TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > براءة واوي

براءة واوي

نشر في: 21 يونيو, 2013: 10:01 م

الشرطي "واوي خنجر وداي " كان يعمل في لواء الناصرية قبل أن يتحول اسمها رسميا إلى محافظة ذي قار ، اضطر إلى تغيير اسمه بعد حصوله على أول خيط في الخدمة ، فراجع "دائرة النفوس "الأحوال المدنية مستغلا نفوذه الرسمي ، وخلال دقائق خرج حاملا الاسم الجديد داود بدلا من واوي محتفظا باسم أبيه وجده ، تعبيرا عن تقديره واعتزازه واحترامه لمشاركتهما في ثورة العشرين ومقاومة الاحتلال البريطاني .
واجه داود صعوبة في التخلص من لعنة "واوي" حتى بعد حصوله على "الخيط الثاني" واصبح نائب عريف ، وفشل في إقناع الأهل والمعارف وحتى الزملاء باستخدام اسمه الجديد ، ولكنه كان يشعر بسعادة غامرة عندما يجد اسمه الكامل " داود خنجر وداي" في الكتب والمخاطبات الرسمية المعتمدة من قبل شرطة لواء الناصرية.
العقبة الكبيرة في إمكانية تجاوز لعنة الاسم القديم التي واجهها داود، تمثلت باستخدام الآباء أسلوب تخويف الأبناء وتهديدهم بالقول " إجاك الواوي " والتلويح بهذا النوع من التهديد كان سائدا ومتداولا ، على الرغم من مطالبة التربويين في ذلك الوقت بالتخلي عن هذا النوع من التهديد لانعكاساته السلبية على تربية النشء الجديد ، بزرع الخوف والرعب في قلوبهم ، وبدوره حشد داود كل جهوده ونفوذه الرسمي في دعم أراء رجال التربية دفاعا عن براءة الواوي ، وهو وان ادعى الحرص على تبنيه هذا التوجه التربوي ، كانت له فيه مأرب أخرى في مقدمتها التخلص من لعنة واوي ، وإلغائها إلى الأبد من ذاكرة معارفه .
داود فارق الحياة مطلع عقد الثمانينات ، وبعد رحيله شهدت البلاد لعنات كثيرة ، فبعد ان تخلى الآباء عن تخويف الأبناء بالواوي والطنطل والسعلوة وأخواتها انشغل الجميع بهموم أخرى ومشاكل كبيرة تجسدت باستمرار الحرب مع ايران لثماني سنوات ، وأعقبتها أخرى بعد غزو الكويت ثم خضوع العراق لعقوبات اقتصادية ، فرضتها منظمة الأمم المتحدة بموجب الفصل السابع ، وبمرور الزمن والدخول في مرحلة تعرف باسم "العراق الجديد" من ابرز مظاهرها العمل على توطيد حقوق الإنسان ، وتأسيس منظمات مدنية تعنى بهذا الشأن ، تبنى دور "الواوي" بوصفه أسلوب تخويف ، إرهابي لادين له ، كما يقال ، يهدد الصغار والكبار على حد سواء ، وهذا الواقع المرير لم يشهده العريف داود خنجر وداي ، وربما استرجع أحفاده سنوات" واوي " لانها كانت تشهد الاستقرار الأمني قبل إعلان الحرب للدفاع عن البوابة الشرقية.
لعنة واوي هذه الأيام عادت إلى الواجهة فاستخدمتها اطراف مشاركة في الحكومة في تبادل الاتهامات ، على الرغم مما يشاع عن حصول ربيع سياسي قد يمهد لحسم الملفات العالقة وتسوية الخلافات القائمة في المشهد العراقي ، وإمكانية تحقيق هذه "المعجزة" تواجهها عقبات نظرا لتهديد الشركاء بالقول " إجاك الواوي" برفض تمرير تشريعات وتعديل قوانين تم الاتفاق عليها سابقا ، وربما ترحل إلى الدورة التشريعية المقبلة لإصرار الكثيرين على استخدام لعنة واوي في التخويف والترهيب .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram