هل حدث وان اكتشفتَ، وبسبب حادث ما، بأنك لم تكن تعرف الكثير عن موضوع لطالما اعتقدت بأنك تعرفه جيداً؟ هذا ما حصل معي يوم حدثني احد الزملاء عن تفاصيل التفجير الانتحاري الأخير في حي القاهرة، وهي تفاصيل لا اعرف لماذا أرعبتني مع أنني أعيشها يومياً؟!
قال، نقلاً عن ناجٍ كان يسير خلف الانتحاري بخطوات: بأن هذا الأخير تقدم من الحرس وقتله بمسدسه، ثم القى على جموع الطلبة الجامعيين "المُصَليّن" قنابل يدوية كان يحملها، ثم توسطهم بعد ذلك وصرخ (الله أكبر) وفجر نفسه.
تتابع الأحداث بهذا الشكل جعلني اندهش إلى درجة كبيرة؛ فأنْ تسمع بأن انتحارياً فجر نفسه بين الناس، دون أن تعرف التفاصيل، غير أن ينقل لك ناج من تلك "المقبرة" خطوات انتحاره. وهي خطوات تكشف الكثير من المعلومات الثمينة لمن يريد أن يدرس هذا الفعل الوحشي. خاصَّة من قبل المؤسسات الأمنية. وهي مؤسسات عاطلة مع الأسف.
إلقاء القنابل اليدوية بين الطلبة قبل تفجيرهم، فعل يحمل دلالات كثيرة، أقلها حجم الكره الذي يحمله هذا المنتحر للطائفة التي يدين بها هؤلاء!! فهو لا يريد أن يقتلهم ليوصل إلى طائفتهم رسالة ذات غايات سياسية، بل يريد أن يبيدهم عن آخرهم، وكل ما يمنعه [SD1] هو عدم قدرته على حمل المزيد من الأسلحة! القتل لأجل القتل فعل صادم، ويجب أن نتوقف عنده طويلاً، ونستخدمه لقراءة نوايا القاتل ومستقبلنا مع هذه النوايا.
شخصياً أصبحت أكثر يقيناً، بأننا أمام أبواب حرب إقليمية طائفية، وبأن هذه الحرب ستكون على شاكلة الحربين العالميتين، في الغايات والأهداف وتشكيلة المتحاربين، ومن ثم في النهاية المأساوية. وأصبحت أكثر يقيناً أيضاً، بأن مؤسساتنا الأمنية ليست أكثر من فزّاعة مهلهلة لا تكاد تخيف اضعف الإرهابيين، والمشكلة أن فزاعتنا يا أصدقائي غاية بعدم الشعور بالمسؤولية، أقصد أن الماسك بزمامها لم يشعر بالخجل إلى هذه اللحظة، ويقرر أن يفعل شيئاً، أبعد من استثمار دماء الضحايا في الحصول على مزيد من دعم طائفته، وهذا فعل يشعرني شخصيّاً بالخجل.
جيش من قبيل هذا الانتحاري لا يواجه بتكثيف السيطرات، ولا بأجهزة غير حقيقية لكشف المتفجرات، ولا يواجه بالاتكاء على تنظيمات ميليشياوية لا تفعل شيئاً أكثر من إلقاء المزيد من الحطب على نار الكراهية الطائفية. بل يواجه بخطة متكاملة وستراتيجية تتضافر خلالها جميع مؤسسات الدولة، بدءا بالدبلوماسية الخارجية، مروراً بالاستخبارية وانتهاء بتلك المعنية بالسلم الأهلي.
هناك حاجة ماسّة لكسب المزيد من ولاء الطائفة التي يحتاج الإرهابي لغطائها، يحدث ذلك من خلال مؤسسات لا طائفية، لكن ما يحدث هو العكس، ولولا أن التنظيمات المتشددة غبية إلى درجة أنها دائما تثير مخاوف البيئة التي تحتاج إلى دعمها، لحدثت حربنا الطائفية الإقليمية منذ سنين.
فزّاعة لقتل الانتحاريين
[post-views]
نشر في: 21 يونيو, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 3
محمد
هناك حاجة ماسّة لكسب المزيد من ولاء الطائفة التي يحتاج الإرهابي لغطائها هذه الجمله كثيرا ما افكر بها واعتبرها مفتاح الحل لاكثر المشاكل لا ان نبتي لهم اعشاشا منها ينطلقون الى اعمالهم المشينه وهذا لا يحدث الا بارساء ميدأ العداله في كل شيء بالفعل لا بالك
ابو منتظر
انا اتعجب والله شجاعة الانتحاري لانه يتحدى الله عز وجل لان الله يخلق وهو يبيد. اقول (ايها المتفاني بقتل خلق الله ) اليس لك احباء ماهو شعورك وانت تراهم اشلاء ممزقين امام ناظريك ترى ما يكون حال الله وهو يرى عياله بهذي الحال هو خلقهم ليعيشو حياة حرة كريمه وا
رباض الحواس
لقد ان الاوان ان تبحث هذه الظاهره بشكل علمي من قبل ناس متخصصون ولا يعول على اجهزه رسميه قليلة الكفائه والخبره ..انا اقترح ان يكون هناك معهد دراسات متخصص يدعى اليه باحثين اكفاء من كافة الاختصاصات مع خبراء امنيين عراقيين واجانب مع منحهم كافة الصلاحيات والا