بضعة شباب خلّاقين، شجعان، روّاد، لم يجدوا وسيلة امضى، لمواجهة طغيان الإخوان المسلمين المصرّين على الانفراد بالسلطة وتدمير الدولة المصرية العميقة، سوى إطلاق مبادرة حملة "تمرّد" باعتماد، الورقة والقلم، والنزول الى الحواري والبيوت ومواجهة الناس في الشوارع والاسواق العامة والجامعات والحافلات وكل مساحة مضيئة لتواجد الناس، في كل المدن والمحافظات المصرية، لضم أصواتهم الى المطالبين برحيل الرئيس مرسي والدعوة لانتخابات جديدة. وسرعان ما تحولت المبادرة الشجاعة الخلاقة، الى حراك جماهيري، ربما لم تشهد مصر مثيلاً له، منذ حركة الوفد الجماهيرية قبل ما يقارب المائة عام، والتي تَشَكّلَ حزب الوفد على قاعدتها، ضد الاستعمار الانكليزي. ولم تشتط "تمرد" لتخلط الاوراق وتضيّع معالم الحملة ومضامينها على المواطن، كما لم تتحذلق في اسلوب حركتها وحراكها، لتنعزل في اطار "النخبة". فأصحاب المبادرة، خاطبوا الناس بلغة حياتهم اليومية ومراراتها، والقلق من التدهور المتسارع في مختلف مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية والاجتماعية، وبلغ هذا القلق حد الخوف من سقوط الدولة نفسها، بعد اقتراب احتمال ان تعلن إفلاسها. "وتمرد" التي نأت بنفسها عن اي انحياز ايديولوجي أو ديني أو مذهبي، وحاذرت من السقوط في شراك تصارع الأحزاب والجبهات وتراشقاتها، واختارت لنفسها مساحة تصبح هي ملتقى كل من يشاركها الهم في الوطن المصري ووجع شعبه وتوقه ومطالبه الاولية: عيش "خبز" وحرية وأمان وعدالة اجتماعية. من يتابع هذا الحراك العظيم لشباب مصر وهو يعبر عن عمق وعيه وطاقته التعبوية، وشجاعته في التحدي وتحمل المسؤولية، يزداد يقيناً بان الربيع العربي، كان وليد مبادرتهم وتضحياتهم، وتعرض "للاختطاف"، وسيتعافى من جديد لينفض عنه أوحال المختطفين، سواءً مع نجاح انتفاضة "تمرد" السلمية او لحظة انطلاق مظاهرة الثلاثين من الشهر الجاري او في سياقها ومجراها. ولابد لشبيبتنا من العراقيين الشجعان الذين يتحركون على قدر عزائمهم وظروفهم في تبني هموم ومطامح شعبهم، ان يتابعوا يومياً حراك "تمرد" شبيبة مصر الذي تحول الى حراكٍ جماهري تجاوز في الاستمارات الموقعة اكثر من خمسة عشر مليون مواطن. ولابد لهم ان يلاحظوا ملامح الحراك بمضامينها الشعبية وتنوعاتها، فقد استقطب الشيوخ والشباب، النساء والرجال، المسلمين والأقباط، وشمل المتعلم والأمي، الأرستقراطي والكادح الفقير، ولم يوفر التحرك اي مواطن، أينما كان بغض النظر عن هويته الفرعية وجنسه وولائه السياسي. لكن اهم ما ينبغي أن يشغل بال الشباب، وقوى المجتمع المدني والمنظمات الساعية لخلق بيئة وطنية يتشارك فيها الجميع، ان "تمرد" لم تعزل حراكها في المكاتب والميادين وشارع المتنبي، ولم تكتف بإظهار مطالبها وهواجسها في مواقع التواصل الاجتماعي، بل ذهبت الى الناس في منازلهم ومواقع عملهم ومسارات تحركهم، وأشركت في نشاطها، كل من شاركها الهم في الاسواق والمنتديات وتقاطع الشوارع والميادين، وتقاسمت الأدوار مع الجميع دون ان تهتم بالعناوين، او تدعي احتكار الادوار وتطالب باقرار الصدارة من الآخرين: لقد اطلقت الشرارة، واستحقت بذلك شرف المبادرة. ولابد من الملاحظة، ان شباب "تمرد" لم يبحثوا عن تمويل.!، بل جعلوا المواطنين حاضنتهم، واعتمدوا على دعمهم ومشاركتهم، سواء بمجرد التوقيع، او استنساخ ما يستطيع كل فرد ان يتبرع باستنساخه من الاستمارات..! "تمرد" واجهت الاتهامات التالية من اولياء السلطة وأزلامها وأدواتها: "فلول"، "خونة"، "ثورة مضادة"، "رتل خامس مدعوم من الخارج"، "كفار وملحدون"، "مخمورون"، "بلطجية"......لم ارصد اتهامهم "بالبعثيين"، ربما لأن "فلول" بالمصري، تعني ذلك..!
"تمرّد شباب مصر" كمثل وقدوة..!
[post-views]
نشر في: 21 يونيو, 2013: 10:01 م