TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > فزّاعة لقتل الانتحاريين

فزّاعة لقتل الانتحاريين

نشر في: 21 يونيو, 2013: 10:01 م

هل حدث وان اكتشفتَ، وبسبب حادث ما، بأنك لم تكن تعرف الكثير عن موضوع لطالما اعتقدت بأنك تعرفه جيداً؟ هذا ما حصل معي يوم حدثني احد الزملاء عن تفاصيل التفجير الانتحاري الأخير في حي القاهرة، وهي تفاصيل لا اعرف لماذا أرعبتني مع أنني أعيشها يومياً؟!
قال، نقلاً عن ناجٍ كان يسير خلف الانتحاري بخطوات: بأن هذا الأخير تقدم من الحرس وقتله بمسدسه، ثم القى على جموع الطلبة الجامعيين "المُصَليّن" قنابل يدوية كان يحملها، ثم توسطهم بعد ذلك وصرخ (الله أكبر) وفجر نفسه.
تتابع الأحداث بهذا الشكل جعلني اندهش إلى درجة كبيرة؛ فأنْ تسمع بأن انتحارياً فجر نفسه بين الناس، دون أن تعرف التفاصيل، غير أن ينقل لك ناج من تلك "المقبرة" خطوات انتحاره. وهي خطوات تكشف الكثير من المعلومات الثمينة لمن يريد أن يدرس هذا الفعل الوحشي. خاصَّة من قبل المؤسسات الأمنية. وهي مؤسسات عاطلة مع الأسف.
إلقاء القنابل اليدوية بين الطلبة قبل تفجيرهم، فعل يحمل دلالات كثيرة، أقلها حجم الكره الذي يحمله هذا المنتحر للطائفة التي يدين بها هؤلاء!! فهو لا يريد أن يقتلهم ليوصل إلى طائفتهم رسالة ذات غايات سياسية، بل يريد أن يبيدهم عن آخرهم، وكل ما يمنعه [SD1] هو عدم قدرته على حمل المزيد من الأسلحة! القتل لأجل القتل فعل صادم، ويجب أن نتوقف عنده طويلاً، ونستخدمه لقراءة نوايا القاتل ومستقبلنا مع هذه النوايا.
شخصياً أصبحت أكثر يقيناً، بأننا أمام أبواب حرب إقليمية طائفية، وبأن هذه الحرب ستكون على شاكلة الحربين العالميتين، في الغايات والأهداف وتشكيلة المتحاربين، ومن ثم في النهاية المأساوية. وأصبحت أكثر يقيناً أيضاً، بأن مؤسساتنا الأمنية ليست أكثر من فزّاعة مهلهلة لا تكاد تخيف اضعف الإرهابيين، والمشكلة أن فزاعتنا يا أصدقائي غاية بعدم الشعور بالمسؤولية، أقصد أن الماسك بزمامها لم يشعر بالخجل إلى هذه اللحظة، ويقرر أن يفعل شيئاً، أبعد من استثمار دماء الضحايا في الحصول على مزيد من دعم طائفته، وهذا فعل يشعرني شخصيّاً بالخجل.
جيش من قبيل هذا الانتحاري لا يواجه بتكثيف السيطرات، ولا بأجهزة غير حقيقية لكشف المتفجرات، ولا يواجه بالاتكاء على تنظيمات ميليشياوية لا تفعل شيئاً أكثر من إلقاء المزيد من الحطب على نار الكراهية الطائفية. بل يواجه بخطة متكاملة وستراتيجية تتضافر خلالها جميع مؤسسات الدولة، بدءا بالدبلوماسية الخارجية، مروراً بالاستخبارية وانتهاء بتلك المعنية بالسلم الأهلي.
هناك حاجة ماسّة لكسب المزيد من ولاء الطائفة التي يحتاج الإرهابي لغطائها، يحدث ذلك من خلال مؤسسات لا طائفية، لكن ما يحدث هو العكس، ولولا أن التنظيمات المتشددة غبية إلى درجة أنها دائما تثير مخاوف البيئة التي تحتاج إلى دعمها، لحدثت حربنا الطائفية الإقليمية منذ سنين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. محمد

    هناك حاجة ماسّة لكسب المزيد من ولاء الطائفة التي يحتاج الإرهابي لغطائها هذه الجمله كثيرا ما افكر بها واعتبرها مفتاح الحل لاكثر المشاكل لا ان نبتي لهم اعشاشا منها ينطلقون الى اعمالهم المشينه وهذا لا يحدث الا بارساء ميدأ العداله في كل شيء بالفعل لا بالك

  2. ابو منتظر

    انا اتعجب والله شجاعة الانتحاري لانه يتحدى الله عز وجل لان الله يخلق وهو يبيد. اقول (ايها المتفاني بقتل خلق الله ) اليس لك احباء ماهو شعورك وانت تراهم اشلاء ممزقين امام ناظريك ترى ما يكون حال الله وهو يرى عياله بهذي الحال هو خلقهم ليعيشو حياة حرة كريمه وا

  3. رباض الحواس

    لقد ان الاوان ان تبحث هذه الظاهره بشكل علمي من قبل ناس متخصصون ولا يعول على اجهزه رسميه قليلة الكفائه والخبره ..انا اقترح ان يكون هناك معهد دراسات متخصص يدعى اليه باحثين اكفاء من كافة الاختصاصات مع خبراء امنيين عراقيين واجانب مع منحهم كافة الصلاحيات والا

يحدث الآن

(المدى) تنشر نص قرارات مجلس الوزراء

لغياب البدلاء.. الحكم ينهي مباراة القاسم والكهرباء بعد 17 دقيقة من انطلاقها

العراق يعطل الدوام الرسمي يوم الخميس المقبل

البيئة: العراق يتحرك دولياً لتمويل مشاريع التصحر ومواجهة التغير المناخي

التخطيط: قبول 14 براءة اختراع خلال تشرين الثاني وفق معايير دولية

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram