TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > خارطة واضحة لبرلمان ٢٠١٤؟

خارطة واضحة لبرلمان ٢٠١٤؟

نشر في: 22 يونيو, 2013: 10:01 م

وسط الغموض الذي يحيط بمعظم ما في العراق والمنطقة، يمكننا القول اننا امتلكنا شيئا مهما واضحا، وهو اتجاهات الناخبين في الاقتراع البرلماني المقرر ابتداء من مطلع العام المقبل، أي بعد سبع شهور أو ثمانية. والوضوح الذي تحظى به انتخابات أول برلمان بعد رحيل أميركا، يستند إلى وضوح الخنادق السياسية إلى حد كبير، وكذلك إلى "استطلاع رأي" نادر حصل ويحصل هذه الأيام.
وعلى خلاف الديمقراطيات المستقرة لا توجد لدينا استطلاعات رأي كبيرة ويمكن الرضوخ لنتائجها، وفي وسع كل طرف في الغالب، ان يدفع رسما أو مكافأة لشركة أو مركز رصد ويحصل على الأرقام التي يريد ويشتهي. وفي احدى المرات كنت اتحدت مع سياسي معروف عن بعض استطلاعات الرأي التي نظمتها مؤسسة عراقية بالتعاون مع شريك أميركي، فقال السياسي هذا ان النتائج لا يمكن الوثوق بها، واعترف لي انه قام بنفسه بتغيير نتائج استطلاع قامت به مؤسسة رصينة، ونشر نسخة وحيدة ومحرفة منه في وسيلة إعلام "رصينة" أيضا. فبدل نسبة ٣٥ في المائة من التأييد "لا ضير" ان يسمع الجمهور بأن نسبة مؤيدي الحزب الفلاني ٤٥ في المائة، وهكذا!
لكن اقتراع مجالس المحافظات وتوقيته، يمثل افضل استطلاع رأي يمكن اللجوء اليه، وبهامش خطأ معقول، وبمشاركة ملايين العراقيين. وأهميته ان يسبق الاقتراع البرلماني ببضع شهور فقط، أي ان مخرجاته لن تتغير كثيرا، وبالعكس فالجمهور الذي سيعود الى صناديق الاقتراع ثانية، سيبدو اكثر وثوقا وأقل ترددا حيال وجهته، اذ انه قاس الأوزان والمعايير، وفهم توجهات بني جلدته، كما لاحظ التحول الدراماتيكي في بناء الحكومات المحلية وتابع ما رافقها من جدل وأهم القضايا التي تفصل بين خنادق المتنافسين.
انتخابات الشتاء المقبل اكثر وضوحا اليوم، بعد النتائج الأولية التي تظهر في نينوى والأنبار، حيث نجح المؤيدون للمطالب المشروعة في المظاهرات كما يبدو، في تحقيق تقدم واضح. اي ان قائمة متحدون حصلت على تأييد يوازي ما حصل عليه معسكر "شيعة ضد الحرب" الذي تحالفوا معه في اكثر من محافظة.
وبالتأكيد فان جزءا من النجاح الذي تحصل عليه متحدون كان مدفوعا بالتفاهم مع "معتدلي الشيعة" والحصول على منصب رئيس مجلس محافظة بغداد للمرة الأولى منذ عشر سنوات. ومدفوعا أيضا بقدرة متحدون، على وضع حد ادنى من التفاهم مع الأحزاب الكردية وهو امر ينطوي على قدر كبير من الأهمية يدركه الجمهور الباحث عن ضمانات سياسية بالدرجة الأولى في نينوى والأنبار المحاطتين بظروف استثنائية إداريا وأمنيا.
وهذا القدر من التفاهم يقدم العنصر الثاني من الوضوح في انتخابات ٢٠١٤. فاذا كان اقتراع مجالس المحافظات يتنبأ بالجانب العددي من نتائج انتخابات البرلمان، فان التفاهمات التي زرع نواتها محور "أربيل النجف" مارا بالمنطقة الغربية وضمن قضايا عدة، ستتولى التنبؤ بشكل صفقة "الحكومة الخامسة" التي تمثل الاستحقاق الأخطر داخليا وفي مستوى علاقاتنا بالملفات الإقليمية والدولية.
ولن ينحصر مفعول الحكومة المقبلة بشكل خاص في ولاية تشريعية واحدة للبرلمان والحكومة، بل سيعني تحديد شكل المسار الوطني لربع القرن المقبل. ذلك ان نجاح القوى السياسية في ترجمة التحولات التي شهدناها منذ ٢٠١١، الى قواعد عمل انضج تتبنى خيار المراجعة المتعقلة، سيعني اننا نضع أقدامنا على طريق تقدم واعد. وسيعني أننا صرنا "نبلغ الرشد" ولو ببطء. وأن من حقنا ان نحلم بولادة تقاليد جديدة وضمانات تفتح الباب على مدخل شرعي للدمقراطية المستقرة.
أما اذا لم تستفد القوى من كل هذا الوضوح العددي والسياسي، لصناعة تغيير مسؤول، وانزلقت نحو "أخطاء الدقيقة ٩٠" مفرطة بفرصة كبيرة للإنقاذ، فهذا ما سيدخلنا في دوامة اخطر من التخبط، وسيفتح الباب على الانهيارات التي تعم المنطقة بشكل لم يسبق له مثيل.
درجة الوضوح التي تضبط إيقاع حركتنا نحو الانتخابات القريبة، هي واحدة من الفرص النادرة لاستذكار كل الأخطاء السابقة، وتعديل جملة من المسارات. واذا تبددت هذه الفرصة فإنها لن تعود بسهولة. وربما لم تكن المسؤولية السياسية بالثقل والجسامة التي هي عليه اليوم، طيلة العقد المؤلم الذي انقضى. والفرح بما تحقق لن يكتمل الا باستعداد استثنائي لكل "مسرحيات الجنون" المتوقعة خلال ما تبقى من عمر هذه الحكومة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. قصي

    يعني نكدر نتفائل ونكول : باي باي نوري؟

  2. ayad

    ثق استاذ سرمد العراقي فقط يصنع المعجزات ويغير مسار الطريق الذي يروم الذهاب اليه ونحن لدينا كل الثقة بان المشاركة ستكون قوية الربيع القادم ( الشهر الثالث )

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram