.
شــــارع الـنـهــــر .. لم يعد كما كان سوقاً يعجّ بالنشاط التجاري
نشر في: 2 نوفمبر, 2009: 05:04 م