TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > فتاوى الصراع في سوريا

فتاوى الصراع في سوريا

نشر في: 22 يونيو, 2013: 10:01 م

لابد من التأكيد بدايةً، أن الصراع في سوريا لم يبدأ طائفيا أو دينياً، كان في بدايته تعبيراً عن حاجات وطنية واجتماعية واقتصادية، وبدأ سلمياً لا يتجاوز التظاهرات، التي قد تهتف بشعارات تتجاوز السقوف، لكنه لم يكن عصياناً مسلحاً، ولم يرفع شعارات طائفية، لكنه حمل هذه الصبغة، حين انبرى عدد من المفتين، لدعوة السوريين ومعهم العرب والمسلمين إلى الجحيم، ومن بينهم المفتي السوري الرسمي حسون، الذي أفتى أن الجهاد دفاعاً عن النظام هو فرض عين، ليس على السوريين وحدهم، وإنّما على جميع المسلمين، وهو بذلك تجاوز انتقاداته السابقة لكل من دعا إلى الجهاد في سوريا وحمّله مسؤولية الدم المراق في بلاده، وهاجم مفتيي الخليج وكل مؤيدي المعارضة.
في المقابل تدفقت الفتاوى الطائفية، لدعوة المسلمين للجهاد في سوريا، وبلغ الأمر بالشيخ اليمني الزنداني، حدّ الإفتاء بوجوب الجهاد في سوريا، باعتبار أولويتها على فلسطين، وعلى أساس أنه في سوريا هو أوجب موجبات المسلمين في هذه الساعة، وفي القاهرة دعا مؤتمر "علماء الأمة" إلى وجوب الجهاد لنصرة سوريا بالنفس والمال والسلاح، معتبرين أن ما يجري في أرض الشام من حزب الله وإيران وروسيا والصين، هو إعلان حرب على الإسلام والمسلمين، "طبعاً على طائفة معينة منهم"، مطالبين الحكام العرب والمواطنين  بمقاطعة البضائع الإيرانية والروسية والصينة، وكل الدول التي تتعامل مع الأسد، وكأنّ في عالمنا العربي من يمتلك مثل هذا الترف، وهو يستورد معظم احتياجاته، بما فيها رغيفه اليومي، من خارج المنطقة، ومن دول تجد أن مصلحتها تقتضي التعامل مع النظام السوري، خصوصاً في ظل عدم توفر البديل.
الشيخ القطري المصري العابر للدول يوسف القرضاوي، وهو يترأس جمعية أنشأها بتمويل قطري، لتكون ذراعاً سياسياً للمشيخة التي تمتلك فقط مال النفط والغاز، لم يترك الفرصة السانحة، فأفتى بالجهاد طائفياً ضد الشيعة في سورية، وكانت لغة فتواه تحريضاً مباشراً على الكراهية، ودعوة صريحة لقتل المسلم باسم الدين والجهاد في سبيل الله، وجماعة الإخوان المسلمين في مصر والأردن والدول الخليجية، لم تتوانى عن الانخراط في دوّامة فتاوى التكفير والنفير، وهي تواصل صب النار على زيت فتاوى الكراهية والتحريض الطائفي، بزعم أنها تدافع عن أهل السنة في مواجهة التمدد الشيعي في المنطقة.
واضح أن تدفّق هذه الفتاوى يبث الرعب في المنطقة، حيث تتعدى الحروب الطائفية المؤسسة على مشاعر عدوانية حدود الجغرافيا، وتخلف آثارا مدمرة على أجيال المستقبل، ومعظم الفتاوى المعنيّة بالصراع في سوريا، تزيد العمى السياسي، حيث نرى دولاً تتاجر بدماء السوريين، ومن هؤلاء الذين يخشون إيران، فيعملون على ترحيل صراع مع شعوبهم، المقهورة والمظلومة والمسلوبة الحقوق إلى بلاد الشام، للخلاص من الجماعات الجهادية المؤرقة لهم ومن حزب الله في آن معاً، بالطبع وبعيداً عن أي أخلاق وقيم ومثل يدعو لها الدين، سيدفع السوريون الثمن من دمهم وعلى حساب مستقبل وطنهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram